منذ إعلان الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي في غرة سبتمبر2016 أمام مجلس الأمن القومي بضرورة إيجاد حل لحزب التحرير، إنخرطت معظم الوسائل الإعلامية في تعتيم مطبق على أخبار ونشاطات حزب التحرير وبانضباط تام يذكرنا بإعلام الأنظمة الشمولية التي تضبط توجهاتها أجهزة المخابرات ورؤوس المال الفاسدين، فهل يعقل أن تتفق كل الوسائل الإعلامية والصفحات الفايسبوكية التعتيم على مؤتمر الخلافة الذي انعقد في قلب العاصمة تونس في 28 أفريل 2018، إلا إذا كانت المخابرات لا تريد لهذا العنوان “الخلافة القوة القادمة” كيف سيوصل حزب التحرير الإسلام إلى الحكم، أو هذه الرسالة أن تصل إلى الفئات القادرة على إيصال الإسلام إلى سدة الحكم.
لقد درج حزب التحرير على دعوة وسائل الإعلام المختلفة بكل الوسائل المتاحة بما في ذلك الاتصال المباشر لتغطية فعالياته السياسية من ندوات صحفية ومؤتمرات ووقفات وغير ذلك إلا أن دعواته قوبلت بالإهمال باستثناء وكالة تونس إفريقيا للأنباء التي غطت معظم الندوات الصحفية أو قناة الزيتونة التي غطت بعضها، ونادرا ما يأتي صحفي لجريدة هنا أو وسيلة إعلامية أجنبية هناك.
والسبب الوحيد في ذلك أن ما يطرحه حزب التحرير من مشروع حضاري إسلامي يهدد المنظومة الغربية وأدواتها المحلية التي تحرسها بعض المنابر الإعلامية، وتتخذها ركيزة لمحاربة الإسلام كمنهج حياة، بحيث لم تقتصر على إقصاء المشروع الإسلامي من منابرها بل أصبحت منطلقا لتشويه الإسلام والعاملين له، فإذاعة “موزاييك اف ام” على سبيل المثال فتحت مصدحها يوم 18 ماي الجاري للإعلامي زياد كريشان في برنامج “ميدي شو” ليشن هجوما على المباشر على كل الجماعات التي تعتبر الإسلام منهاج شامل للحياة وتتبنى منظومة الحلال والحرام، واصفا إياها بالتطرف، دون أن ينسى الإشارة لبعضها بالإسم كحزب التحرير وحركة النهضة والسلفيين، ولما طالب حزب التحرير بحق الرد، وعدت الإذاعة بتمكينه من ثلاثين ثانية مسجلة ولم تفي بذلك بالرغم من إبلاغها بشكل رسمي عبر عدل منفذ، وهنا مكمن السقوط القيمي والأخلاقي لهكذا إعلام, فالدفاع عن مقياس الحلال والحرام الذي عاش وفقه الشعب التونسي أكثر من 13 قرن لا يستحق أكثر من ثلاثين ثانية عند القائمين على إذاعة “موزاييك اف ام” المتهجمة على شعب مسلم وعقيدته، والأنكى من ذلك أنها لم تفي بما وعدت واعتمدت المماطلة والكذب وعدم الوفاء.
ولم يقتصر هذا على الوسائل الإعلامية بل تعداها إلى بعض الإعلاميين الذين تقتضي مراكزهم وعملهم الدفاع عن الإعلاميين وحقهم في إبداء الرأي وحق الغير في الظهور الإعلامي، فإذا بهم يتناسون هذا الدور ويتنكرون له عندما يتعلق الأمر بحزب التحرير، فقد وقع الاتصال أكثر من مرة بنقيب الصحفيين ناجي البغوري لتنظيم لقاء بينه وبين المكتب الإعلامي لحزب التحرير إلا أنه في كل مرة يخلف وعده ويتهرب من اللقاء.
ورغم كل هذا التعتيم فإن دعوة حزب التحرير تكتسح الساحات يوما بعد يوم، وتحقق انتصارا في معركة العقول والقلوب التي تدور رحاها الآن على أرض الخضراء، ولم تكن صرخة المدعو زياد كريشان إلا محاولة يائسة لاستنفار ما تبقى لهم من قوة عبث لمجابهة إعصار الإسلام القادم خاصة بعدما أطلق حزب التحرير دعوة لأهل الفكر والرأي أن يلتفتوا للمشروع الإسلامي الذي يضعه بين أيديهم، والذي يعالج قضايا المجتمع معالجة حقيقية تحقق الطمأنينة والرفاهية.