الصراع الإسلامي مع اليسار… أساسه القابلية للاستعمار

الصراع الإسلامي مع اليسار… أساسه القابلية للاستعمار

نظّم مركز دراسة الإسلام والديمقراطية ندوة فكرية بعنوان: العلاقة بين اليسار والإسلاميين في تونس: التعايش أو الصراع؟
وذلك يوم الخميس 27 فيفري 2020 بمقر مركز الإسلام والديمقراطية. وكان الهدف من الندوة حسب القائمين عليها تسليط الضوء على العلاقة بين اليسار والإسلاميين في تونس منذ السبعينات إلى الآن، حيث شهدت هذه العلاقة تقاربات وتحالفات وأيضا عداءات وصراعات .فأي مستقبل لهذه العلاقة بعد 9 سنوات من الثورة؟

تدخل في الندوة عديد الأطراف على غرار عبد العزيز المسعودي عن  اليسار في حين تغيب محمد الكيلاني, وعن حركة النهضة تدخل العجمي الوريمي كما كانت مداخلة للأستاذ الجامعي عبد اللطيف الحناشي وعن الإعلاميين حضر لطفي الحاجي وصلاح الدين الجورشي الذي تولى تقديم الندوة والإشراف عليها.

أهم ما عرّج عليه المتدخلون كان حول تاريخ العلاقة بين الطرفين القائمة على الشك والخوف المتبادل والنزعة إلى اتخاذ مواقف مناهضة لبعضهما البعض وهذا ما خلق حالة من التوتر كانت لها انعكاسات على المؤسسات, كما تحدّث الأستاذ الحناشي حول مراجعات الشيوعيين وأن حالة اليسار عموما في العالم الإسلامي تختلف عن مثيلاتها في الغرب فهي لا ترى نفسها معادية للدين ولا بديلا عنه وخلافها مع الإسلاميين يتمحور في مسألة الأحوال الشخصية وتوظيف الدين في السياسة كما يعتبرون أن المعركة متواصلة مع التيار الإسلامي… العجمي الوريمي تحدث أن معارضي النهضة أيقنوا أن الحكم مع النهضة ممكن, ولكن البقاء في المعارضة في صف الحزب الدستوري الحرّ قد يوفّر اليوم أرضية جديدة للتوافق السياسي ولتكوين كتلة تاريخية تجتمع حول مشروع وطني مستقبلي يراعي الثوابت الثقافية والحضارية والوطنية ويرتّب الأولويات ترتيبا سليما ثم ينظم التداول السلمي على السلطة بين هذه العائلات السياسية والفكرية الكبيرة, العائلة اليسارية العائلة الإسلامية العائلة القومية العائلة الدستورية, نقول هذا يمكن أن يعطينا مشهد سياسي جديد قائم على التوازن وقائم على التعدد الفعلي والحقيقي.

عبد العزيز المسعودي القيادي بحزب المسار تحدث على ضرورة ترك الخلافات جانبا في الوقت الراهن والتركيز على إيجاد حلول مشتركة للخروج من الوضعية الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها البلاد. الكلمة الأخيرة كانت للإعلامي لطفي حجي الذي تحدّث عن التدخل الخارجي الذي غذى الصراع على غرار طرح مسألة النمط المجتمعي من جهة والفكر الوهابي الذي أدّى إلى الاغتيالات السياسية من جهة ثانية وأن الحل يكمن في تقبّل كل طرف للآخر وأن العلمانية ضرورة لا بدّ منها في النظام الديمقراطي.

