قالت المقررة الأممية أورميلا بولا، إن أكثر من 40 مليون شخص في العالم ربعهم أطفال يعانون الاستعباد. وقدمت بولا خلال الجلسة الـ42 لمجلس حقوق الإنسان في مكتب الأمم المتحدة بجنيف السويسرية، الاثنين، تقريرا أعدته حول “العبودية الحديثة”. ولفتت أن 60 في المائة من ملايين المستعبدين مجبرون على العمل في القطاع الخاص، وأن 98 بالمائة من النساء والفتيات يتعرضن للعنف الجنسي.” (“مقررة أممية: 40 مليون شخص يعانون الاستعباد” بتاريخ 9/9/2019 (شبكة الأناظول)
التعليق:
إن وباء العبودية ليس وباءً حديثاً بل ظلم الإنسان للإنسان موجود منذ بداية الخلق. وفي هذا العصر الحديث ارتبطت العبودية بالمبدأ الرأسمالي الذي يحكم ويتحكم بالمناصب السياسية والاقتصادية وقسم العالم إلى دول العالم الأول والثاني والثالث! وهذه سياسة الدول الاستعمارية الغربية الطفيلية الكافرة التي تدخل البلاد لتنهب وتسرق الأموال وتنتهك عقول وأعراض المستضعفين من البشر عامة وتستعبد المرأة خاصة. فالعبودية مجموعة قرارات سياسية واقتصادية تُتخذ لتضمن شريعة الغاب وأن البقاء للأقوى. فالأولوية للمصالح المادية والخطط الاستراتيجية التي تضمن لدول “العالم الأول” عيشة الرفاهية لأن حكوماتهم ببساطة أقوى بأموالهم – التي سرقتها من البلاد الأخرى وأفقرت أهلها واستأجرت حكوماتها – أو بأسلحتهم وليس بأفكارهم عن الحياة وما قبلها وما بعدها، فهم يعيشون بسطحية لإشباع رغباتهم. يفصلون الدين عن حياتهم ويسنون القوانين الوضعية لحماية همجيتهم فهم عبيد لشهواتهم. وإن سألنا دول “العالم الثالث” عن الأسباب التي تجعل إنسان يرضى بأن يستعبده آخر فالإجابة هي أنه مُجبر على ذلك بسبب انعدام الاستقرار المادي وفقدان الرعاية والأمان، فهو يعيش حالة من الانهزام الفكري والنفسي فينجر ليصبح جزءاً من منظومة الرأسمالية الفاسدة.
إن الإنسان حول العالم اليوم يعبد المصلحة من دون الله تعالى ويسترخص نفسه ليعيش بحسب تشريعات البشر. إن خلاص البشرية من الاستعباد يكمن في خلاصها من هذا المبدأ اللعين. إن المبدأ الوحيد الذي سيخلص البشرية من العبودية كما خلصها أول مرة حين طُبق هو نظام الإسلام في دولة الخلافة؛ فالإسلام هو المبدأ الذي يقوم على شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، والذي أسست أنظمته السياسية والاقتصادية والتعليمية والعسكرية والاجتماعية على تقوى الله وعلى منهج رسول الله عليه الصلاة والسلام، والتي هي أحكام شرعية ربانية فيها الرحمة وفيها العدل، تعالج مشاكل الإنسان وتنظم العلاقات المختلفة بين الناس تنظيماً دقيقاً راقياً يضمن الحقوق ويوزع الواجبات والمسؤوليات ويحفظ العقل والنفس والأعراض والأموال والأراضي وكرامة الإنسان؛ بجعل عبوديته لله عز وجل وحده وأن يعيش بحسب تشريعاته فلا يستغله أحد ولا يذله أحد، رزقه على الله، يعلم قدر نفسه ويعمل لإرضاء ربه. عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَاظُمَهَا بِآبَائِهَا، فَالنَّاسُ رَجُلَانِ بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللَّهِ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ، وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ وَخَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ، قَالَ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾» رواه الترمذي وصححه الألباني.