الطبقة السياسية والتفويت في ثروات البلاد للأجنبي
بعد عسكرة مناطق إنتاج الثروات الطبيعية في البلاد ، الذي أعلنه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في شهر ماي الماضي، بدعوى أنّ “الدّولة مطالبة بحماية تلك الموارد”، والتي في حقيقتها حماية لهذه الثروات من الشعب لصالح الشركات الاستعمارية الناهبة، وبعد سير يوسف الشاهد رئيس الحكومة في خيار تحويل ملكية المصارف العمومية إلى القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي، وذلك استجابة لتوصيات منتدى “تعصير القطاع البنكي: رهان النجاح بالنسبة لتونس” الذي انعقد في البنك المركزي في شهر جويلية 2017 بحضور ممثلين عن البنك الدولي، وبعد تحقيق خطوات عملية في هذا الشأن، هاهو أحد رموز الطبقة السياسية المهترئة، ياسين إبراهيم، رئيس حزب آفاق تونس، يروج لفكره الليبرالي الرأسمالي، حيث دعا في برنامج “باريس – تونس” على قناة فرانس 24 الدولة التونسية للتخلي عن دورها في إقتصاد البلاد، وذلك بالتفويت فيما تبقى لها من ملكيات لصالح القطاع الخاص المحلي والأجنبي، وهو ما يدلل على أن الوسط السياسي في البلاد تابع وخادم للشركات الاستعمارية ولا يملك أي مشروع من شأنه إخراج البلاد من عنق الزجاجة إلا بما يتوافق مع مصالح الدول الاستعمارية وشركاتها الناهبة.
لقد كان الأجدر بالطبقة السياسية في تونس أن تنهل من الإسلام العظيم باعتباره مشروعا حضاريا فيه معالجات لجميع مشاكل الإنسان في الحياة بما في ذلك الحياة الاقتصادية، حيث حدد النظام الاقتصادي في الإسلام الفاصل بين القطاع العام والقطاع الخاص بالشكل الذي لا يجعل ثروات البلاد بيد حفنة من رؤوس المال أو تحت هيمنة الشركات الاستعمارية، فجعل الثروات الباطنية من بترول وغاز وفسفاط ومعادن وغيرها من الملكية العامة لأهل البلاد، فلا يجوز التفويت فيها للقطاع الخاص، و تشرف على إدارتها الدولة، بينما يستفيد مما يخرج منها عامة الناس إما نقدا أو في شكل خدمات، وهذا غيض من فيض مما تزخر به الشريعة المحمدية التي لن ننعم بالراحة والاطمئنان إلا في ظلها.
الأسعد العجيلي