الأزمة السياسية في تونس وشقاء أهلها نتاج الرأسمالية الحاكمة ولا تعالجها التحالفات الحزبية
الخبر:
أكد عبيد البريكي الوزير السابق أن مبادرة لم اليسار التي أطلقتها مجموعة من الشخصيات الوطنية تهدف إلى لم شتات اليسار معتبرا أن المجموعة اقتنعت في هذا الوقت بالذات بأن الضرورة تجاوز حالة الشتات… وحول الدوافع التي دفعت إلى إطلاق مبادرة توحيد اليسار أكد عبيد البريكي أن الوحدة تبدو أكثر من ضرورية لمواجهة التحديات والمشاكل القائمة والصعوبات الاقتصادي المتفاقمة…
الشروق 15-10-2017
الخبر:
أعلنت قيادات من التحالف الديمقراطي والتيار الديمقراطي في ندوة صحفية عن الانصهار في خطوة أولى في اتجاه توحيد العائلة الديمقراطية الاجتماعية. وبحضور قيادات من الحزبين أبرزهم غازي الشواشي ورضا الزغمي ومحمد الحامدي وغيرهم, كما تم التأكيد على أهمية لم شتات العائلة الديمقراطية الاجتماعية في حزب واحد, وتجاوز حالة الشتات وتحقيق نوع من التوازن, وخلق نوع من الديناميكية في المشهد. ومن جهته أكد رضا الزغمي عن التيار الديمقراطي “أن انصهار التيار في تحالف الديمقراطي برهان على مدى تفتح التيار على كل المبادرات من أجل بناء قوة سياسية ديمقراطية اجتماعية, والدفاع عن مكتسبات الثورة التونسية التي أصبحت مهددة.”
الشروق 17-10-2017
التعليق:
استطاع الغرب الكافر أن يفتت الأمة الواحدة إلى شعوب وقبائل متناحرة بعد أن كان الإسلام قد صهرها في بوتقته فأوجد منها أمة واحدة من دون الناس. فأوجد أحزابا تقوم على فكرة القومية والوطنية والديمقراطية مزقت الأمة شر ممزق, أحزاب تبنت الطرح السياسي الرأسمالي القادم من عند عدو الأمة رأسا, بعلم منهم وبغير علم, طرح يقوم على النفعية النفعية التي يحكم بها عملاء العالم الاسلامي ويضمن الغرب بسوادِه بين الناس مصالحه وهيمنته على كل بلاد المسلمين.
هذه الرأسمالية ومنها الديمقراطية التي جعلت من العمل السياسي تقفّي جميع أشكال النصب والاستغلال والاحتيال من قبل أغلب الأحزاب التونسية فجل, مسألة تنظيم حزب سياسي ومن اليسر بمكان, بل جعل من نجاحه وصعوده في أوجز وقت ممكن أمرا ميسورا لكل صاحب باع وذراع في خدمة المسئول الكبير, ولا أقرب لنا من دليل تلك الأحزاب القزمية, والفقاعات التكتلية التي تظهر بين الحين والآخر دون أن يشُذّ أحدها عن سور الرأسمالية كصك قبول وترخيص دخول لحضيرة الطاعة والرضا المتبادل بين المسئول وموظفيه. أحزاب بلا مشاريع ولا حتى فهم لمعنى سياسة, مكاتبها السياسية لا تعرف لأحوال الناس شأنا ولا مشهدا إلّا عند اقتراب المواعيد الانتخابية, ولا يهمها من ولاياتها إلا خدمة مصالحها وحمايتها, ناهيك عن أسماء تفوح روائحها بالفساد الأخلاقي والإداري والمالي, استحوذت على مناصب وتمكنت من الإستقواء من خلال نواب لها داخل قبة البرلمان. وحتى لا تلاحقهم التهم, تلجأ قيادات هذه الأحزاب نحو سياسة التحالفات أي كسب أصوات النواب وتذويب أحزاب في روح واحدة. بعض التحالفات وصلت إلى الحكم, وأحزاب استقطبت نوابا, وأخرى اشترت نوابا بالمال. وتحالف اليمين مع اليسار, والعلماني مع الإسلامي مع الاشتراكي, وأمام هذا الخلط يحافظ كل الأمناء على زعامتهم رغم كل الخروقات التي اقترفها أغلبهم.
