أمير قطر في الأردن وتونس والجزائر؛ ما وراء ذلك؟

أمير قطر في الأردن وتونس والجزائر؛ ما وراء ذلك؟

الخبر:

قام أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني بزيارة رسمية للجزائر يوم 2020/2/25 والتقى برئيسها عبد المجيد تبون. وأكد الرئيس الجزائري بقوله “هناك توافق تام بين البلدين حول كل النقاط التي طرحت أثناء المحادثات سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو جهوية تتعلق بالقضايا الخاصة بالعالم العربي وتلك المتعلقة بالشأن الدولي”. وذلك بعد زيارته لتونس قبل يوم ولقائه رئيسها قيس بن سعيّد، والذي قال: “إن هناك تطابقا في وجهات النظر بين تونس وقطر” وأشار إلى دعم قطر لتونس حيث تتصدر قطر الدول المستثمرة في تونس عربيا من حيث تدفق الاستثمارات نحو تونس عام 2019. وقبل ذلك بيومين قام أمير قطر بزيارة للأردن واجتمع مع حاكمها عبد الله الثاني. وذكر في تغريدة له على تويتر أن “زيارته للأردن ستعزز مسيرة العمل العربي المشترك ومصالح شعوب المنطقة المتطلعة إلى تعزيز التكاتف لمواجهة التحديات التي تحيط بالجميع”. وغطى هدفه الرئيس بقوله إن قطر ستوفر 10 آلاف فرصة عمل للمواطنين الأردنيين لتضاف إلى 10 آلاف وظيفة وفرتها قطر سابقا، كما وافقت قطر على دعم صندوق التقاعد العسكري الأردني بمبلغ 30 مليون دينار. وأكد حاكما البلدين على “دعم حل الدولتين”.

التعليق:

إن قطر تقوم بدور أكبر من حجمها بكثير، وجاء ذلك بفضل الوفرة المالية لديها، ولا ينكر أحد أن تحركها يصب في مصلحة الدول الاستعمارية. وهي مستعمرة إنجليزية قديمة تخدم الاستعمار البريطاني، نصّبت بريطانيا عائلة آل ثاني عليها ليتوارثوا الحكم فيها مقابل أن يخدموها وينفذوا سياساتها. ولهذا السبب ربطت هذه العائلة مصيرها بالإنجليز، كما هي العائلات الحاكمة في دول الخليج. رغم أن في قطر أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، تنطلق منها الطائرات الأمريكية فتشن غاراتها في المنطقة من أفغانستان إلى العراق إلى سوريا فتقتل أبناء المسلمين في هذه البلاد عدوانا وظلما. وقد قبلت قطر بإقامة هذه القاعدة بناء على إيعاز إنجليزي حتى لا تتسلط أمريكا على الحكم فتسقط العائلة الحاكمة وتأتي بعملائها وتفعل ما تشاء بواسطتهم ومن ثم تقيم فيها أكبر قاعدة عسكرية. فرجحت بريطانيا الضعيفة أمام أمريكا أن يبقى حكام قطر تابعين لها على أن تقام قاعدة عسكرية أمريكية حتى ترضى أمريكا وإلا ستخسر كل شيء. وبهذا الشكل تقوم قطر وتلعب الأدوار القذرة التي توكلها لها بريطانيا وهي في مأمن من أمريكا.

ومن هنا جاء هذا التحرك الأخير لها نحو الأردن وتونس والجزائر، وهذه الدول تتبع السياسة الإنجليزية، فتريد قطر أن تدعم هذه الدول التابعة لحساب بريطانيا وأن تعمل معها في المنطقة لحساب السياسة البريطانية. فالأردن ملكها ضابط بريطاني سابق كما ذكر، وعين ملكا عليها قبل هلاك والده عميل بريطانيا العريق. ووضع الأردن متزعزع جدا من الناحيتين السياسية والاقتصادية، فرغم أنه يراضي أمريكا حسب إيعازات بريطانيا له وقد فتح لها قواعد عسكرية وشارك في حلفها الدولي ضد الإسلام وأهله، إلا أن بريطانيا متوجسة جدا من سقوط الأردن في أيدي أمريكا، وأهله ناقمون على النظام الذي لا يقوم برعايتهم ولا ينصفهم ولا يرفع من شأنهم ويحسن أوضاعهم وينهض ببلدهم، وهو نظام خادم لكيان يهود متخاذل أمامهم رغم كل ما يفعلونه في فلسطين، والأوضاع الاقتصادية فيه صعبة جدا لسرقات الملك وحاشيته ولعدم وجود نهضة في البلاد، فالفساد متفش فيه كباقي دول المنطقة. فالبلد قابل للاشتعال في أي لحظة. فيجيء أمير قطر ليدعم قرينه في العمالة ويؤكدا على حل الدولتين، أي الإقرار ليهود باغتصابهم لنحو 80% من فلسطين مقابل إقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة مهمتها الأصلية حماية كيان يهود كما هي عليه السلطة الفلسطينية حاليا.

