الطبقة السياسية ليست فاشلة بل خائنة للأمانة.. والإسلام ليس خيارا بل هو الحل الأوحد

الطبقة السياسية ليست فاشلة بل خائنة للأمانة.. والإسلام ليس خيارا بل هو الحل الأوحد

        تتميز الحياة السياسية في تونس باتساع دائرة التهارش السياسي القذر لتعمّ كامل الطبقة السياسية، حكما ومعارضة و” منظمات المجتمع المدني “، دون أن يكون لها أثر حقيقي في معاناة العاطلين عن العمل ولا الأزمات التي تعيشها الأسر جراء غلاء الأسعار أو الخدمات المتردية لقطاع الصحة أو النقل أو التعليم، وغيرها من الحاجات اليومية للناس دون أن نتطرق إلى ما أصاب البلاد والعباد من إذلال ومس بالكرامة جراء التدخلات المهينة لسفراء الدول الاستعمارية ومنظماتها المختلفة المشارب والأدوار في كل شأن من شؤوننا بل في كل ركن من أركان البلاد.

       فرئيس الحكومة لم يتلجلج لسانه وهو يبرر التحوير الوزاري الأخير بما أسماه بالضجيج السياسي والإرباك المؤثر سلبا على الوضع السياسي والاقتصادي  والاجتماعي والذي حال حسب زعمه دون تحقيق حكومته نتائج أفضل على مختلف المستويات، حيث أكد أن الحكومة عملت تحت ما أسماه، دون مواربة، بالقصف العشوائي أين كانت النيران الصديقة فيه أقوى من نيران المعارضة، في إشارة صريحة إلى الحزب الذي ينتمي إليه بل وإلى رئيسه نفسه.

       وحمّى السياق الانتخابي جعلت مختلف مكون المعارضة لا يرى من سبب لما تمر به البلاد من أزمات إلا وجود الطبقة الحاكمة ذاتها، فهو لا يرى من حل في ظل وجودها، فهي غير معنية إطلاقا بمشاغل الناس وانتظاراتها, ولا هم لها  سوى التموقع في مراكز القرار وتصفية الحسابات الضيقة بينها. يعمل مختلف فرقاء المعارضة في هذه الظروف على محاولة تضليل الناس بأن مجرد التخلي عن حكام اليوم وعدم التصويت لهم في قادم الانتخابات وإعطاء أصوات الناخبين لرموز المعارضة كفيل بإخراجهم من الوضع الذي تردوا فيه دون أن يقدموا برامج مغايرة لما مجّته الأسماع مما يلوكه أقطاب الحكم.

      وقد تكفلت ” منظمات المجتمع المدني ” في ظل هذا العبث بإضفاء مصداقية موهومة للمعارك الدونكشوتية التي يخوضها هؤلاء “الساسة” بتقاسم الأدوار والمهمات الموكولة إليها لتعميق قلة الوعي لدى العامة وصرف الأنظار عن أصل الداء بصورة لا تخفى عن الملاحظ العادي: كمراقبة الانتخابات، والتغطية الإعلامية، ومتابعة نفقات الحملات الإنتخابية، وملاحظة ما يجري في مكاتب الاقتراع، لترفع تقاريرها إلى الجهات الخارجية الممولة لها بدعم تقني ومادي، حتى اكتسبت هذه المنظمات استقلالية تامة عن أجهزة الدولة بل أضحت منطقة ريبة وفضاء خارجا عن نفوذها.

