ازدواج وعنصرية والكيل بمكيالين.. “… وَمَا تُخفِي صُدُورُهُمْ أَكبَر”

ازدواج وعنصرية والكيل بمكيالين.. “… وَمَا تُخفِي صُدُورُهُمْ أَكبَر”

لا أظن أن الغرب المخادع بمؤسساته الرسمية وإعلامه المتسربل بالمهنية ومنظماته الحقوقية حاملة لواء النزاهة سيجد ما يكفي من ماء الوجه ليواجه بقية العالم وخاصة المسلمين بعد أن أسقطت عنه الحرب الروسية الأوكرانية آخر ورقة توت.
فقد انكشف وجه مؤسساته القميء وهي تتعامل بمنطق المكيالين مع الحرب الدائرة في أوكرانيا كما أن المواقف التي تابعناها تشي بالنفاق الغربي الذي تجاوز كل الحدود والأعراف الدولية. أما الإعلام الذي ما فتئ يلقننا الدروس في كل مناسبة عن الموضوعية والنزاهة فقد سقطت أقنعته عند أول امتحان.
إذن هو الغرب المحكوم بمركزية الرجل الأبيض يغربل البشر على أساس دينهم وأعراقهم وألوانهم ويقسم التعاطف الإنساني وفق الأمزجة والأهواء والمنفعة المادية المباشرة ولا تعنيه القيم الإنسانية التي تتشدق بها منظماته الحقوقية وهي لا تساوي حتى ثمن الحبر الذي كتبت به هي فقط تصلح عندما يرومون مهاجمة بلد من من بلاد المسلمين لا تتسق سياساته مع مصالحهم ويلوحون بها عندما يحاول بعض حلفائهم وبيادقهم من حكامنا مجرد التململ من أوامرهم.
بمنتهى الصفاقة أقحمت الرياضة والفنون والآداب في هذه الحرب التي تعنيهم رأسا وتعري كذبهم ووجههم اللئيم.
ذاك الحقد الغربي المستحكم المقيت الذي انكشف في هذه الحرب يتراءى لنا في كل التفاصيل بدءا من عملية الإجلاء على الحدود والتي تقوم على أساس فرز عنصري بغيض يعتمد الدين ولون البشرة والعرق في المقام الأول فمن ينجح في هذا الاختبار يمر إلى الضفة الآمنة ومن لا يشفع له دينه أو لون عينيه او بشرته لا عزاء له ويبقى حيث الموت والدمار.
ومرورا بالتحاليل السياسية والتبريرات التي تؤكد أفكار القطبية الغربية عن طريق القول بضرورة نجدة الأوكرانيين لأنهم غربيون «ويشبهوننا» هكذا قيل، وقيل أيضا أنهم بلد متحضر في مقارنة مع باقي المناطق التي انتهكها الغرب واستبد بشعوبها على غرار العراق وسوريا وفلسطين واليمن وأفغانستان وهي في نظرهم لا تستحق النجدة ولا ترتقي إلى درجة تجعلهم يتضامنون معها ويهبّون هبة كبيرة إليها كما يحدث مع كييف. فالحق في الحياة الذي هو مسألة مبدئية يصبح خاضعا للون البشرة والجذور العقائدية. وهذا مكمن المفارقة. وهنا نكتشف السقوط المدوي للمنظومة القيمية والحقوقية الغربية والأوروبية بالتحديد التي خلعت كل أقنعتها دون حياء أو مواربة معلنة عن عنصرية مقيتة إزاء الآخر الذي لا يدور في فلكها. وأيّ آخر! القادم من بلاد المسلمين التي حوربت وأغير عليها ولا تزال تحارب وتقصف بكل بشاعة.
وإحدى الصفاقات الصارخة أيضا إعلان الرئيس الأوكراني إنشاء “فرقة دولية للقتال للدفاع عن أوكرانيا” وأصدر مرسوما بشأن ذلك وصرح بالقول: “سنستقبل 16 ألفاً من المتطوعين الأجانب في أول مجموعة للدفاع عن حرية أوكرانيا وشعبها” واستقبال حكومات ورؤساء الدول الأوروبية وأمريكا ذلك بالترحيب والمساندة, حتى أن وزيرة الخارجية البريطانية قالت أدعم حتى انضما البريطانيين للقتال صلب تلك الفرقة…
مواقف وأحداث تكشف حقيقة الحضارة الغربية الزائفة وكيلها بمكيالين.. دعم لا محدود لأوكرانيا، بالمال والعتاد والسلاح.. لأن ذلك بنظرهم حق مشروع بالدفاع عن النفس ضد العدوان الروسي. أما الوقوف في صف مسلمي الشام ضد طاغية الشام وضد الاحتلال الروسي فهو بنظرهم “إرهاب وتطرف”!!
في السياق ذاته أثبتت بعض المنظمات ووسائل الإعلام أنها مجرد أذناب لمركزية الغرب خلال حرب أوكرانيا وهي تتذيل المواقف التي ذكرناها آنفا فتابعنا مواقف مخزية لهياكل رياضية وفنية أقرت مقاطعة روسيا غير مفرقة بين السياسة وبين الفن والرياضة “مثلما تفعل مع المسلمين” في خلط مقصود يدرك قدرة هذا الغرب الصليبي على توظيف كل الأدوات للتعبير عن مركزيته ومواجهة الأمم الأخرى الذي يختلف معها في الدين الحضارة بل قدرته على استعمال كل الأسلحة القذرة إذا ما خاض غمار الحرب مع أعدائه.
وهنا قطعا لا احد منا يستطيع أن ينسى الماضي الاستعماري لتلك الدول الغربية ولا مشاركتها الضمنية أو المباشرة في تدمير المنطقة العربية وبلاد المسلمين عامة, ولا يتوقع أحد منا أن تتغير قيم المستعمرين المنحطة ونظرتهم العدائية للمسلمين.
أما بالنسبة إلى الإعلام «المتذيل» للمواقف الرسمية الغربية فلا نظن أن هناك من سيصغي لاحقا إلى «الفوشيك» الحقوقي الذي يطلقه في المنابر متشدقا بالحرية والنزاهة والموضوعية. فوَلاؤه المطلق للمصلحة عرى سوأته ويكفي أن إحدى ابرز مؤسسات الصحافة في العالم صحيفة «لومند» الفرنسية ظهرت بوجهها الحقيقي ضمن ذلك المشهد المشين لدول الحقد والاستكبار الغربية.

أحمد بنفتيته

CATEGORIES
Share This