إلى متى الصمت؟!
عشرات المجازر وهجمات بـ”الغازات السامة”… 3 أشهر مفزعة عاشتها “الغوطة الشرقية” ولا تزار.. قصف, قتل, تشريد.. وما هو الجديد؟ فعلى مدى سبع سنوات ومنذ بداية الثورة السورية سارع المجرم بشار بسفك دماء المسلمين في سوريا، ومع إصرار أهل الشام على المضي قدماً في ثورتهم من أجل إسقاط النظام الفاسد الظالم، ازداد بشار إجراما ووحشية ولم يتوان في استخدام الأسلحة الثقيلة لقمع الثورة والقضاء عليها.
ومع ذلك صمد أهل الشام وصبروا ولا زالوا؛ فثورتهم لم تكن من أجل تحسين ظروفهم المعيشية ولا من أجل تغيير رئيس مجرم بآخر، بل كانت ثورةً من أجل الله وتحكيم شرعه، وهذا ما أفزع أمريكا الكافرة، فسارعت لنجدة نظامها الرأسمالي الاستعماري المطبق في سوريا وفي كل بلاد المسلمين. أمدت أمريكا بشار بكل ما يساعده في الحفاظ على النظام، وأعطته الضوء الأخضر ليستمر في قتل أهل سوريا، فزاد في استخدام أشد الأسلحة فتكاً وتدميرا. ولكن أهل الشام بقوا صامدين صابرين، كيف لا، وحناجرهم لم تتوقف عن الهتاف بأن ثورتهم لله وليست للسلطة ولا للجاه.
مع هذا الصمود الأسطوري للشعب السوري أمام جبروت وإجرام بشار، أوعزت أمريكا لإيران ولمليشياتها لتكون عوناً له في القضاء على من تجرؤوا على النظام العلماني ويريدون استبدال نظام الإسلام به. وأوعزت إلى حلفائها وأتباعها روسيا وتركيا والسعودية وقطر لتشارك في حربها ضد ثورة الشام.
وإذا كانت أمريكا قد نجحت بشراء ولاءات بعض الفصائل المقاتلة، التي خضعت وذلت نفسها للمال السياسي المسموم، وسقطت في مستنقع المفاوضات والهدن، التي جعلتهم عبيدا لأمريكا وأتباعها، بعد أن حققوا انتصارات عظيمة، باعوها بثمن بخس، فإذا كانت أمريكا قد نجحت بذلك، إلا أن أهل الشام لا زالوا صامدين ثابتين على مطلبهم وهو إسقاط النظام وتحكيم شرع الله.
سبع سنوات مرت على ثورة الشام، رأى أهلها ما يشيب لهوله الولدان، وتقشعر له الأبدان. لم يُبق بشار ومن خلفه أمريكا وحلفاؤها وعملاؤها حجراً على حجر، وأصبحت الدماء تسيل أنهارا!
اكتفت وسائل الإعلام في بلاد المسلمين بنقل أخبار ثورة الشام، وذكر عدد الضحايا والخسائر المادية، من غير أن تعلق أو توجه المتلقين المسلمين لحقيقة ما يجري في سوريا. حتى الإعلام المؤيد للثورة السورية، لا يعكس حقيقة ما يجري على أرض الشام!
فالخبر أعلاه عن عدد المجازر والهجمات بالغازات السامة على المسلمين في سوريا، يحتم على الإعلام في بلاد المسلمين، لو كانت تهمه قضايا المسلمين، أن يُسخر كل طاقاته وإمكانياته من أجل فضح النظام السوري وروسيا وكل من يلقي قنابل حقده وإجرامه على المسلمين في سوريا. ولكن ولأن الإعلام العربي بكافة أنواعه؛ المرئي والمسموع والمقروء تتحكم به الأنظمة الحاكمة العميلة لأمريكا وأوروبا، نراه متواطئاً مع أعداء الإسلام وثورة الشام. فأعداء ثورة الشام لا يريدون لها أن تنتصر، والغرب الكافر المستعمر يسخر الإعلام العربي والغربي للترويج للحلول السياسية الاستعمارية التي يريدون فرضها على أهل الشام.
تكالبت مِلَلُ الكفر جميعها على سوريا وأهلها، والمسلمون لا حسَّ لهم ولا خبر! فما هذا الصمت؟! نعم لا يخلو بلد مسلم من ويلات ومآسٍ وحروب، ولكن أليس ذلك يدفعنا إلى أن نسأل لماذا تشن هذه الحروب الشرسة على بلاد المسلمين فقط؟ ولماذا الدم المسلم رخيص إلى هذا الحد؟!
ألا يقرأ المسلمون القرآن الكريم؟ قال تعالى: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32] هذه الآية تحرم قتل النفس البشرية، فكيف بقتل المسلم؟! قال تعالى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 93]
أيكفي منا نحن المسلمين أن نتابع أخبار قتل المسلمين على يد الكفار دون أن يرجف لهم جفن، ونتحسر ونغضب وندعو عليهم فقط؟!
وأعود للسؤال أعلاه، لماذا يحصل كل هذا، ولماذا الغرب الكافر ومن والاه يتمادون في إجرامهم ضد المسلمين، خاصة في الشام؟
والجواب: لأنه لا يوجد للمسلمين دولة تحميهم وتذود عنهم، ولا يوجد لديهم جيش يهب وينتصر لهم، فإلى متى الصمت؟!
وعندما نقول دولة للمسلمين، نقصد دولة إسلامية واحدة لها جيش واحد وترفع راية واحدة؛ راية رسول الله e، والمسلمون فيها أمة واحدة، هكذا أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين أن يكونوا، لا كما هو حالنا اليوم ممزقين في كيانات ذليلة تسمى “أوطانا” زادت من تقطيع أوصال المسلمين وشتتتهم ومزقتهم. فإلى متى الصمت؟
قال الله جل وعلا: ﴿وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ [المؤمنون: 52]
أمة الإسلام أمة واحدة ويجب أن تعود كذلك، ولن تعود إلا إذا كانت لها دولة واحدة يحكمها خليفة واحد يحكم بشرع الله وسنة نبيه e. هذا هو الحل الجذري لكل ما يعانيه المسلمون، ولا حل سواه، وفرض عين على المسلمين أن يرفعوا أصواتهم ويكسروا صمتهم نصرةً للشام؛ وذلك بالعمل مع العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الإسلام؛ دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.