إلى “يوسف الشاهد” منهج عمر الخطاب الحكم بالإسلام.. فأين أنت وحكومتك منه
من يريد أن يرى الوقاحة والنفاق والدّجل مجتمعة معا، ما عليه سوى أن يطّلع على بعض خطابات “بورقيبة” عدو الإسلام الأول في تونس يستشهد بآيات من كتاب الله وبعض الأحاديث الشريفة، أو يطّلع على كلام وريثه صاحب الهيبة “الباجي قائد السبسي” وهو يحاول أن يتقمص دور التقي الورع، أو كل علماني قضى عمره في محاربة الإسلام وأحكامه وفي خدمة المستعمر يستدل بكتاب الله وأحاديث نبييه عليه الصلاة والسلام كلما كان في حاجة لكسب ود الناس ورضاهم خاصة إذا تعلق الأمر بالحملات الانتخابية.
ولا يقتصر الأمر على العلمانيين في تونس، فذلك دأب كل العلمانيين الذين زرعهم المستعمر في جسد الأمة في سائر بلاد المسلمين فأنت تجدهم يلتجئون إلى الإسلام كلما كانوا في حاجة لوقوف الأمة في صفهم. والأمثلة على ذلك أكثر من أن يسعها هذا المقال. آخرها ما أتاه موظف السفارة الأمريكية السابق والرئيس الحالي للحكومة “يوسف الشاهد” في كلمة ألقاها في مجلس النواب بمناسبة تقديم حكومته “المحوّرة” لنيل ثقة المجلس، حيث قال: “هدفنا هو بناء الدولة العادلة التي تخلق الثروة والنمو لأبنائها، وأن منهج الحكومة في هذا هو منهج عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين يقول يبلغ الصادق بصدقه ما لا يبلغه الكاذب”.
واعجبا! ” يوسف الشاهد” يتحدث عن بناء دولة عادلة وهو يفصل الإسلام عن الحكم ويطبق نظاما علمانيا وضعيا ينازع الله أعظم حقوقه وهو التشريع، نعم يتحدث عن دولة عادلة ويتبجح بكونها “دولة حداثة” من أهم مرتكزاتها محاربة الإسلام وأحكامه، والانتصار للحضارة الغربية وفرض نمط العيش الغربي المناقض للعقيدة الإسلامية ولما انبثق عنها من أنظمة، وتحدّث عن دولة تخلق الثروات وهي منذ “بورقيبة” أوّل ما فعلته هو التفويت عن طيبة خاطر في ثروات البلاد وجعلتها ملكا مشاعا لكل مستعمر غاصب، وأغرقت أهلها في ظلمات الفقر والجهل والتفسّخ الأخلاقي والمرض.. ثم استدامت الوقوف على أعتاب الدول الاستعمارية تسألها إلحافا ما تسير به شؤونها اليومية.
والنتيجة؟
إذلال وارتهان وإملاءات قسمت ظهورنا وأرتنا ويلات العيش في دور التُّبَّع. وهذا كله بسبب ترك الإسلام وراء ظهور منتحلي صفة رجال الدولة من “بورقيبة”وزمرته إلى “يوسف الشاهد” وجوقته. ذل وصغار أباهما عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتطبيقه لأحكام الإسلام ورفضه لسواها كبرت أم صغرت، وفي ذلك يقول: “لقد كنا أذلاء فأعزنا الله بالإسلام، فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله”.
لقد ابتغى الفاروق عمر رضي الله عنه الإسلام وسبيله فبلغت دولة الإسلام مشارق الأرض ومغاربها قوّة وعدلا وكانت الدّولة الأولى في العالم بلا منزع، ” فعمر بن الخطّاب الذي استشهد به “يوسف الشاهد” ليعظم من شأن حكومته لم يبلغ ما بلغه إلّا بالتزامه بالإسلام دون زيادة أو نقصان، أما هذه الحكومة ومن سبقها ابتغت غير السبيل الذي سلكه عمر رضي الله عنه. لقد ابتغت سبيل الغيّ وما فرضه عليها المستعمرون :القانون الدولي وما أملته عليها الأمم المتحدة وباقي أذرع القوى الاستعمارية، ولنا في اتفاقية “سيداو” خير مثال.
عمر بن الخطاب كان منهجه كتاب الله وسنة رسوله الكريم، أما “يوسف الشاهد” وحكومته منهجهم ما جاء به أعداء الله ورسوله وكانوا إذا قضى المسؤول الكبير أمرا لم تكن لهم الخيرة من أمرهم وخرّوا له طائعين خانعين، واذا استدعاهم لأمر هبُّوا له ملَبّين..
عمر رضي الله عنه كان خليفة للمسلمين وكان يقول “لئن نمت النهار لأضيعنّ الرعية ولئن نمت الليل لأضيعن نفسي” والمعنى أنه لا يغفل مطلقا عن رعاية شؤون المسلمين ويصل ليله بنهاره في خدمته دون أن يلهيه ذلك عن العبادات والتقرب إلى الله “ويوسف الشاهد” ومن معه أولا هم يَصِلون ليلَهُم بنهارهم للحيلولة دون قيام دولة الخلافة واستئناف الحياة الإسلامية وتنصيب خليفة لا ينام الليل والنهار يرعى شؤون من ائتُمن على حياتهم وأرزاقهم وأموالهم وبلادهم.. فعمر لم يكن على ذلك النحو لولا نظام الحكم القائمة عليه دولة الخلافة, فما أبعدك يا شاهد عن منهج عمر بن الخطاب رضي الله عنه, فعمر ليس بذلك الرجل الخارق الذي لا يتكرر، عمر بن الخطّاب صنعه الإسلام ومتى عاد الإسلام إلى الحياة سيصنع العشرات من عمر بن الخطّاب.. و”يوسف الشاهد” ومن على شاكلته صنعتهم العلمانية ونظامها الديمقراطي ومتى زالت سيكون مآلهم الزوال حتما، لهذا نقول لـ” يوسف الشاهد” ولكل من اتبع المنهج العلماني إن تجارتكم بالإسلام والادعاء كذبا الاقتداء برموزه لن يجديكم نفعا لأن الإسلام ليس أقوالا وشعارات زائفة بل هو نظام شامل لن يقدر على تطبيقه إلا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، أمّا أنتم فعاهدتم من شاقّ الله ورسوله وخاصمه في حكمه، بل أنتم وهم في ذلك سواء.
حسن نوير