معارك صبيانية وضوضاء تخفي الجريمة

     رغم بعض التصريحات التي بدأت ترشح باحتشام أن البلد واقع تحت الهيمنة الخارجية كإقرار بعض مسؤولي الإتحاد أن الحكومة لا يمكن أن تتحمل الزيادة في أجور بعض قطاعات الوظيفة العمومية دون سماح صندوق النقد الدولي بذلك، إلا أن تبادل التهم بالفشل، كمن اجتهد ولم يفلح، لا يزال هو الخطاب الطّاغي على كل الوسط السياسي إخفاء لجريمة القبول بالخضوع للتدخل الأجنبي السافر للدول الاستعمارية ومنظماتها المختلفة. فما هذه الضوضاء التي تثيرها معاركهم الصبيانية على المناصب والمواقع إلا الستارة التي تمر خلفها القوانين والعقود والبروتوكولات المكبّلة للبلد والممكّنة لليد الأجنبية من التحكم بمستقبلنا. فمسيرة التفريط في سيادة البلاد وجعلها مرتعا لكلّ القوى الاستعماريّة، بريطانيا وشركاتها النّاهبة، والاتحاد الأوروبي وبنوكه، وصندوق النّقد وشروطه المكبّلة المهلكة، والأمم المتّحدة و”خبرائها”… لا تزال متواصلة. و ضبط الموازنات الماليّة للدّولة حسب أوامر صندوق النقد الدولي بما يعنيه من تخلّي الدّولة عن رعاية شؤون النّاس في حاجاتهم الأساسيّة من تعليم وصحة ونقل… إلخ بذريعة عدم قدرة ميزانيّة الدّولة على الدّعم. وضمان مصالح “شركات النّهب الاستعماريّة” التي تنهب ثرواتنا نهبا بقوانين وضعتها الطّبقة السياسيّة بعد تسلّلها إلى التشريع والحكم بانتخابات ديمقراطيّة. والسعي لاتّفاق كارثة “اتّفاق الشراكة المعمّق مع الاتّحاد الأوروبيّ” الذي سيُمكّن الأوروبيين من الهيمنة على القطاع الفلاحي وقطاع الخدمات بشكل كامل. كل ذلك وغيره كثير ألا يعد خيانة موصوفة لا فشلا؟

           فالدعوة إلى أفكار تخدم الكفر والكافر المستعمر، مثل الدعوة إلى الديمقراطية والدولة المدنية، بزعم محاربة  الدكتاتورية والتسلط هي خيانة لله ورسوله ولجماعة المسلمين أدرك ذلك الداعي إليها أم لم يدرك. والاستعانة بالأجنبي، على أي صورة كانت الاستعانة: ماليا أو عسكريا أو سياسيا أو تسليمه قضية من قضايانا ليكون فيها محكّما انتحار سياسيّ وخيانة قطعا.

” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقّ”

     إنه لمن العار على من أوقد ثورة هزت أركان الظلم والظالمين وخطّت للمقهورين طريق الانعتاق أن يظل أبناؤها يتمسحون على أعتاب فكرة، الديمقراطية، وقد بان عوارها، ويشهد الخلق جميعا على فضاعة ما جرّته على الإنسانية، حتى صرنا نتابع ضربات الفؤوس التي يكيلها لها أهلها في مهد نشأتها. ولولا وقوفهم حيارى أمام سؤال ما هو الحل لما أبقوا عليها يوما.

ومن أحسنُ من الله حكما؟

      الحل قطعا، في شرع الله جلّ في علاه، الذي ارتضاه لعباده  أجمعين لا في غيره من الأديان والمبادئ والنّظم،  وشاءت حكمته سبحانه وتعالى أن تجري سنته بأن يبلغ رسلُه، دينه وشرعه إلى خلقه، ُوكان من فضله علينا أن أكرمنا بأن جعلنا من ورثة خاتم النبوّة نؤدي أمانته بالعمل على إقامة الكيان الذي يقيم في الناس شرع ربهم ، دولة الإسلام: خلافة على منهاج النبوة، وذلك:

        ـ إزالة فئة ارتضت غير شريعة الرحمان وأسلمت البلاد والعباد لأعداء الحياة، وعدم طاعتهم لمعصيتهم رب العالمين.

         ـ قلع النفوذ الغربي وتجريم كل علاقة بهم وإبطال كلّ الاتّفاقيّات والعقود التي أبرمت مع الدّول الاستعماريّة ومنظّماته الدّوليّة: الأمم المتّحدة، وصندوق النّقد الدّولي، والبنك العالمي ومثيلاتها، واسترداد ثروة البلد من أيدي الشركات النّاهبة، وإرجاع الأموال المنهوبة.

      ـ التطبيق الفوري للإسلام بإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، وإعادة الإسلام كطريقة للحياة ودستور للدولة.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13) ـ الممتحنة ـ

عبد الرؤوف العامري

CATEGORIES
TAGS
Share This