الاستجابة لإملاءات صندوق النقد الدولي هو الجرعة القاتلة التي أدت لزيادة الضرائب ورفع الأسعار

الاستجابة لإملاءات صندوق النقد الدولي هو الجرعة القاتلة التي أدت لزيادة الضرائب ورفع الأسعار

قالت الحكومة التونسية بأن بزيادة الضرائب والأسعار كانت إجراءات ضرورية لمعالجة العجز التجاري الذي زاد بنسبة ,523 بالمائة نهاية نوفمبر الماضي مقارنة بنفس الفترة من العام 2016. وقد أقر الرئيس الباجي قايد السبسي ب “أن ميزانية 2018 تضمنت إجراءات موجعة فعلا لكن لم يكن هناك حسب رأيه أية خيارات أخرى أمام الحكومة”

 والسؤال الذي يطرح نفسه ألم يكن استرجاع حقل ميسكار من الشركة البريطانية بريتيش غاز سيوفر للحكومة أكثر من 2 مليار من الدينارات، خاصة وأن هذا الحقل الذي سلمه المخلوع بن علي لشركة بريتش غاز يوفر لتونس 60 بالمائة مما تحتاجه من الطاقة وتدفع تونس بالعملة الصعبة لهذه الشركة الاستعمارية 750 مليون دولار لشراء ما تنتجه أرضنا من الغاز.

ألم يكن الأجدر إدارة الملح التونسي إنتاجا وتسويقا بعد استرجاعه من الشركات الفرنسية الناهبة سيوفر لتونس أكثر من ثمانية مليارات من الدينارات، خاصة وأن تونس تحوي مخزونا هائلا غير محدود من الملح الذي يعتبر من أجود الأنواع عالميا وتستخرج منه آلاف المواد الكيميائية.

ألم يكن الأجدر استغلال جزء بسيط من صحراء تونس لتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية سيوفر لتونس ما تحتاجه من الطاقة؟

إن هذه عينة صغيرة من آلاف الخيارات الممكنة التي تغني الحكومة عن تجويع شعبها والتضييق عليهم، بل تجعل من تونس نواة لدولة قوية في المنطقة.

إننا ندرك أن الرئيس والحكومة اللذان عجزا عن تغيير عقود الملح، ليست لهم القدرة على استرجاع الثروات، لأن خياراتهم السياسية ارتبطت بالغرب ومشروعه الحضاري الرأسمالي الذي تسبب في التهام ثروات البلاد على يد الشركات الاستعمارية، ولم يترك للدولة سوى خيارين لا ثالث لهما: التداين ورفع الضرائب والأسعار، ما يزيد الفقير فقرا، والجائع جوعا.

 إن هذه الإجراءات الأخيرة ليست من أجل التصحيح الاقتصادي أو المصلحة العامة للشعب كما يدعي الحكام، وإنما اتخذت لتنفيذ املاءات صندوق النقد الدولي, والتي من بينها زيادة الضرائب وتقليص كتلة الأجور وتقليص دعم الطاقة والمواد الغذائية، لكي تبقى تونس خاضعة لسيطرة الدول الاستعمارية، وضمانا لديونه على حساب فقر الشعب وتركيعه بالتحكم في لقمة عيشه.

لقد حذر حزب التحرير الحكومات المتعاقبة مرارا وتكرارا، من مغبة السير وراء صندوق النقد الدولي، وكان لهم بمثابة النذير العريان الذي بين لهم مخالفة هذه الإجراءات لأحكام الإسلام، وآثارها المدمرة على المجتمع، وعلى الاقتصاد، وعلى سيادة البلاد، ولكنهم اخلدوا إلى الأرض واتبعوا وصفات صندوق النقد وجرعاته المميتة، حتى أصبح الحال يغني عن المقال.

واليوم نتوجه بالنصح الأمين لأهلنا في تونس ونقول لهم إن ويلات رفع الأسعار والضرائب هي وبال عليكم ولن تتوقف إن رضيتم بسياسة التجويع والإفقار التي تنتهجها الدولة على شعبها، بل إن الحال سيتطور إلى ما هو أسوأ، لأن صندوق النقد الدولي يضغط على الحكومة من أجل التهام ما تبقى من موارد طبيعية للبلاد، ومن أجل تخفيض سعر صرف الدينار وما سيترتب على ذلك من شر مستطير.

أيها الأهل في تونس: إن الواجب عليكم أن تحاسبوا الحكومة بكل الأساليب السلمية،على هذه القرارات الظالمة، فهذه الجرعة القاتلة التي أدت إلى زيادة الضرائب ورفع الأسعار منكر عظيم، يجب إزالته فورا، وعليكم أن توجهوا سهام غضبكم على قوانين النظام الرأسمالي الفاسد، وأن تتبنوا قضيتكم المصيرية بإعادة الإسلام إلى واقع الحياة، وذلك بإقامة الخلافة الراشدة التي تطبق الإسلام كاملا في شتى نواحي الحياة، فتسعدوا في الدنيا وتنالوا رضوان الله في الآخرة.

قال تعالى: ((قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ)).

د. الأسعد العجيلي

CATEGORIES
TAGS
Share This