السودان: شعيرة الحج أصبحت تجارة في ظل السياسات الرأسمالية الجشعة
الخبر:
كشف رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بالبرلمان “الطيب غزالي” عن عقدهم لاجتماع، مع وزارة الإرشاد والأوقاف، يوم الاثنين، لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء الارتفاع في تكاليف الحج للعام 1439هـ، والذي تجاوز الـ(40) ألف جنيه، بزيادة أكثر من (130%) عن العام السابق. (المجهر السياسي الاثنين 2017/7/10)
التعليق:
إن عقد الاجتماعات بين البرلمان ووزارة الأوقاف، لن يحل مشكلة الزيادة الفلكية لتكاليف الحج، فكم من اجتماع عقد ولا يناقش أصل المشكلة ولا يقدم حلولاً، بل هي اجتماعات صورية خالية من روح المسؤولية.
ففي كل عام تزيد مشكلة ارتفاع تكاليف الحج والذي أصبح هاجسا ومعضلة، يقلق الجميع، وخاصة ذوي الدخل المحدود؛ الذين يتمنون أداء هذه الشعيرة العظيمة، فيجمعون الأموال بعناء شديد، بل قد يبيعون بعض ممتلكاتهم طلباً لرضا الله سبحانه، وتأتي الدولة وترفع التكلفة دون حسيب أو رقيب، ولا توجد ضوابط، ووزارة الأوقاف تحدد التكاليف، ليس بناء على أن شعائر الله حق، وأن الدولة هي من يسهل للناس القيام بها، كما هو معلوم، بل ترفع التكلفة بناء على أطماع، ومحاصصات متخذي القرار، الذين ثبت فسادهم بمحاكمات علنية، امتلأت بطونهم بالجشع والطمع، يأخذون المبالغ الخيالية، ويقدمون أسوأ الخدمات، وفي النهاية يقوم أحدهم بالتبرع بجزء من الفائدة لبناء مدرسة أو مسجد أو لأعمال خيرية! فأي فهم للإسلام في عقول هؤلاء الذين اتخذوا دينهم مطية لتحقيق المطامع الشخصية الآنية!
إن شعيرة الحج في السودان أصبحت سلعة أول من يتاجر بها هم الموظفون في وزارة الأوقاف، فهم لم يتورعوا عن التجارة بتصريح عبادة وفريضة الحج، مثلما اعتدوا باسم الاستئجار والاستثمار على أوقاف، وقفت في سبيل الله للمساجد والأيتام …الخ في الداخل والخارج يستغلها لوبي الفساد من بعض موظفي وزارة الأوقاف، ولسنا في حاجة لأن نسوق الأدلة على ذلك فقضية الفساد الكبيرة لوزارة الأوقاف في السعودية، والتي امتلأت بها وسائل الإعلام أعطت أدلة لا تحصى على ذلك، فقد كشف وزير الإرشاد والأوقاف في السودان، خليل عبد الله، عن قصور وفساد إداري ومالي بقطاع الأوقاف خلال العام 2011م. وقال إن تقاطعات إدارية أسهمت في ظهور تلك الإخفاقات وشملت أوقاف الداخل والخارج، خاصة بالسعودية. (صحيفة سودان تربيون الخرطوم 16 أيار/مايو 2012).
إن وزارة الأوقاف على علم بما يدور في كواليسها من المتاجرة بفريضة الحج وأوقاف أيضا منذ سنوات وهم سكوت، لأنهم لا يريدون أن يفصحوا عن أنفسهم ومتسترين على سرقاتهم من المتاجرة بمباني ومزارع وأراضٍ وقفت لوجه الله، دون حسيب ولا رقيب، وكذلك المتاجرة بتصاريح عبادة وفريضة الحج وميزانية الحج، وهم متسترون على الظلم والفساد الإداري والمالي الذي تورم، وانتفخ تحت غطاء سياسات مبنية على الرأسمالية الجشعة، وكل الممارسات الفاسدة في أروقة الحكومة كالسرطان الخبيث الذي يجب أن يعترف به أولاً، ثم يشخص ويفضح ويعرف ليعالج بالبتر.
إن الحج أصله عبادة وكما يعلم المسلم هو الركن الخامس من أركان الإسلام، ولكن نظراً لفساد النظام والقائمين على أمره، فقد تحولت العبادة إلى تجارة وسلعة، لذلك فلا بد من وقفة جادة في وجه المحتكرين والفاسدين، من المسئولين، ولن يحل ذلك الجشع والاحتكار إلا دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، التي تطبق حدود الله وتقيم شعائره طاعة لله وليس لجني المال.
غادة عبد الجبار – أم أواب