أقسام الدول حسب موقعها في الموقف الدولي

أقسام الدول حسب موقعها في الموقف الدولي

قسّمت الدول من حيث وضعها الدولي وقدرتها على ممارسة سيادتها إلى قسمين: “الدولة تامة السيادة: هي التي لا تخضع في شؤونها الداخلية والخارجية لرقابة أو هيمنة من دولة أخرى، وبعبارة أخرى هي الدولة المستقلة تماما في إدارة شؤونها الداخلية والخارجية… أما الدولة ناقصة السيادة فهي التي تخضع في مباشرة شؤونها الداخلية والخارجية أو في بعض هذه الشؤون لسلطان دولة أجنبية”.

ومن أمثلة الدول ناقصة السيادة يذكر مثل “الدولة التابعة”، وهو “مصطلح سياسي يشير إلى الدولة التي تعتبر مستقلة سياسيا، ولكنها تقع تحت تأثير سياسي واقتصادي وعسكري هائل أو تحت سيطرة دولة أخرى، وقد تمّت صياغة هذه المصطلح قياسا على الأجرام التي تدور حول أجرام أكبر، مثل الأقمار الصغيرة التي تدور حول الكواكب الكبيرة، ويستخدم المصطلح غالبا للإشارة إلى بلدان وسط وشرق أوروبا التي كانت منضمة لحلف وارسو خلال الحرب الباردة أو إلى منغوليا بين 1924-1990، على سبيل المثال. والمعنى المقصود بالنسبة لبلدان وسط وشرق أوروبا هو أن تلك البلدان هي “أقمار صناعية” تدور في فلك الاتحاد السوفيتي. وفي بعض السياقات يشير المصطلح أيضا إلى بلدان أخرى في مجال النفوذ السوفيتي خلال الحرب الباردة، كما هو الحال بالنسبة لكوريا الشمالية (خصوصا في سنوات الحرب الكورية) وكوبا (خصوصا بعد انضمامها إلى الكوميكون). وفي الاستخدام الغربي للمصطلح، نادرا ما كان المصطلح ينطبق على دول أخرى غير تلك الموجودة في المدار السوفيتي. أما في الاستخدام السوفيتي، فينطبق هذا المصطلح على الدول التي تدور في فلك ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية”. ويقسّم أورجانسكي (A. F. K. Organski) الدول وفق منهج الواقعية بناء على القوة والتأثير أو “بمقياس القوة والسلوك الدائم للسلم الدولي أو المضاد له إلى الفئات التالية:

  1. فئة الدول القوية القانعة

  2. فئة الدول القوية غير القانعة

  3. فئة الدول الضعيفة القانعة

  4. فئة الدول الضعيفة غير القانعة”.

وكلّ هذه التقسيمات لها وجهة نظر معتبرة من زاوية نظر معيّنة، إلّا أنّ التقسيم الذي نميل إليه من زاوية نظرنا، هو أنّ الدول من حيث موقعها في الموقف الدولي أي موقعها في هيكل العلاقات القائمة بين الدولة الفاعلة في المسرح الدولي، ومن حيث نشاط سياستها الخارجية لتحقيق أهدافها القومية/الوطنية، وطبيعة علاقاتها الدولية، ومدى تأثيرها في المسرح السياسي الإقليمي والعالمي، تنقسم إلى ثلاثة أقسام: دول مستقلّة، ودول تابعة، ودول فلك.

فالدولة المستقلّة هي الدولة التي تمتلك قراراها وسيادتها فتتصرّف في سياستها الخارجية (والداخلية) كما تشاء حسب مصلحتها، ويمكن تقسيم الدول في هذا القسم إلى دولة أولى صاحبة الكلمة العليا في الموقف الدولي (أمريكا) ودول مزاحمة لها أو مؤثّرة (بريطانيا/فرنسا/روسيا)، أو يمكن تقسيمها وفق فئات أورجانسكي إلى فئتين: فئة الدول القوية القانعة (PowerfulandSatisfied) وفئة الدول القوية غير القانعة (PowerfulandDissatisfied)، أو يمكن تقسيمها إلى قوّتين: القوة العظمى (Superpower) والقوة الكبرى (Great Power).

وأمّا الدولة التابعة Dependent State (ويمكن اعتبارها وفق تقسيم أورجانسكي ضمن فئة الدول الضعيفة القانعة Weak and Satisfied) فهي الدولة التي تخضع في سياستها الخارجية (والداخلية) إلى دولة أخرى فتكون مرتبطة بها ارتباطا كلّيا، فتنفّذ مشاريع المتبوع وتسعى إلى تحقيق مصالحه بغض النظر عن مصالحها، كمصر والسعودية وتونس…

وأمّا دولة الفلك أو الدولة التي في الفلك، تشبيها لها بالجرم السابح في مدار معيّن (كتركيا وإيران في الفلك الأمريكي)، فهي الدولة التي ترتبط في سياستها الخارجية بدولة أخرى (عظمى أو كبرى) قوية ومؤثرة في الموقف الدولي ارتباط مصلحة لا تبعية. ويمكن اعتبار هذه الدولة وفق تقسيم أورجانسكي ضمن فئة الدول الضعيفة غير القانعة Weak and Dissatisfied أو يمكن التعبير عنها بالنظر إلى قوتها بالقوة الوسطى (Middle Power). فهذه الدولة تعتبر ضعيفة مقارنة بالدول القوّية، وتعتبر قوّية مقارنة بالدول الضعيفة الواقعة في إقليمها أو في جوارها (مع الأخذ بعين الاعتبار نسبية مفهوم الضعف والقوّة)؛ وهي دولة لها شخصيتها، ولها مشروعها، ولها مقّومات النمو، وليست راضية عن موقعها، وتطمح إلى امتلاك المزيد من أسباب القوّة، وتريد أن تكون فاعلة ومؤثّرة إقليميا أو دوليا لغرض ما، ولهذا فهي تسير في فلك دولة قوّية مؤثرة في الموقف الدولي لتحقيق مصلحتها.

ياسين بن علي

CATEGORIES
TAGS
Share This