أقرت شركة “واتساب” مساء أول أمس بوجود ثغرة أمنية في تطبيقها تسمح للقراصنة باختراق هواتف مستخدمي تطبيقها وزرع برمجيات تجسس، داعية مستخدمي تطبيقها إلى تحديثه بآخر إصدار كإجراء احترازي، مشيرة إلى أنها ” اكتشفت وأصلحت الثغرة الأمنية التي سعى المهاجمون لاستغلالها”.
واللافت أن البرمجية استغلت ثغرة في ميزة اتصالات واتسآب، حيث اتصلت على الهواتف المستهدفة وثبتت البرمجية الخبيثة فيها دون حتى أن يجيب الملتقّي على الاتصال الوارد.
وفي بيان له قال المتحدث باسم الشركة إن “الهجوم به جميع السمات المميزة لشركة خاصة تعمل مع الحكومات لتقديم برامج تجسس تتولى وظائف أنظمة تشغيل الهواتف المحمولة” مضيفًا: “لقد تواصلنا مع العديد من منظمات حقوق الإنسان ونعمل سويًا لإعلام المجتمع المدني بأنشطة هذه الشركة”.
واتسآب طالبت مُشتركيها البالغ عددهم نحو 1.5 مليار تحديث التطبيق في هواتفهم بعد أن “عمل مطوروها على مدار الساعة لإصلاح الثغرة” لافتة أن فريق أمنها الإلكتروني كان أول من اكتشف هذه الثغرة وأرسل بشأنها معلومات لجماعات حقوقية، وشركات متخصصة في الأمن الإلكتروني.
ورغم عدم تحديد البيان لاسم الشركة التي قامت بعملية التجسس، إلا أن مصادر إعلامية مطلعة على التحقيق في الهجوم ألمحت إلى أن المقصود هو مجموعة ” NSO” “الإسرائيلية” التي طوّرت خلال السنوات الأخيرة برمجيات خبيثة قوية مصممة للتجسس على ضحاياها، وتربطها علاقات قوية ببعض الأنظمة العربية على رأسها أبو ظبي.
يذكر أن مؤسسي الشركة التي أنشئت عام 2008 وتتخذ من مدينة هرتسليا مقراً لها، هم من خريجي شعبة الاستخبارات الإسرائيلية العسكرية “أمان” كما أنها تمتلك ما يقرب من 400 موظف يعملون من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة و200 آخرين من الخارج في عدد من مختلف دول العالم.
مع الثواني الأولى لاختراق البرنامج جهاز الهاتف تبدأ فورًا عملية التنصت وتسجيل كافة المكالمات والرسائل وتصوير كل ما على الجهاز من برامج ووثائق
ورغم حساسية الخدمات التي تبيعها لزبائنها إلا أن الشركة سبق وأن حصلت قبل أعوام على تصريح رسمي من وزارة الأمن الإسرائيلية لبيع خدماتها لزبائن في دول الخليج حسبما كشف خبير الشؤون الاستخباراتية في يديعوت أحرونوت، رونين بيرغمان، الأمر الذي ربما يفند مساعي الشركة تبرئة نفسها من الدعاوى القضائية المرفوعة ضدها بتهم تزويد أنظمة بعينها برامج تجسس على معارضيها.
أما عن طبيعة الخدمات التي تقدمها الشركة لزبائنها فإنها تضمن لهم القدرة على السيطرة والتحكم من بعد بجهاز “آيفون” عن طريق برمجة تسمى “حصان طروادة” تقوم باختراق الجهاز وتسيطر عليه عبر إرسالها بالبريد الالكتروني للجهاز المراد السيطرة عليه والتحكم به.
ومع الثواني الأولى لاختراق البرنامج جهاز الهاتف تبدأ فورًا عملية التنصت وتسجيل كافة المكالمات والرسائل وتصوير كل ما على الجهاز من برامج ووثائق، وصولًا إلى الحسابات السرية للبريد الإلكتروني والبنوك وفق ما أشار بيرغمان الذي حذّر من خطورة مثل هذه التقنية التي من الممكن أن تصل لاحقاً إلى “جهات معادية لـ “إسرائيل”.
دول الخليج والتجسس
أبرمت الشركة الصهيونية العديد من اتفاقيات التعاون مع بعض الأنظمة العربية على رأسها الإمارات، التي لها باع طويل في التعاون مع شركات التجسس الإسرائيلية، ووفق نيويورك تايمز فإن أبو ظبي قامت باستيراد تلك التقنيات منذ عدة سنوات، تقوم على التحكم في أجهزة الهاتف الخاصة بمعارضيها في الداخل والخارج، كما سبق الكشف عن تورطها كذلك في التجسس على أحد موظفي منظمة العفو الدولية “امنستي”.
المنظمة الدولية أعلنت وفق بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، أول أمس الإثنين، أنها ستتخذ إجراءً قانونياً لإحالة وزارة الدفاع الإسرائيلية إلى المحكمة لمطالبتها بإلغاء ترخيص التصدير الممنوح للمجموعة الإسرائيلية، لافتتًا إلى أن 50 من أعضاء ومؤازري الفرع الإسرائيلي للمنظمة وآخرين من مجتمع حقوق الإنسان وقّعوا على عريضة ستُقدّم إلى المحكمة المركزية في تل أبيب اليوم الثلاثاء، أوضحوا فيها كيف عرّضت وزارة الدفاع الإسرائيلي حقوقَ الإنسان للخطر من خلال السماح لمجموعة “إن إس أو” بمواصلة تصدير منتجاتها.
شهادة الموظف السابق في الاستخبارات الأمريكية، إدوارد سنودن
وفي ذات السياق كان الموظف السابق في الاستخبارات الأمريكية، إدوارد سنودن، قد اتهم شركة “NSO ” بالتورط في مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي في مقر قنصلية بلاده في إسطنبول، أكتوبر الماضي، ففي مشاركته في مؤتمر نظمته الاستخبارات المحلية في تل أبيب قال “إن قتلة خاشقجي استخدموا برنامجًا إلكترونيًا معنونًا باسم “Pegasus” وخاصًا بتنفيذ عمليات التجسس للتنصت على اتصالات قام بها الصحفي السعودي”.
وخاطب الموظف السابق في الاستخبارات الأمريكية المشاركين في المؤتمر: “يمكن أن البعض منكم سمع عن الصحفي السعودي المنشق جمال خاشقجي، الذي دخل قنصلية السعودية وتم خنقه على الفور هناك… كيف جرى التخطيط لهذا الأمر وكيف حصل ذلك؟… السعوديون علموا بأنه كان ينوي القدوم إلى القنصلية لأنه اتفق على عقد لقاء هناك.. لكن كيف كشفوا عن مخططاته ونواياه؟”.
كما استهدف البرنامج التجسسي ذاته عددًا من الناشطين السعوديين على رأسهم ويحيى العسيري، وغانم الدوسري، وعمر عبد العزيز وفي ديسمبر الماضي، رفع الأخير، المقيم في كندا، دعوى ضد الشركة قائلا “إنها ساعدت الحكومة السعودية في التجسس عليه ومراقبة الرسائل التي تبادلها مع خاشقجي”، مُشيراً في تغريدة إلى أن السعودية دفعت أكثر من 55 مليون دولار للشركة الإسرائيلية للتجسس عليه وعلى نشطاء آخرين، هذا بخلاف ما تقوم به من أعمال التجسس على تحركات بعض النشطاء الفلسطينيين.