الديمقراطية وجريمة فصل الاسلام عن الحياة
يسوّقونها على أنها الإله المقدس وعلى أنها ترياق الحياة وعلى أنها مقياس التحضر والتمدن والحداثة وعلى أنها أفضل أشكال الأنظمة السياسية التي عاشتها البشرية، هكذا يجملونها وهكذا يزيفون الحقائق وهكذا يصوّرون الخراب جنة
فساد وتعفن الوسط السياسي الديمقراطي
وسط سياسي ديمقراطي، يستمد دعمه من أوكار السفارات والمخابرات، يعمل ليلا نهارا لكسب رضاء المسؤول الكبير، وسط سياسي علماني متعجرف، يحكم من فوق برج عاجي دون رقيب ولا حسيب، تحركه المصالح النفعية الانتهازية الضيقة ويغذيه الرأسمال السياسي القذر .
وسط سياسي ديمقراطي علماني عميل مُتواطئ مُهادن، مع أنظمة حكم مأجورة، وأحزاب معارضة خانعة وذليلة، زد إلى ذلك وسط إعلامي مُلوّث، وأقلام مسمومة، تتحرّك بالمال السياسي القذر، فتؤثّر في الرأي العام بما يتناسب مع الأفكار العلمانية التي بُنيت على قاعدة الفصل بين الدين والسياسة فكانت النتيجة أنْ تغوّلت القيادات الحاكمة، بعد أنْ وجدت من يُرقّع عيوبها، ويُطيل عمرها، ولا يعمل على إسقاطها، فتمادت في غيّها، وزاد بطشها وتنكيلها بالناس، واستشرى الفساد في جميع جوانبها.
وبهذا الأسلوب السياسي الاستعماري الخبيث، تمّ تسويق فكرة أنّ الحكومة والمعارضة يُكمّلان بعضهما بعضا، وأضيف إليهما ما يُسمّى بمنظّمات المجتمع المدني، بوصفها جميعًا أجزاءً من النظام العام، أو باعتبارها مكوّنات وعناصر تُشكّل الإطار الكلي لهياكل الدولة ومنظوماتها المختلفة. وانخرطت في هذه اللعبة السياسية كل الحركات الوطنية،
هذا الوسط السياسي الديمقراطي العلماني هو الذي تُريده لنا الدول الغربية الاستعمارية، حتى لا تتعرّض الكيانات المصطنعة التي أوجدتها في بلادنا إلى الخطر، ولكي نبقى دولة تابعة للمستعمرين إلى ما لا نهاية.
ديمقراطية الرأسمال المتوحش
تعتبر الديمقراطية الممول التشريعي الأساسي للنظام الرأسمالي فبسم حرية التملك وحرية التبادل التجاري والعولمة تفتح أو بالأحرى تخلع وتزال كل الحواجز وتعبد وتمهد كل الطرقات أمام أساطيل الشركات الرأسمالية الجارفة
وخذ مثالا على ذلك اتفاقيات الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص واتفاقيات التبادل الحر مع دول الغرب المستعمر، هذه الاتفاقيات ليست سوى شكل من أشكال الاستغلال الليبرالي لدول العالم الثالث لصالح الشركات المتعددة الاستيطان
فبسم حرية المنافسة والتنافس تسلم المؤسسات العمومية إلى القطاع الخاص، وبسم نقل التقدم التكنولوجي والتطور الصناعي تنهب الثروات وتستباح الشركات المحلية الصغرى، وبسم حرية السوق والأسعار نبقى في تبعية مذلة لغلو الرأسمال المستعمر
فاليوم يتكلمون عن عجز في الميزانية وعجز في السياسة المالية وتدهور في الأوضاع الاجتماعية في حين نجد في بعض الدراسات ان هناك في تونس ،عدد من الأثرياء لا يستهان به، تقدر ثروتهم أضعافا مضعفة من ميزانية الدولة
ديمقراطية التهميش الاجتماعي
نسبة فقر تفوق 20 بالمائة، ونسبة بطالة تفوق 15بالمائة ونسبة أمية بلغت 18 بالمائة، زد على ذلك انخفاض مضطرد للقدرة الشرائية للطبقة الفقيرة والمتوسطة مقابل ارتفاع متواصل لأسعار المواد الأساسية
