
الجزائر ترد على مالي والنيجر وبوركينا فسو بعد تطورات حادثة إسقاط مسيِّرة
الخبر :
أعلنت الجزائر إغلاق مجالها الجوي أمام مالي والنيجر وبوركينا فاسو رداً على اتهامات هذه الدول بإسقاط طائرة مسيرة مالية اخترقت مجالها الجوي في 31 مارس 2025. وأكدت وزارة الدفاع الجزائرية أن البيانات الرادارية تثبت انتهاك الطائرة للحدود بمسافة 1.6 كم، واصفة الحادث بـ”المناورة العدائية”، بينما نفت مالي ذلك واتهمت الجزائر بـ”دعم الإرهاب”. كما استدعت الدول الثلاث سفراءها من الجزائر، التي ردت بالمثل، مشيرة إلى أن الاتهامات “باطلة” وتهدف لتحويل الانتباه عن فشل النظام العسكري في مالي .
جاء التصعيد بعد أشهر من التوترات المتكررة، حيث اتهمت مالي الجزائر بالتواصل مع جماعات مسلحة على حدودها، بينما نفت الأخيرة ذلك واعتبرته محاولة لـ”تصدير أزمات النظام الانقلابي”. كما أشار بيان الخارجية الجزائرية إلى سجل انتهاكات سابقة من مالي، مؤكداً أن الإجراءات جاءت وفق مبدأ “المعاملة بالمثل” .
**المصدر**: صحيفة “القدس العربي
التعليق :
الخلاف بين الجزائر ومالي كان ينبغي تفاديه مقارنة بجذوره، خاصةً أن الحل الدبلوماسي كان ممكناً عبر الحوار المباشر، بدلاً من التصعيد الذي يُهدد استقرار منطقة الساحل الهش أساساً . إقحام النيجر وبوركينا فاسو في الأزمة – عبر تبني خطاب تصعيدي موحد – يعكس تدخلاً خارجياً ، خاصة مع وجود مصالح أمريكية روسية في المنطقة الغنية بالموارد، سواء من خلال قطع الطريق أمام وصول إمدادات الغاز من نيجيريا إلى أوروبا أو الاستفادة من اليورانيوم والذهب وغيره من الثروات الباطنية ، ما يُذكِّر بسياسات استعمارية قديمة تهدف لإبقاء المنطقة في دوامة صراعات تخدم أجندات أجنبية .
إغلاق الجزائر مجالها الجوي لم يكن إجراءً تقنيًّا فحسب، بل هو رسالة سياسية تُذكّر بضرورة حماية الحدود من التغلغل الأجنبي، خاصة مع تزايد استخدام القوى الكبرى للطائرات المسيرة كأدوات للسيطرة. التاريخ الاستعماري علم المنطقة أن التنازل عن السيادة الجوية كان بوابة للغزو الخارجي.
المنطقة الإسلامية عانت من استعمار استهدف هويتها قبل أراضيها، كما حاولت فرنسا محو العربية في الجزائر. اليوم، تحاول الأنظمة الجديدة في الساحل إحياء الهوية الإسلامية كبديل عن التبعية الغربية، لكن عدم ربط الإسلام بوصفه مبدأ يجمع العقيدة بالنظام وبالدولة القائمة على تنفيذه ، يجعل العمل السياسي أداة لتكرار أخطاء الماضي بالتحالف مع قوى أخرى، لتأبيد الاستعمار بدل إزالته.
التساؤل أين الإسلام الذي يدعو إلى وحدة الصف وحل النزاعات بالحكمة، أين التاريخ المشترك بين شعوب المنطقة، أين الروابط الإسلامية الذي من المقترض أن تكون عاملاً لتعزيز التكامل بدلاً من التصارع. فالاحتكام للإسلام لرأب الصدع، هو ما كان يمكن أن يُجنب المنطقة مخاطر التفتت ويُعزز مساعي الاستقلال الحقيقي عن الهيمنة الخارجية،حيث تحولت هذه الروابط إلى خلفية للاتهامات المتبادلة، مثل اتهام مالي للجزائر بدعم “جماعات إرهابية”، في حين تُصر الجزائر على التزامها بمكافحة الإرهاب .
أين الوعي السياسي على خطورة الاستعمار المتقهقر في بلاده والذي يعيش أزمات سياسية وانقسامات اجتماعية عميقة وتهرم سكاني في حين تزخر منطقتنا بثروة تشريعية ربانية وثروات باطنية هائلة وامتداد جغرافي من المتوسط إلى العمق الإفريقي حيث تُعدّ منطقة الساحل من أكثر الشعوب الفتية في العالم على الإطلاق ، أين قائد كابن تشفين يوظف هذه القواسم المشتركة لبناء كيان سياسي يقوم على مبدأ الإسلام العظيم فتكون له كلمة الفصل والحسم مع الاستعمار الخارجي والانقسام الداخلي، قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾.