أنين بلد الزيتونة زمن العبث الديمقراطي

أنين بلد الزيتونة زمن العبث الديمقراطي

في بلد الزيتونة يا سادة، سفيرة ترقص هنا وسفير يمرح هناك، وكؤوس الخمر تقرع في الليل بين من يدّعون في النهار حب الوطن. في بلد الزيتونة يا سادة، أمور تدبّر بليل، أمام كلاب الحراسة، بين مرتزقة الإعلام وكلاب السياسة. صفقات مغشوشة مفضوحة وتوافقات مجموعة مطروحة، وظلمات من الفساد بعضها فوق بعض، تردي الحليم حيرانا وتزيد المشهد حلكة وقتامة.

في هذا الوطن المستباح، تستأسد طغمة الراكعين أمام أسيادهم على هذا الشعب الأعزل، فيتحول عبيد البترودولار إلى أسياد مبجلين، يصولون ويجولون على إيقاع سمفونية الرأسمالية المتوحشة، والشعب يندب حظه بحثا عن قوت يومه الذي تتحكم في مصادره مؤسسات النهب الدولي، ويتابع باستياء صولاتهم وجولاتهم بين سحرة فرعون هذا الزمان من وسائل الإعلام التي تحركها نفس الأوركسترا. رجولتهم دياثة وسياستهم نجاسة وشعارهم في ذلك: نخون البلاد كما لم يخنها أحد، صباحا مساء وقبل الصباح وبعد المساء ويوم الأحد.

معزوفة القضايا المفتعلة ملأت أسطوانتهم المشروخة وأضجرت قلوبا وأفئدة مجروحة. إرهاب بإرهاب، واغتيال باغتيال، ووعد ووعيد لا يخطر على البال لمن يعمل بل يفكر في تغيير هذا الحال. لا نملك غازا أو نفطا ولا تمرا أو مِلْحًا، بل نملك معها أبواقا تُكرّر هذا الدّجل ليلا وصبحا.

فليهنئ الوزراء وليمرح السفراء ولتُعبد الشياطين ولتعلو راية الكفر والإلحاد في بلد الزيتونة أو هكذا يسرّون حينا ويعلنون أحيانا، فيرفع الآذان في سهرات المجون وينشر في الناس عري لا يطاله قانون. ثم لا يستحون فيضيفون: فليزداد فساد هذه النخبة، ويقهر هذا الشعب قهرا، وليحج القبوريّون إلى صنم “المجاهد الأكبر” وليخضع الجميع إلى أوامر “المسؤول الأكبر” بل “الماسون الأكبر”.

الديمقراطية المنشودة لبلد الزيتونة، هي عنوان لسمفونية القنابل العنقودية والأسلحة الكيمياوية، لم يكفها تدمير العراق وأفغانستان، لتلقي بظلها على بلاد الشام، أين حلّ على القوم جمع من “نخبتنا”، يخطبون ودّ ديمقراطية جزار الشام، وينشدونها إلى أهلنا في تونس من أجل مزيد سلخهم، ولو على حساب أمّة ودين، بل خير أمّة وأعظم دين. إسلام، من أجله يستشهد الأبطال بعد رفع السبّابة، وديمقراطية من أجلها يستعد الأنذال لركوب الدبّابة، بل خوض حرب بالنيابة.

أتون حرب لا تبقي ولا تذر، تلك التي أرادها الغرب مذ مزّق جسد الأمة الإسلامية، وأسقط الخلافة العثمانية، وأدار وجهه لنا فقال: يا ويحكم إن رفضتم الديمقراطية.

قلنا لكم أن إكرام الميت دفنه، فسارعوا بدفن الديمقراطية، ولكنكم أبيتم أن تصارحوا أنفسكم بأنها ولدت ميّتة من رحم التاريخ، وها قد أزكمت رائحتها أنوف البشرية جمعاء، فصاروا يبحثون عن بديل ينشر الرحمة والعدل في ربوع الأرض، فماذا أنتم فاعلون؟

لا شرقية ولا غربية، ولا صناعة أجنبية، بل خلافة ربانية وإن غابت عن ذهن الصديق أو حاربها العدو، هي مبعث عزنا ومحررة أرضنا من اضطهاد الديمقراطية، وهي المجسدة لمبدأ الإسلام العظيم بإذن الله، هذا الإسلام الذي أرادوا أن يخسفوا به الأرض في بلد عقبة بن نافع في غزوة صليبية حاقدة ركبت موجة الثورة من أجل نشر الديمقراطية الفاجرة، ولكن ليسمع العالم أجمع أن إسلامنا لم يمت حتى يظنّ أحدهم أننا مغلوبون، بل سيبقى حيّا في قلوب المسلمين مادام في الأمّة من يعبد الله لا يشرك به شيئا.

ألا وإن للثورة أنفاس لن يهنئ أصحابها إلا بنصر مكين متين، ألا وإن في الأمة حزب عاهد الله أن يعمل على إقامة هذا الدين، ألا وإن للأمة ومن يقودها بصدق ووعي رب حليم كريم، فإن النصر حليف المؤمنين ولو بعد حين، فاستبشر يا بلد الزيتونة فإنه لن يطول بإذن الله ليل الأنين…

وسام الأطرش

CATEGORIES
TAGS
Share This