الأمم المتحدة تقتحم آخر قلاع الاسلام “المسجد”

الأمم المتحدة تقتحم آخر قلاع الاسلام “المسجد”

مازالت الحرب اليومية على الاسلام مستعرة في كل ركن من بلاد المسلمين, وخاصة على الحكم به, بعد سنة 1924, سواء من طرف الغرب مباشرة أو عن طريق وكلائه. حرب أتت حتى على المعلوم من الدين بالضرورة, كقطعي الثبوت قطعي الدلالة, مثل مسألة الإرث…

وفي حركة مفضوحة من حركات أعوان الحكومة في الذراع الإعلامي عمدت إلى ضرب الدين بالنيل من “المدارس القرآنية”, والتهجم على القرآن الكريم بغطاء اعلامي عُرفت وجوه البارزين فيه بالفبركة والمغالطة منذ مدة. ولإثارة زوبعة في جانب كبير منها لصرف الأنظار عما هو أشنع وأقبح, وهو السماح للأمم المتحدة أو “مفوضيتها لحقوق الإنسان” في تونس باقتحام آخر قلاع الاسلام, المسجد! وتدخلها في دور الأئمة بعنوان الحقوق والواجبات. وهذا ما يمثل سابقة خطيرة وخضوعا تاما للاستعمار. حيث نظّمت وزارة الشّؤون الدّينية والمفوضيّة السامية لحقوق الإنسان بتونس ورشة تفكير موضوعها “الإمام بين حقوقه الأساسية وواجباته: الواقع والآفاق” انطلقت يوم 03 فيفري وتواصلت إلى يومي 04 و05 فيفري 2019 بالحمامات.

وإننا نربأ بالأئمة وإطارات المساجد أن يقبلوا بهذه الإهانة, ويكونوا صدّا منيعا لقانون تنظيم الاعمال بالمسجد سواء الإمام أو الخطيب وكذلك المؤذن والحارس والعملة, استنادا لقانون 1983″, قانون المساجد. ومشروع القانون هذا شمل شروط الإمامة التي صاغها المتربصون ببيوت الله كالآتي: “أن يكون عمر الإمام تونسيا, وعمُره أكثر من 16 سنة, وسالما من العاهات والعيوب, وأن يعتمد المذهب المالكي الأشعري دون غيره, مع تحييد المساجد عن التجاذبات السياسية والانتصار لحزب دون غيره (والمقصود هنا السياسة عموما ومنها الدعوة الى تطبيق الشريعة), والتفرغ التام وعدم القيام باي فريضة أخرى خارج إطار العمل, ويسمح بالمشاركة في الندوات والأعمال المتعلقة بمجال الاختصاص”.

مشروع ضرب ما تعارف عليه المسلمون من شروط الإمامة في الإسلام كما وردت في حديثه صلى الله عليه وسلم: “يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب الله, وأقدمهم قراءة, فإن كانوا في القراءة سواء فليؤمهم أكبرهم سنا..” وأفقههم بالسنة وأعلمهم بأحكام الصلاة, كما تصح إمامة الصبي وإمامة صاحب عاهة العمى. واعتماد المذهب المالكي صحيح “للمقلد العامي”. أمّا “المقلد المتبع” فلا يتقيّد بمهذب.

وعن المسجد في الإسلام قال تعالى: “إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش الا الله فعسى أولائك أن يكونوا من المهتدين”. ويقول الحبيب المصطفى: “إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان”, رواه أحمد.

فيا من شهد لكم الله سبحانه وتعالى بالإيمان, لتعلموا أن الله سبحانه وتعالى كما أمركم بالصلاة فلبيتم النداء, كذلك أمركم بالحكم بشرعه القويم الذي أرسى قواعده نبيه الكريم عليه افضل الصلاة وأتم التسليم. وسار على نهجه خلفاؤه الراشدون من بعده, والذين جاؤوا من بعدهم, حتى هدم الكافر المستعمر دولة الاسلام, ومزق بلاد المسلمين, وأبعد الاسلام عن الحكم والسياسة, فسارت أنظمة الحكم في بلادنا مسخا مشوَّها لما عند الكفار الغربيين, فعمَّ الظلم واستشرى الفساد, وضاق الحال بالناس, فأصبحوا يخرجون بين الحين والآخر للمطالبة بالعدل والعيش الكريم, ومثلهم أبناء الغرب نفسه لما في الرأسمالية من ظلم وقهر على الجميع. وما ثورة “السترات الصفراء” في فرنسا المستعِرة منذ مدّة, وحتى سقوط الغرب المدوي, ان شاء الله, وبأيدي أبنائه المقهورين, إلّا دليل تقهقر ما جاد به نظام العقل الغربي القائم على الفساد والإفساد في الأرض واحتلال الشعوب.

فيا أيها الأئمة, لا بد لكم من صد زحف “الأمم المتحدة” على المساجد وبتواطئي من مسؤولين كبار هم في الاصل مكلفون بالذود عن حمى الاسلام والمسلمين, ونادوا معنا, في حزب التحرير, بتطبيق أنظمة الاسلام وشريعته في جميع مجالات الحياة, في دولة الخلافة المرتقبة. فالواجب في حقكم الذي يرفع الإثم عن أعناقكم هو العمل معنا لإقامتها, فتفوزوا بلقب الأنصار وعظيم أجرهم, الذين مدحهم الله بقوله: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان, رضي الله عنهم ورضوا عنه, وأعدّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم”, فتُخلّدوا في صحائف التاريخ بمداد من نور. ولمثل هذا فليعمل العاملون.

وأخيرا وليس آخرا, إلى المسلمين عامة, وإلى الأئمّة الحاضرين في مثل هاته الفعاليات التي تصاغ على أعين الغرب وبأمواله خاصة,ارفعوا ما يمكن أن يلحقكم من إثم بصدِّ أي مسلم صادع بالحق عن مجرد حضور فعالياتكم, التي تعلمون أنها بأموال الغرب التي لا يفرط فيها لغير مصلحته وأولها ضرب الإسلام بمثل “ورشة التفكير هذه التي تُسطّر للإمام ما عليه فعله وتقيده عن أن يكون عنصرا فاعلا في إنارة الناس حول أحكام الله التي بها وحدها يستقيم حال المأمومين.

فما فائدة الاستجابة للأمم المتحدة بتلك الفعاليات الداعية لخراب المساجد؟ قال تعالى: ” ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها, أولائك ما كان لهم أن يدخلوها إلّا خائفين, لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم”. فلا أحد أظلم ممن جعل المساج بيوتا معطلة بقانون تحييدها عن كلمة الحق. والخطر كل الخطر أن تقتحم الأمم المتحدة القائلة بحرية العقيدة, وتعني عقيدة المسلم, وبإرادة الشعب لا إرادة الله سبحانه وتعالى, أن تقتحم المساجد,“آمنة أي صاحبة سلطان عليها, بعد ضرب ثوابت الدين, وتحييد الاسلام عن الحكم بالدولة المدنية المتفصيّة من “العلاقة بالقرآن والآيات والأحاديث” كما قال رئيس الجمهورية التونسية في يوم غير بعيد.

قال تعالى: “ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين” صدق الله العظيم.

الحبيب حجاجي مديني

CATEGORIES
TAGS
Share This