إجمالا لا يمكننا إلا أن نقول أن تاريخ التحالفات التي شهدتها الساحة السياسية في تونس كانت فاشلة ولم تخدم أهل تونس أكثر ما خدمت أهداف المصلحة الخاصة للأحزاب وأصحابها. وبين كلّ تلك الفرقعات الحزبية وحالات الإحباط التي تتركها في نفوس التونسيين اثر كل مشاركة في الحكم والفشل مباشرة بعد أول امتحان تكليفي, يظهر حزب التحرير مختلفا عن جميع الأحزاب بكل اتجاهاتها, وعلى النقيض من كل ما طرحوه وفعلوه بالمجتمع, غير عابئ بما وضعوه له من عوائق ومُكَبّلات ليُبطؤوا سيره نحو إنقاذ تونس من شرّ ما يطرحون, ثابتا على ما قام عليه منذ أول يوم ويعمل بين الناس, بتلك المقولة التي طالما يرددها شبابه “نحن من الأمة وإليها” فيكتسحون المناطق والأحياء, ولا يتكبرون على صغير ولا كبير, وإن ناصبهم العِداء. حزب يصنع الرجال بالفكر ويعتقد في لحظة وعد الله بهداية أهل القوّة من عباده لكي يُنجز ما وعد به منذ عقود, ليكون له شرف تخليص تونس والعالمين من شرّ الرأسمالية التي يمتطيها أحزاب التملّق لمن يرى في أهل تونس أعداء ولا يجب تركهم لأنفسهم خوفا من عودتهم إلى تشريع ربهم فيهتدوا إلى سبيل النهضة والتخلص من وصاية الأوروبي والأمريكي وغيرهم من المستعمرين.
إن الدفاع عن مكتسبات الثورة في تونس, ومواجهة التحديات والمشاكل القائمة, والصعوبات الاقتصادية المتفاقمة مع ارتفاع المديونية بشكل كبير مع كل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة, لا يكون بمثل هذه التحالفات المصلحية, وإنما في إظهار جدية في العمل على قلع الرأسمالية النفعية المتحكمة في البلاد (سلطة و أحزاب). قلعا كاملا, وتطبيق الإسلام تطبيقا انقلابيا شاملا بدولة عزيزة منيعة إسما ومعنى, خلافة على منهاج النبوة تضع لنا معايير صحيحة أتت من وحي الله عز وجل, لبيان كيفية العمل الحزبي وإدارة شؤون البلاد والعباد, وإخراج تونس من الأزمات السياسية والمالية المتعاقبة.
فهي ليست معايير بشرية قابلة للخطأ والصواب, وخاضعة للأهواء المتقلبة وفق كل حاكم, إنما هي مقاييس شرعية واضحة, وأهل تونس الشرفاء لن تنطلي عليهم حيل هذه الأحزاب وغيرها, وسيكون منتهى مطافهم وثمرة صبرهم خيرا باذن الله, وسنراهم يطالبون بالتغيير الجذري بدولة تأخذ على يد الظالم وتقطع سبل هيمنة الكافر المستعمر على بلادنا, وأوّلُها تلك التشريعات المفروضة على البلاد وتقضي علي الأزمات وأسبابها, وتعيد كل الحقوق المغتصبة من الأمة كافّة, وسنرى شيبها وشبابها وهم يحتضنون حملة دعوة الإسلام المخلصين الذين يحملون همها إلى أن يستجيب لهم أهل القوة فيتسلم حملة الدعوة مد الحكم ويهيئون الأجواء التي أخبر الله تعالى عنها قائلا “الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة واتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور..”
محمد علي الغرايري