هذا فيض من غيض من الأرقام المفزعة التي تغلف في حقيقة الأمر أرقام أكثر منها عمقا ووحشية خاصة في المناطق الداخلية والمناطق الريفية
وهنا نتساءل عن غياب النظرة الرعوية المجتمعية للديمقراطية، والتي ورغم كل هذا التأزم والتدهور المعيشي إلا أننا مازلنا نشاهد حرص القائمين عليها والناعقين بها، ينادون بخصخصة المؤسسات العمومية الحيوية وخاصة قطاع التعليم وقطاع الصحة كما ينادون بوجوب رفع الدعم عن المواد الغذائية الأساسية ورفع الدعم عن الصناديق الاجتماعية
فدور الدولة في الفكر الديمقراطية يقتصر على حفظ الحريات العامة وحفض مصالح الرأسمال المحلي والأجنبي دون اعتبار باقي المجتمع
ديمقراطية الفساد المجتمعي
باسم حرية التعبير وحرية الرأي وحرية الاعتقاد وحرية الضمير وما أكثرها من حريات مسمومة، باسم كل هذا فرض علينا اليوم أن نسمع ونرى في متاجر الإعلام المرئية والمسموعة من ينادون بالمثلية الجنسية، ومن ينادون يحرية الجسد، ومن ينادون بحرية استهلاك المخدرات والزطلة، ومن ينادون بحقوق الأم العزباء، ومن يتهكمون ويستهزؤون بمقدساتنا ومعتقداتنا الإسلامية، ومن يعبدون الشياطين والخرافات…
اليوم في تونس نسبة الانتحار في تزايد، نسبة العنوسة بلغت 60بالمائة، نسبة الطلاق الاولى عربيا…….
كل ذلك يتم اليوم برعاية دولة الديمقراطية دولة فصل الدين عن الحياة دولة الحداثة المزعومة
دفن الديمقراطية واجب
ليس هناك أي أمل في الديمقراطية، بغض النظر عمن يأتي ليحكم بها،. إن الديمقراطية تضمن أن تكون قيادتها لا تشعر بأية مسؤولية تجاه الناس ولا يوجد عندها خوف من حساب الله سبحانه وتعالى في الآخرة. إن أساس الديمقراطية هو رفض أن يكون دين الله سبحانه وتعالى شريعة للناس في الحياة، فهي ترد أوامر الله سبحانه وتعالى ونواهيه، لذلك لا يمكن للديمقراطية إلا أن تزيد من مشاكلنا والمشقات علينا، فهي ضرر وضرار في هذه الحياة وفي الآخرة، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى
هناك حل واحد فقط للديمقراطية، وهو الإطاحة الفورية بها ودفنها واستبدال نظام الحكم في الإسلام بها، فالتغيير الحقيقي ليس في الوجوه فقط، بل لا يمكن أن يتحقق إلا بإنهاء الديمقراطية وإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، فإنه طوال عهد الحكم بالإسلام عاش المسلمون في عدل وأمن، منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة ، وخلال فترة الخلفاء الراشدين، مروراً بجميع عهود الخلافة. لذلك يجب علينا جميعاً العمل لإلغاء الديمقراطية وإقامة الخلافة على منهاج النبوة، عندها فقط سيكون لدينا حكام يتقون الله سبحانه وتعالى وحده، يحكمون بالعدل ويرعون شئون الناس جميعاً، بغض النظر عن أعراقهم ومذاهبهم ودينهم وغناهم أو فقرهم. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ الله﴾، وعندها فقط سوف نشهد نهاية الحكم الجبري والاستبداد وعودة الحكم بالإسلام من قبل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي بشّر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف الذي قال فيه: «… ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ “
ممدوح بوعزيز