الفرق بين الحزب والجمعية

الفرق بين الحزب والجمعية

ياسين بن علي

الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

الجمعية – حسب معجم اللغة العربية المعاصرة – “مصدر صناعيّ من جَمْع: طائفة تتألّف من أعضاء لغرض خاصّ وفكرة مشتركة”. وقد عرّف قانون الجمعيات العثماني (الصادر سنة 1909م) في مادته الأولى الجمعية بأنّها: “مجموع مؤلف من عدة أشخاص لتوحيد معلوماتهم أو مساعيهم بصورة دائمة ولغرض لا يقصد به اقتسام الربح”. وجاء في معجم القانون: “الجمعيات: تنظيم مستمر يتألف من عدة أشخاص طبيعية أو معنوية، لغرض غير الحصول على ربح مادي”.[1]

وجاء في قاموس السياسية: “جمعية، رابطة (Association): تعبير سياسي اجتماعي يطلق عامة على تجمع عدّة أشخاص للدفاع عن مصالحهم المشتركة أو تحقيق فكرة مشتركة ضمن حدود معيّنة وواضحة. ويتضمّن هذا المصطلح معنيين: واحدا عاما يدل على كل تجمّع إرادي ومستمر يتشكّل من عدة أشخاص مهما كان شكله أو موضوعه أو غايته. وآخر وهو معنى خاص وقانوني، ويدلّ على “الاتفاق الذي يتم بين شخصين أو عدة أشخاص يضعون بموجبه وبصورة مستمرة معارفهم ونشاطاتهم في خدمة هدف غير تقاسم الأرباح”. وقد أتى بهذا التحديد قانون الجمعيات الفرنسي الأساسي الصادر في أول تموز – يوليو 1901 الذي أراد استبعاد مبدأ الربح ومبدأ الشراكة في فهمه للجمعية”.[2]

وقد يعبّر عن الجمعية بمصطلح المؤسسة الاجتماعية الذي يطلق “على أية هيئة أو جماعة أو منظمة اجتماعية حكومية أو أهلية تنظم من خلالها الجهود للقيام بالخدمات الاجتماعية في مجال محدد أو في عدة مجالات اجتماعية. وتقوم المؤسسة بتنفيذ هذه الخدمات من خلال الجماعات المنظمة المتعاونة نظرا لأن مجهود الفرد يكون ضئيلا بالقياس إلى جهود الهيئات أو الجماعات المنظمة المتعاونة. وتعتبر مؤسسة اجتماعية، كل مؤسسة تنشأ في مجال يجمع كلّه أو بعضه بين الجمهور لمدة معيّنة أو غير معيّنة، سواء كانت هذه المؤسسة تقوم بأداء خدمة إنسانية أو علمية أو فنية أو صناعية أو زراعية أو رياضية أو لأي غرض آخر من أغراض البر أو النفع العام”.[3]

وتختلف الجمعيات باختلاف أعمالها وأنشطتها وأهدافها ومجالات اهتمامها؛ فهناك الجمعيات الخيرية، والجمعيات المهنية، والجمعيات القانونية، والجمعيات الرياضية، والجمعيات الثقافية، والجمعيات العلمية، والجمعيات النسائية، والجمعيات الزراعية، والجمعيات الفنّية وغير ذلك.

وقد عرّفت الجمعية الخيرية – حسب معجم اللغة العربية المعاصرة – بأنّها “جمعيّة غايتها القيام بمساعدة المحتاجين دون مقابل أو بمقابل زهيد”، أو هي منظمة “تجمع أموالها من الهيئات والتبرعات الخاصّة للإنفاق في وجوه البر المبينة في قانونها الأساسي”[4]، فهي اجتماع مجموعة من الأفراد من أجل مساعدة الآخرين.

