الانفصام بين الدولة و الشعب :  تلقيح البنات نموذجا

الانفصام بين الدولة و الشعب : تلقيح البنات نموذجا

نظرة سريعة إلى بلدنا تونس و إلى العالم الذي يعج بالأزمات والاضطرابات والاحتجاجات ضد الحكومات وسياساتها وغضب الشعوب تجاهها، تظهر بشكل واضح وجود شرخ عميق وحالة انفصام بين الكثير من الشعوب ومن يحكمها، وهذا الحال بات ملاحظاً حتى في الدول الكبرى مثل أمريكا وفرنسا، وهو أكثر وضوحاً في الدول التابعة، كما هو حال   . في بلادنا و سائر  الأنظمة في بلاد المسلمين

ويتساءل الكثيرون عن سبب ذلك الانفصام، وعن سبب عدم انقياد الشعوب في كثير من القضايا لتوجيه الحكومات، حتى في تلك القضايا التي يظهر فيها الحرص على الناس مثل التلقيح المضاد لفايروس الورم الحليمي ، مما يسبب حالة إرباك ويفاقم الأزمات! وهل فعلا المشكلة في الشعوب التي يهاجمها البعض ويصفها باللامبالاة والتخلف واللامسؤولية وغيرها من الأوصاف أو أن المشكلة فيمن يحكم الشعوب وفي النظام الذي تُحكم به؟! وهل يوجد نظام حكم يمكنه تحقيق الانسجام الكامل بين الناس والنظام المطبق عليهم في الدولة؟

و عود على بدء ، فبالرغم من تأكيد السلطات الصحية في تونس أن هذا التلقيح آمن وفعال وقد تم إدراجه ضمن الجدول الوطني للتلاقيح بهدف حماية الفتيات بشكل غير مباشر من خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم، فقد احتدم الجدل  حوله على مواقع التواصل الاجتماعي مع انطلاق حملة التلقيح ضد فايروس الورم الحليمي البشري المسبب لسرطان الرحم حسب وزارة الصحّة  بالنسبة للفتيات البالغات 12 سنة في المدارس ، و اتّخذ منحى قضيّة رأي عام يتعلق بمطالبة جميع العائلات بالوقوف بشدّة ضدّ حملة للتطعيم هذه وتسببت بعزوف العديد من الأولياء عن تطعيم بناتهم معتبرين أنها مؤامرة ضدهم .

وانتشرت موجة  من النقاشات و المعلومات و الفيديوات بشأن اللقاح على المنصات الاجتماعية بشكل مكثف إلى درجة أن أطباء شاركوا بها ما زاد من عدد الرافضين لتلقيح بناتهم والتشبث بإمكانية حصول أضرار نتيجة هذا  اللقاح إلى درجة أنّ المجلس التأديبي لعمادة الأطباء شرع في اتخاذ الإجراءات التأديبية ضد طبيبة مسجلة في العمادة  كانت قد نشرت فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي تشكك في سلامة التلقيح المضاد لفايروس الورم الحليمي وتحذر من تأثيره على الصحة الإنجابية للفتيات.

و كانت الدكتورة أمل صوّة، طبيبة مختصة في أمراض النساء و التوليد، كتبت على صفحتها : “بخصوص التلقيح ضد سرطان عنق الرحم، أنا كطبيبة مختصة في أمراض النساء أقول هذا التلقيح  هو خاص بالمجتمع الغربي فعندهم البنت  تبدأ تعمل في العلاقات الجنسية باكرا ومع عدة ذكور. ومرض سرطان عنق الرحم متسبّب فيه فيروس يعدي عن طريق الجنس لكن  البنت التي تكون ملتزمة بالاستقامة و العفاف بقدرة ربي لا تمرض بهذا الفيروس …”

لقد عبرت الدكتورة أمل عن عقلية حكام تونس فهم يتبعون الغرب في تشخيص مشاكل المجتمع ويقومون بإسقاط معالجاتهم على مجتمعاتنا دون التفكير في أن هذه المشاكل ناتجة عن طريقة عيشهم المتحررة من كل القيم الرفيعة في المجتمع فالزنا مع الاطراف المتعددة والخيانة الزوجية أمر رائج في المجتمعات الغربية التي تتبنى الحرية الشخصية والانفلات من القيود والقيم، أما في البلاد الإسلامية فإن المرأة عندنا أم وربة بيت وعرض يجب أن يصان، والزنا حرام والخيانة الزوجية يبغضها الجميع، ما يعني أن المشكلة وسبب الداء غير موجود في بلادنا،

ولو كانت السلطة في تونس تريد خيرا ببناتنا، فعليها أن تنتهج سبيل الوقاية، فهي خير من العلاج، وذلك بالقضاء على أسباب المرض بنشر القيم الرفيعة في المجتمع والتشجيع على الزواج، ونشر المفاهيم الاسلامية الراقية التي تنظم العلاقة بين الرجل والمرأة والضرب على يد الزناة والخائنين، بهذه الوقاية نكون قد عالجنا المشكلة من جذورها.

وصدق الله العظيم عندما قال:أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون.

CATEGORIES
Share This