وأما تونس والجزائر فهما بلدان يعانيان من اضطرابات سياسية واقتصادية، والثورة فيهما لم تتوقف، فتريد بريطانيا أن تدعم النظامين التابعين لها سياسيا واقتصاديا بواسطة قطر. وخاصة أن هناك أزمة ليبيا تؤثر عليهما، وقد تدخلت فيها قطر لحساب بريطانيا منذ بداية الثورة ضد القذافي حتى تحافظ على نفوذها وتحول دون نجاح الثورة وعودة الإسلام إلى الحكم، ولهذا وقفت وراء كل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة تشتري الذمم، وقد اعترف مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي بذلك، وهي تقف الآن كما تقف تونس والجزائر وراء حكومة السرّاج التابعة لبريطانيا. وهذه الدول الثلاث ومن ورائها بريطانيا خائفة من نجاح حفتر عميل أمريكا في السيطرة على الحكم، وقد تقدم عسكريا حتى أصبح على بعد عدة كيلو مترات من وسط العاصمة طرابلس بعدما سيطر على شرق وجنوب ليبيا بدعم أمريكا وعملائها مصر والسعودية والسودان وخادمتها روسيا وألاعيب رجلها أردوغان.

فالصراع الإنجلو أمريكي ما زال محتدما في المنطقة. فبريطانيا لضعف قواها نسبيا تعتمد على العملاء وتجعلهم يدعمون بعضهم بعضا، فهم أدواتها في صراعها مع أمريكا على النفوذ والاستعمار، فلا تستطيع بريطانيا أن تواجه أمريكا مباشرة، فهي تعمل ضدها في الخفاء وعن طريق العملاء وإثارة الدول الأخرى عليها والتشويش عليها بقدر ما أمكنها بجانب الاندساس بجانبها والتدخل معها لتحقق بعض المصالح، وقد خطت لها هذه السياسة بعدما تلقت صفعة قوية من أمريكا عقب حرب السويس عام 1956.

وأما أمريكا لعظم قواها وإمكانياتها، فهي تتدخل وتأمر وتنهى مباشرة، وتقيم القواعد العسكرية وترسل الجيوش إلى كل مكان فتشن عدوانها على كل من يتمرد عليها أو يواجهها أو يقاومها، فهي متغطرسة غير عابئة بأحد، وقد أصابها الغرور الذي سيرديها ويسقطها، ولديها عملاء في المنطقة يتحركون معها مباشرة، وحتى عملاء الإنجليز كثيرا ما ينضوون تحت تحالفاتها ويسيرون وراءها ويفتحون لها القواعد العسكرية خوفا منها ووقاية من شرها كما تفعل سيدتهم بريطانيا. علما أن بريطانيا كأمريكا شر سواء بسواء، ولكنهم رجحوا السير مع هذا الشر وارتبطوا به، لأنها أوصلتهم إلى الحكم وتحافظ على كراسيهم المعوجة، وإلا لما تمكنوا من الوصول إلى الحكم والبقاء فيه.

وهكذا تبقى بلادنا في دوامة الصراع بين الدول المستعمرة التي لا تعرف أية إنسانية ولا أخلاق ولا دين، فلا تعرف إلا مصالحها، فهي مادية منفعية بحتة، وهي مستعدة أن تدمر بعضها بعضا ولو كانوا على مبدئها ودينها كما حدث في الحرب العالمية الثانية فدمروا بلاد بعضهم وقتلوا بعضهم بعضا، فذهب ضحية صراعهم نحو 60 مليونا من أبنائهم، وحروبهم الاستعمارية القديمة بين بعضهم بعضا مشهورة. فهذا حالهم وهم كلهم نصارى رأسماليون علمانيون وديمقراطيون! فكيف إذا كان الطرف الآخر عدوهم والبلاد غير بلادهم كالبلاد الإسلامية وأهلها مسلمون؟! فهم مستعدون أن يدمروها ويسحقوا شعوبها ويقتلوا أبناءها وهم يتصارعون بينهم على النفوذ والمصالح فيها، بجانب خططهم للقضاء على أي تحرك للأمة الإسلامية للتحرر من ربقة استعمارهم وللنهضة ولإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وهي قضية الأمة المصيرية.

ومن هنا كان من أوجب الواجبات توعية الأمة على هذا الواقع المرير وتوجيهها نحو الصراع مع هذه الدول الاستعمارية وأدواتها الأنظمة والعملاء، والعمل على قلع هذه الأنظمة من جذورها وليس تغيير الحكام العملاء ورموز الفساد فقط، وإنما قلع كل ما يمت للاستعمار من أفكار ودساتير وأنظمة وسياسات وأوساط سياسية، ونبذ كل الأحزاب والدعوات المروجة لفكر المستعمر من علمانية وديمقراطية وقومية ووطنية واشتراكية وليبرالية ونبذ كل مشاريعه وحلوله الاقتصادية والسياسية وإغلاق قواعده العسكرية وطرد جنوده. وبجانب ذلك العمل على نشر الفكر الإسلامي النقي والمفاهيم السياسية الصحيحة وتقوية الثقة في العاملين المخلصين للإسلام النقي والقاطعين لكل صلة تمت للاستعمار وأفكاره وسياساته وعملائه وتأكيد القضية المصيرية للأمة والعمل لها بكل إخلاص وصدق حتى يتحقق وعد الله سبحانه وبشارة رسوله e.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أسعد منصور

على الرابط التالي: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/radio-broadcast/news-comment/66202.html

CATEGORIES
TAGS
Share This