كانت هناك عديد من المداخلات للضيوف تحدثت عموما عن سبل الالتقاء بين الطرفين لتجاوز الأزمة كما عبّر بعض الوعاظ الذين حضروا عن استغرابهم من طرح فكرة فصل الدين عن الدولة في مجتمع إسلامي كما كانت هناك مداخلة متميّزة لعضو لجنة اتصالات حزب التحرير الأستاذ محمد الحبيب الحجاجي الذي بيّن أننا في علاقتنا بالتيارات المختلفة نلتزم منهجية الإطلاع الدقيق على ما تطرحه من أمهات أفكارها للحكم عليها حتى أن أحدهم ذات مرّة مدّ لي يده مصافحا وقائلا “أهلا بالرفيق”!!!  فقلت له عفوا أنا إسلامي من حزب التحرير وبينت له أسس بطلان الفكر الإشتراكي الشيوعي ومناقضته للعقيدة الإسلامية. الآن أرى أن هذا الخلاف تجاوزنا وأن الصراع القائم الآن للأسف هو بين الإسلامي والإسلامي بكل صراحة أقولها لكم تلقيت لكمات وضرب من خلال الإسلاميين والتي وريثتهم الآن النهضة… النهضة الآن بعد أن فصلت السياسي عن الدعوي تركت مجالا للإعلام والغرب أن يبثّ سمومه في هذه البلاد, الإسلام إذا نزعنا منه السياسية ورعاية الشؤون, ماذا بقي فيه ولم يعد إسلاما وبالتالي أريد أن أسأل السيد عجمي الوريمي أين إسلامية النهضة لولا أن الإستعمار يريد أن يسوقها إسلامية حتى يقطع الطريق على العمل الإسلامي الجادّ وعلى حزب التحرير وعلى الخلافة القادمة إنشاء الله. وهذه الترهات من ترامب وغيره لن تثني المسلمين عن العودة للخلافة لأنها وعد الله عزّ وجلّ.. انتهى.

بعض النقاط أردت الإشارة إليها من خلال هذه الندوة

أولا هناك حضور للوعاظ الدينيين وهو مقصود وقد أشار إليه ذات مرة مدير مركز الإسلام والديمقراطية رضوان المصمودي بأن الأئمة يمثلون حجر الزاوية لمشروعهم باعتبارهم يشرفون على أكبر مؤسسة  تعليمية في المجتمع وهو المسجد الذي يؤمه قرابة خمسة ملايين مسلم أسبوعيا ليسمع بإنتباه وخشوع امتثالا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلّم “من قال لصاحبه صه والإمام يخطب فقد لغا”, ناهيك على برنامج الأمم المتحدة المتعلق بأئمة المساجد. فتعويدهم على هذه الخطابات المستفزة للمشاعر الإسلامية وللعقيدة أحيانا يكون لها تبليد متعمّد لحسهم وفكرهم الإسلامي وتطبيع مع ثقافة “الآخر المختلف” واحترامها ثم تبريرها واعتبارها أمر واقع..

أجمع المتدخلون على هشاشة العلاقة بين الإسلاميين واليسار وأنها محل تجاذب من أطراف داخلية وخارجية والحلّ بكمن في الحوار وترك التجاذب الإيديولوجي, لكن ما لم يتحدثوا عنه أسباب الصراع وأين يكمن تدخّل الخارج وكيف الحلّ ؟؟؟

إن الخلل الحقيقي الذي لم يتعرضوا إليه يكمن في دستور 2014 الذي قام على أساس علماني فضفاض, فسح المجال للتدخّل الخارجي بل قنّنه من خلال الجمعيات مثلا, وكذلك لم يضبط عمل القوى السياسية وينظمها في علاقة بالمجتمع والدولة بل فتح الأبواب على مصراعيها  للتنظم السياسي في جميع الاتجاهات بأن نصّ على حرية الضمير التي أنتجت جمعية شمس وأخواتها.

التعددية السياسية التي يريدها الغرب للبلاد الإسلامية، ليست تعدد أراء في أجواء المبدأ الذي نختاره نحن والمعبّر على ثوابتنا ومفاهيمنا ومقاييسنا، بل هي التفاف جديد وفرض أمر واقع لتثبت نظامه الرأسمالي الفاشل والمرفوض حتى أصبحنا نسمع بتعدد على أساس الميول الجنسية “الجندرية “لإثارة الفرقة والتشرذم والفوضى.. فيفعل من شاء ما شاء, ولا حول ولا قوّة إلا بالله.

والحلّ الجذري يكمن في العمل الجادّ مع المخلصين من أبناء الأمّة لكنس الإستعمار بذيوله وبمخططاته من بلادنا وإقامة دولة الإسلام خلافة راشدة على منهاج النبوة وعد الله وبشرى رسوله التي يعزّ فيها الإسلام والمسلمون ولهم فيها حق التنظّم والعمل السياسي الراشد الذي ينهض بالأمة ويحفظ قوتها وخيريتها بين الأمم.

قال تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه.

ياسين بن يحيى

CATEGORIES
TAGS
Share This