وعرّفت الجمعية المهنية أو العمالية المعروفة بالنقابة (Syndicat) بأنّها: “جماعة تتكون من العمّال للنهوض بأحوالهم والدفاع عن مصالحهم أمام أصحاب العمل والسلطات المختصة”[5]، أو هي: “منظمة أو تجمّع يضمّ العمّال الذين يمارسون مهنة أو حرفة واحدة، أو الذين يباشرون عملا في مكان واحد، أو لحساب منشأة واحدة، بقصد الدفاع عن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية”[6]، أو هي: “جمعية تشكّل لأغراض المساومة الجماعية بشأن شروط الاستخدام ولرعاية مصالح اعضائها الاقتصادية والاجتماعية عن طريق الضغط على الحكومات والهيئات التشريعية والالتجاء إلى العمل السياسي في بعض حالات معينة”.[7]فهي تكتّل جماعة من أجل الدفاع عن حقوق العمّال.

والحزب لغة هو: “الجماعة تتحزب على الْأَمر أي تتعاون، وحزب الرجل الجماعة الّتِي تعينه فيقوى أمره بهم وهو من قَوْلك حزبني الْأَمر إِذا اشْتَدَّ عَليّ”، وأمّا اصطلاحا فهو: “تكتّل يقوم على فكرة، آمن أفراد بها، يراد إيجادها في المجتمع”.[8]  ويصدق وصف الحزب بالمعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي العام على بعض الجمعيات – كالنقابة – وفق تعريف الجمعية المذكور آنفا.

وأمّا الجمعيات السياسية التي تعنى بالسياسية وتمارس أنشطة سياسية فيصدق عليها وصف الحزب السياسي الذي هو مجموعة من الناس آمنت بفكرة، كلّية أو جزئية، تجسّدت فيهم، وسعوا إلى أن تتجسّد في المجتمع أي سعوا إلى إيجادها في الحياة والدولة بالعمل السياسي؛ ولهذا، فإنّ الحقّ في تأسيس الأحزاب في كثير من الدول (كفرنسا ولبنان والبحرين) يدخل ضمن قانون الجمعيات. وقد عرّف قانون الجمعيات السياسية البحريني الجمعية السياسية بأنّها: “كل جماعة منظمة، تؤسس طبقا لأحكام هذا القانون، وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة، وتعمل بصورة علنية بوسائل سياسية ديمقراطية مشروعة، بقصد المشاركة في الحياة السياسية، لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمملكة البحرين. ولا تعتبر جمعية سياسية كل جمعية أو جماعة تقوم على محض أغراض دينية أو علمية أو اجتماعية أو ثقافية أو رياضية أو مهنية”.

ومع أنّ لفظ الجمعية يعتبر من الألفاظ المرادفة للحزب، إلّا أنّ هناك جملة من الفروق بينهما يمكن إجمالها في النقاط التالية:

1) لفظ الجمعية أعمّ من لفظ الحزب الذي يطلق في العصر الحديث على جماعة مخصوصة تعنى بالشأن السياسي وتتقصّد المشاركة في العمل السياسي حكما أو معارضة.

2) أهداف الحزب متعلّقة بالمجتمع ككل، واهتمامه أعمّ وأشمل من الجمعية التي عادة ما تكون أهدافها محصورة في مجالات محدّدة أو فئات محدّدة مرتبطة بميول المنخرطين فيها كالدفاع عن حقوق العمّال أو القيام بأعمال خيرية أو الإشراف على مشاريع علمية.

3) تنظيم الحزب أكثر دقّة من تنظيم الجمعية من ناحية بنيوية هيكلية، ومن ناحية تكتلية وإدارية.

4) الانتماء للحزب أكثر تعقيدا من الانتماء للجمعية التي عادة ما تكون منفتحة لضمّ وتكتيل المنخرطين أو الأعضاء بغضّ النظر عن توجهاتهم الأيديولوجية وميولاتهم الفكرية.

[1] ص80

[2] ج2 ص81

[3] نقلا عن علم اجتماع التنظيم، للدكتور طلعت إبراهيم لطفي، ص53

[4]معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، ص57

[5] السابق، ص435

[6] معجم القانون، ص397

[7] موسوعة السياسة، ج6 ص604

[8] ينظر: “التكتل الحزبي” للشيخ تقي الدّين النّبهاني، ص37-38

CATEGORIES
TAGS
Share This