تعرض طبيبان في فرنسا لانتقادات واسعة على مواقع التواصل الإلكتروني المختلفة، عقب اقتراحهما تجربة اللقاحات التي سيتم تطويرها ضد فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في قارة أفريقيا. وبحسب ما ذكرته، الخميس، العديد من وسائل الإعلام الفرنسية، فإن المدير العام للمعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية، كاميل لوكت، ورئيس طوارئ مستشفى كوشان باريس جان بول ميرا، عرضا ذلك الاقتراح خلال مشاركتها في برنامج على قناة “LCI” المحلية بخصوص كورونا. وفي تعليقه على دراسة حول ما إذا كان لقاح “BCG” المطبق ضد السل فعالاً ضد كورونا، قال ميرا: “لو أستطيع أن أكون استفزازياً، ألا يمكننا اختبار هذا العمل أولاً في أفريقيا التي لا توجد فيها كمامات ولا علاج ولا عناية مركزة؟”. أما لوكت، فقال في تعليقه على مقترح ميرا: “أنت على حق. نعتزم إجراء دراسة حول BCG في أفريقيا. سنطلق هذه الدراسة”. (الأناضول 3/4/2020)
التعليق:
منذ أن أصابت جائحة كورونا العالم، وما إن تفشى المرض في أوروبا وأمريكا خاصة، حتى ظهرت إفرازات المبدأ الرأسمالي العفنة وقيمه المادية والنزعة الفردية بوضوح في تلك المجتمعات، وغابت عنها معاني الإنسانية والرحمة، حيث انتشرت على مواقع التواصل الإلكتروني فيديوهات لأشخاص يقومون “بالبصق” في الأماكن العامة لنشر الفيروس، كما انتشرت أخبار وصور لجثث في عدد من دور رعاية المسنين لمتوفين بقيت في غرف أصحابها إلى جانب مقيمين فيها بعد أن تركهم الموظفون كما في إسبانيا، هذا عدا عن الجثث المتكدسة ولا تجد من يدفنها والجثث التي تمّ إحراقها، وقد قامت العديد من الدول الأوروبية بتقديم العلاج للشباب وترك المسنين دون علاج، وقد وصلت الأنانية والفردية في هذه الدول حدّ القيام بسرقة ومصادرة المساعدات الطبية التي كانت متجهة لدول أخرى، فعلى سبيل المثال صادرت التشيك شحنة مساعدات مرسلة من الصين إلى إيطاليا، وذكرت مجلة “دير شبيغل” الألمانية أمس أنها اختفت شحنة تحوي 6 ملايين قناع للحماية من العدوى بفيروس كورونا المستجد، كانت في طريقها إلى ألمانيا، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، وأن الأقنعة المصنفة درجة حمايتها بـ”إف إف بي2″ اختفت بأحد المطارات في كينيا.
وها هي رائحة العنصرية المقيتة تفوح في ظلِّ هذه الجائحة، فيقترح طبيبان فرنسيان استخدام دول أفريقيا كفئران تجارب في إيجاد لقاح لفيروس كورونا كما تمّ استخدامها من قبل في إيجاد علاج للإيدز وغيره من الأمراض وفي إجراء التجارب العلمية، وكيف لنا أن نستغرب هذا التفكير المقيت من أبناء دولة استعمارية عاثت في أفريقيا – ولا تزال – فساداً وأذاقت أهلها صنوف العذاب ونهبت ثرواتهم وتركتهم يعانون الفقر والجوع والمرض.
إنّ العالم اليوم بحاجة إلى دولة ذات مبدأ صحيح، منبثق عن عقيدة ربانية، لا عن تشريعات وأفكار بشرية، مبدأ ينظر للإنسان بوصفه إنساناً بغض النظر عن دينه وعرقه وجنسه، مبدأ لا يجعل من المادية والفردية أساساً له، مبدأ تكون الدولة التي تعتنقه وتطبقه دولة رعاية لا دولة جباية، مبدأ يضع الحلول والمعالجات للأزمات لا مبدأ يقوم بخلق المشاكل والأزمات ويغرق العالم بها. وإن هذا المبدأ هو الإسلام ﴿ألَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾، وهذه الدولة هي دولة الخلافة على منهاج النبوة، التي نسأل الله أن يكون قيامها قريباً بإذن الله.