الثورة وما بعدها.. ليكن مطلب الأمة وضع الإسلام موضع التطبيق
الرابع عشر من شهر جانفي 2018 هو الذكرى السابعة “للربيع العربي” الذي أطاح بعدد من الحكام الذين كانوا في السلطة لعقود. ولقد كان هناك الكثير من التفاؤل في تلك الأيام عندما هرب بن علي بالطائرة بعد أسابيع من الاحتجاجات. ولكن سرعان ما استبدلته وسائل العلام بتشاؤم بعد أن غلّفت حالة الغضب وعدم الرضا التي تعم المجتمع وضخّت حقنا كثيرة من المغالطات والعمليات القيصرية لتركيب راي عام مخالف لحقيقة مشاعر الشارع.
ما زالت الثورة تراوح مكانها، فلا نظاما أسقطت، ولا فسادا إقتلعت، ولا إسلاما وضعت موضع التطبيق. فرغم وصول بعض الإسلاميين إلى الحكم، إلا أن الإسلام ما زال بعيدا عن السلطة. ولم نرى خلال الأعوام السبعة المنقضية سوى صراعٍ على السلطة من أطراف عدة، فقيادات جميع الأطرف لا همَّ لها سوى الكراسي والمناصب. بينما دول أوروبا الإستعمارية تتدخّل في كل كبيرة وصغيرة من شؤون بلادنا، فيجتمع من هو في الحكم ومن ينتظر مزيد الولوج فيه من المعارضة جهارًا نهارًا بسفارات تلك الدول, ولا نسمع صرخات أي من الطرفين للاحتجاج والشجب، وكأن الأمر طبيعي معتاد، ولا يشكل ذلك في نظرهم تدخّلًا فاضحًا في شؤون الحكم في تونس، كما أن الوفود الغربية من شتّى دوائر السلطة تتوالى على البلاد بوتيرة أسبوعية تقريبًا للوقوف على تفاصيل الأمور والاطمئنان على عدم خروج القيادة السياسية في تونس عن الخطوط المرسومة لها، كل هذا يحدث.. ولا أحد ينبس ببنت شفة.
إن الشعب الذي أسقط بن علي وحاشيته، بعد تلك الثورة المباركة، لا يمكن أن يسكت على إبقاء النظام الذي حكم من خلاله بن علي وحاشيته، الذي رهن البلاد للغرب وصندوق نقده الدولي، وأبعد الإسلام عن الحكم، وبرغم تلك الثورة ما زالت الدول الغربية تصول وتجول في طول البلاد وعرضها، وما زالت عجلة الاقتصاد في تونس مرهونة برضا صندوق النقد الدولي، وما زالت أموال البلاد وخيراتها منهوبة، ورموز الفساد هم الحكام الفعليون، وما زال الإسلام بعيدا عن الحكم، إلاّ ما يُذرّ كرماد في العيون لإرضاء البسطاء من الناس.
إنّ وعد الله للأمة بالاستخلاف والتمكين متحقق لا محالة، مصداقا لقوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا) وإن بشرى الرسول – صلّى الله عليه وسلّم – : «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة» كائنة لا محالة. وإننا في حزب التحرير ندعو أهلنا في تونس في الذكرى السابعة للثورة، أن يكون مطلبهم هو وضع الإسلام موضع التطبيق الحقيقي، بإقامة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة، فبها وحدها عزتهم وبها وحدها النجاة من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وأن ينبذوا ما سوقه لهم الغرب الكافر وأذنابه، من ديمقراطية زائفة، وعلمانية نتنة، وقومية ووطنية مخالفة للإسلام.
((وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ))