الاستبشار بإعادة فتح المعابر البرية بين تونس والجزائر دليل ساطع على وحدة الأمّة الشعورية
في تصريحات لقناة “فرانس 24″، قال وزير السياحة محمد المعز بلحسين “فتح الحدود البرية بعد فترة من الإغلاق يؤكد عمق العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين. سنعمل من جانبنا على إنجاح هذه العودة وعلى استقبال الوفود السياحية خصوصا أن السياح الجزائريين يحتلون المرتبة الأولى في عدد الوافدين إلى تونس، نظرا لعدة اعتبارات أهمها الارتباط التاريخي وحتى العلاقات الدموية بين الشعبين “. وقد كشفت وسائل إعلام محلية أن “عددا مهولا من المواطنين اتصلوا بالوكالات السياحية للاستفسار عن طرق للحجز ومختلف العروض المقدمة للسفر إلى تونس والتوقعات تشير إلى وفود أكثر من مليون جزائري نحو تونس”.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أعلن بمناسبة الزيارة التي أدّاها الرئيس قيس سعيد إلى الجزائر عن قرار إعادة فتح المعابر البرية بين البلدين بداية من 15 جويلية الجاري بعد فترة غلق استمرت أكثر من عامين بسبب فيروس كورونا، وبقيت الحدود مغلقة، فيما كانت تفتح معابر برية محددة في مواعيد محددة لإجلاء الطلبة والرعايا الجزائريين أو التونسيين العالقين بين البلدين، مع تطبيق التدابير الصحية الضرورية. وتسبب إغلاق الحدود البرية مع الجزائر في خنق الولايات الغربية لتونس إضافة لتوقّف التجارة البينية التي كانت توفّر الرزق لآلاف الأسر في مناطق تصنّف من بين الأضعف في سلّم التنمية بالبلاد.
إن إعادة فتح الحدود البرية يعتبر نقطة تحوّل في العلاقة الاقتصادية بين البلدين عبر تفعيل كل اتفاقيات التجارة المبرمة وتسهيل انسيابية السلع في الاتجاهين، وهذا ما يثير استبشار النّاس في البلدين تونس والجزائر فعموم الشعبين مع الوحدة في ما بينهم وعلى أساس الإسلام، بينما ترى أن الحكام يعملون على شرذمتها وشق صفها وإدخالها في أتون الصراعات والعداءات حين يمنعون من التواصل بينهم ومرور الأشخاص والأموال والسلع وبالرغم من كثرة اختلافات الحكام فيما بينهم نرى أن الأمة لم تعادِ بعضها ولم توالِ حاكماً في صراعه مع حاكم آخر، بل هي تنظر إلى اختلافاتهم نظرة ازدراء، وتعلم أن هذه الخلافات من صنع الغرب الذي يواليه هؤلاء الحكام .
لقد ضيّق الحكّام العملاء للغرب الحياة على النّاس وكبّلوهم، فالتزموا حدود الاستعمار (سايكس – بيكو) وفرضت الحكومات الجباية وتخلّت عن الرّعاية… فانتشر الفقر والبطالة جرّاء هذه السّياسات التي يفرضها صندوق النّقد الدّوليّ الاستعماريّ على الدّول، والتي يُملي عليها شروط إقراضه لها ويلزمها بتطبيقها؛ فيفرض عليها زيادة الأسعار ورفع الدّعم عن كثير من الموادّ الغذائيّة وتجميد أجور العمّال، ليلزمها بتدابير تفاقم الأزمات وتزيد من حدّة المشاكل؛ فأحكم الخناق على رقاب النّاس الذين صاروا يعانون من شظف العيش؛ وجوههم كالحة مرهقة تشكو صعوبة الحياة وكثرة مشاكلها، واشرأبّت أعناقهم ترقب تغييرًا لحالها الرّديء ووضعها المزري. لذلك نرى أمّة الإسلام في تونس والجزائر تستبشر خيرا في أي إجراء يعبّر عن عمق عن وحدتها وتضامنها وحيويّتها بعد أن قسمها الغرب على قاعدة «فرق تسد» وأصبحت نيفاً وخمسين دويلة مشتتة القوة، مشتتة الإمكانيات، نصّب على كل دويلة حاكماً تابعاً؛ فكان الحاكم في نظر الأمة من صنائع الغرب نصبه ليكون ناطوراً له لتأمين مصالح الكافر المستعمر وتمكينه من نهب ثروة البلاد وبسط النفوذ كما يشاء.
لقد أنفق أعداء الإسلام الأموال الكثيرة وما زالوا ينفقون حتّى يصدّوا أمّة الإسلام عن دينها وعن وحدتها ولكنّها تثبت كل يوم وفي كلّ مناسبة وحدتها الشعوريّة وأنّها أمّة حيَّة عصيَّة أن قوة العقيدة الإسلامية وحيويتها في نفوس رجالها ونسائها تدفعهم إلى عدم الاعتبار بحدود وضعها المستعمرون وإلى استرجاع قوتهم، إن تقاعسوا فترة، أو غفلوا عن مكمن قوتهم، وسر حياتهم وبقائهم، فما تلبث أن تعود أقوى من ذي قبل، والتاريخ شاهد، والمستقبل بيننا وبين أعدائنا.
أ, محمد زروق
CATEGORIES محلي