أرقام مفزعة عن الطلاق والإجهاض في تونس
“أصبحت تونس الأولى عربيًا والرابعة عالميًا في أعلى معدلات الطلاق بواقع 41 حالة يوميًا، وفقًا لبيانات وزارة العدل. وبحسب التقرير، الذي نشرته وكالة آفي الإسبانية، فقد تم تسجيل 15 ألفًا و892 حالة خلال العام الماضي، في دولة يبلغ تعداد سكانها نحو 11 مليون نسمة، أي بمعدل ألف و284 شهريًا. ويأتي الكشف عن التقرير بعد أسبوعين من دراسة مماثلة للمكتب الوطني للأسرة والسكان يقدر حالات الإجهاض السنوي في تونس بأكثر من 16 ألفا سنويًا. ووفقًا للدراسة، فإن 80% من حالات الإجهاض لنساء متزوجات والبقية لفتيات عازبات، وتجري ربع حالات الإجهاض بشكل غير قانوني أي بدون تدخل طبيب” (بوابة أفريقيا الإخبارية بتاريخ 14/09/2017م).
أرقام مفزعة تدلّ على تآكل نسيج المجتمع بفساد نواته الأولى وهي الأسرة. وأرقام مفزعة عن الإجهاض تدلّ على انتشار الزنا والانحلال الخلقي في المجتمع. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ وَيَثْبُتَ الجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا” (رواه البخاري ومسلم). وعن أبي هريرة عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سِنُونَ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ» قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: «السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ» قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، قَالَ: «وَتَشِيعُ فِيهَا الْفَاحِشَةُ» (رواه الحاكم).
فمن المسؤول عن كل هذا؟ هل يعتبر تحقيق الأرقام القياسية العربية والعالمية في نسب الطلاق من مفاخر مجلة الأحوال الشخصية التي يفتخر بها الساسة في بلدنا؟ وهل يعتبر اقدام العازبات على الإجهاض وئدا للأطفال غير الشرعيين مظهرا من مظاهر الحداثة والتقدّم؟ أليست هذه الأرقام المفزعة من أدلة فشل المنظومة التي أسس عليها المجتمع الحداثي كما يزعمون، فمن يتحمل فشلها؟
ألا تدل أرقام الطلاق المفزعة المحطمة للأرقام القياسية عن فشل مجلة الأحوال الشخصية، والمفاهيم الحداثية المنظمة للعلاقة الزوجية؟ ألم يكن القصد من وضع مجلة الأحوال الشخصية وتقنين الطلاق هو تعسير الطلاق وتعقيده والتحكّم القضائي في العلاقة بين الزوجين حفاظا على الأسرة كما قالوا وزعموا، فأين الواقع من هذا المقصد؟
إن القوانين الوضعية قوانين تجريبية، بمعنى أنها لا تحمل صفة الصواب والحقّ في ذاتها بل في نتائجها وتطبيقاتها؛ إذ يقف المرء على صحة المعالجة من خلال النتيجة والنظر في تحقيق الهدف أو المقصد بعد التطبيق، فإذا درس الواقع وبحثت النتائج وتبيّن فساد القانون من خلال سوء نتيجته وعدم تحقيق هدفه، فمن الواجب أن ينظر فيه لإلغائه وتبديله أو على الأقلّ لتحويره وتعديله. هكذا تفعل الأمم المتقدّمة التي أقامت نظم حياتها على القوانين الوضعية، فلماذا تصرّ الطبقة العلمانية المثقفة والسياسية في بلادنا على عدم مراجعة قوانينها الوضعية ومنها مجلة الأحوال الشخصية رغم وضوح فشلها ونتائجها الكارثية على المجتمع؟ فهل أصبحت المجلة مقدّسة لا تقبل التأويل والتبديل والتغيير والتحوير أم أنّها صنعت للإفساد وتدمير الأسرة فتكون بذلك قد حقّقت أهدافها ومقاصدها؟
عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ، وَمأْجُوجَ مِثْلُ هَذَا، وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ، وَبِالَّتِي تَلِيهَا» فَقَالَتْ زَيْنَبُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ». قال القرطبي في تفسيره: ” كثرة الخبث ظهور الزنا وأولاد الزنا; كذا فسره العلماء”. وقال ابن عبد البر في الاستذكار: “والخبث في هذا الحديث عند أاهل العلم أولاد الزنى وإن كانت اللفظة محتملة لذلك ولغيره”.
ياسين بن علي