اتحاد الشغل و السفراء الاجانب ……الدور المشبوه

اتحاد الشغل و السفراء الاجانب ……الدور المشبوه

 

 هل اصبح اتحاد الشغل اداة طيعة سهلة التوظيف  في خدمة السفراء

هل تفطن السفراء الى أن  زيارة اتحاد الشغل والتفاهم مع قيادته على طريقة ” بن علي” تساعد على إضفاء الشرعية وتمرير أي قرارات مهما كانت كارثية؟

       ان المتأمل في الزيارات التي اصبح يقوم بها سفير الاتحاد الاوروبي الى مقر اتحاد الشغل, وتلك التي قام بها الى الى مقر اتحاد الصناعة والتجارة في الفترة الاخيرة يتبين  بوضوح  ان تمرير اتفاق الشراكة الشامل والمعمق مع الاتحاد الاوروبي أصبح مسألة وقت لا غير, وأن هذا السفير يقوم  من خلال زياراته المتكررة بترويض قيادات هاتين المنظمتين في حملة علاقات عامة تستعمل فيها  الاساليب الرخيصة المعتادة من وعود كاذبة, ورشاوى مبطنة على شكل مساعدات ودعم  لمنظمات المجتمع المدني, وذلك لإغراء تلك القيادات بتمرير سياسات الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي بتونس.

       ففي الاجتماع الثاني للسفير الاوروبي “باتريس برغاميني” بقيادة اتحاد الشغل والذي انعقد يوم الاثنين 24/04/2017,  تم التطرق الى عدة جوانب تهم اتفاق الشراكة الشامل والموسع مع الاتحاد الاوروبي , ووجد السفير الاوروبي  مجالا واسعا  للترويج لهذا الاتفاق, خصوصا  أمام قيادة لا يبدو عليها امتلاك  المؤهلات الفكرية والسياسية لفهم  جوانب هذا الاتفاق, وآثاره على المدى البعيد.

  فالمتأمل في تصريحات “نور الدين الطبوبي” يصاب بالدهشة من مستوى  فهمه للواقع السياسي والاقتصادي, ومن ضعف فهمه للاتفاق المراد تمريره . ففي الكلمة التي ألقاها أمام  سفير الاتحاد الاوروبي , صرّح ” الطبوبي ” أنه ينتظر منه  الترويج للسياحة التونسية وذلك بالمساعدة في رفع الحظر الذي فرضته بعض الدول على زيارة تونس!…..,  تصريح غريب من رئيس منظمة نقابية يتدخل في الشأن السياسي و لم يستوعب بعد  أن بريطانيا , البلد الذي لا يزال يفرض هذا الحظر,  لم يعد عضوا في الاتحاد الاوروبي منذ استفتاء Brexit   بتاريخ جوان 2016 وعليه فإن هذا الطلب يكشف مدى جهل “الطبوبي” بالجغرافيا السياسية الجديدة لأوروبا.

      ثم ان “الطبوبي”  حين يتحدث مع السفير الاوروبي عن الدول الاوروبية يستعمل كلمة  “أصدقاء تونس” ! ……..فمن هم أصدقاء تونس ؟ …….هل هم الفرنسيون الذين احتلوا بلادنا لأكثر من 75 سنة, وقتلوا وشردوا  واغتالوا المناضل “فرحات حشاد” قبل  65 سنة, وقتلوا الملايين من اخواننا في الجزائر واستخدموهم كالفئران لتجاربهم النووية؟

 هل هم الايطاليون الذين استخدموا السلاح الكيمائي في ليبيا ضد مقاومة اخواننا  لاستعمارهم الغاشم؟.

وما معنى ان يقول زعيم الاتحاد الجديد ” الطبوبي”  أنه يدعم كل الاستثمارات الاجنبية بتونس وانه يِؤمن بالمفاوضات التي تعتمد على منطق الربح المشترك ؟ …..فأي ربح جنته بلادنا من اتفاق الشراكة لسنة 1995  في المجال الصناعي,  حتى يُراد توسيع في  هذه الشراكة  لتشمل القطاع الفلاحي والخدماتي؟

 الم يتم تدمير 55%من النسيج الصناعي في تونس وتم تسريح مئات الآلاف من العمال وأصبحت بلادنا مجرد سوق للسلع الأوروبية وأصبحت صناعتنا مجرد مناولة رخيصة في خدمة الصناعة الأوروبية هل يريد ان يفعل نفس الشيء بالقطاع الفلاحي ورهن غذاء اهل البلاد للأوروبيين كما فعل بالقطاع الصناعي!.

      كل هذه النقاط التي تناولتها تصريحات الامين العام للاتحاد في لقائه الاخير  بالسفير الاوروبي تبرز  ضعف ادراكه للواقع الاقتصادي والسياسي للبلاد ولخطط الدول الاوروبية للسيطرة والتحكم في البلاد. هؤلاء المسئولون  هم من النوع  المفضل لدى السفراء الاوروبيين لأنه يسهل التأثير عليهم وجعلهم يقبلون بما يملى عليهم.

     اما ما ذكر من مطالبة ” الطبوبي”  برفع عدد المنح المسندة الى الطلبة الجامعيين والباحثين بالخارج, فهي علاوة عن كونها تدخّل في اختصاص لا يخصّه, فهي  تسوّل مفضوح لمسئول مستعد  للتفريط في أساسيات حماية اقتصاد بلده مقابل طلبات زهيدة,

الامر الذي يطرح تساؤلات عن طبيعة ونوعية المستفيدين من هذه الطلبات.!, ولا شك ان السفير الأوروبي  يعلم مثل عامة الناس  ما كان يفعله “بن علي” مع قيادات الاتحاد السابقة من “تفاهمات” مقابل توفير ما يسمى “السلم ألاجتماعي الذي يحتاجه الاوروبيون ايضا لتمرير سياساتهم.

      قبل 65 سنة قتل  الزعيم “فرحات حشاد لأنه جعل من العمل النقابي منصّة  للدفاع عن حقوق عامة الشعب وللنضال ضد الاستعمار الاجنبي لأنه كان يدرك أنه لا معنى لأيّة حقوق تحت الاستعمار , وهو ما دفع الاحتلال الفرنسي لاغتياله عندما عجز عن تحويل وجهته.

 أما في هذه  الأوقات فيبدو ان   ديمقراطية الدولة الوطنية  نجحت في ما لم ينجح فيه الاستعمار العسكري المباشر مع “حشاد” وأصبح العمل النقابي عرّابا لخطط الاتحاد الاوروبي والمؤسسات المالية الدولية في بسط نفوذها وتبرير سياساتها.

محمد مقيديش

CATEGORIES
TAGS
Share This