يلعب المال السياسي دورا رئيسيا في توجيه الأعمال السياسية والفكرية والثورية، بحيث تكون ثمارها على موائد الداعمين ومن يقف وراءهم من الدول الكبرى التي تسيطر على المنطقة الإسلامية وتعمل ليل نهار للحيلولة دون انعتاقها من سطوة الاستعمار وأدواته المحلية.
تمويل بريطاني ليوسف الشاهد
فقد كشفت صحيفة الـ”غارديان” البريطانية تمويل بريطاني ليوسف الشاهد للتصدّي لاحتجاجات في 2018، باستعمال صندوق سري لتمويل شركة التسويق والإشهار العالمية “ساتشي” التي لها فروع في عدة مدن منها “تل أبيب”، بقصد دعم وسائل إعلام تونسية لمساندة حكومة يوسف الشاهد والترويج لإصلاحاته الكبرى التي لا تخرج عن كونها توصيات من صندوق النقد الدولي، وبالمقابل تقوم هذه الوسائل بتشويه الاحتجاجات الشعبية الغاضبة التي اندلعت في تونس في جانفي 2018، ضد قانون المالية الذي تضمن زيادة في الضرائب وفي مواد أساسية.
تمويل خليجي للانقضاض على الثورات
كما أعلنت السعودية والإمارات رأسا الحربة الأمريكية في التصدي للثورات التي أشعلت المنطقة، دعما ماليا للسودان قدره ثلاثة مليارات دولار، في خطوة لدعم المجلس العسكري الانتقالي الذي يحكم البلاد منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 من أفريل 2019، وقد توجت الزيارة التي قام بها قادة المجلس العسكري للإمارات والسعودية أواخر شهر ماي 2019 بفض اعتصام القيادة، في محاولة لاستنساخ ما قام به سيسي مصر في انقلابه على إخوان مصر.
ومن قبلها استطاعت أمريكا من ربط قادة فصائل الثورة السورية بالداعمين حتى أوصلت سفينة الثورة، من خلالهم إلى التيهٍ والضياع، ولم يتبقّى من الأراضٍي المحررة، إلا إدلب وبعض مناطق ريف حلب الغربي، يتنازعها أمراء حرب يهادنون الأعداء، وبأسهم بينهم شديد، ينفّذون بحرفيةٍ ما يصدر عن غرف الدعم الأمريكية من أوامر، وما يتفق عليه أعداء الإسلام في أستانة وجنيف والرياض، من وقف لإطلاق النار مع النظام، وهو ما أدى إلى سقوط مروع للمناطق الواحدة تلو الأخرى ويهدد الثورة بالزوال.
طارق رمضان وعمرو خالد مثالان عن دعم من يخدرون الأمة:
لم يقتصر الدعم المالي للفئات السياسية والثورية بل شمل فئة أشد خطرا، وهي فئة من يسمون بالمفكرين الإسلاميين والدعاة، وخطورة هذه الفئة مرده إلى كونها تستهدف العقول، حيث نشرت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية يوم 30 مايو 2004، تقريرًا بعنوان «خطط بريطانيا السرية للفوز بعقول وقلوب المسلمين»، وتضمن التقرير معلومات خطيرة، عن خطة ممنهجة لإعداد ما يسمى دعاة جدد فى الشكل والمضمون، للعمل على استمالة أكبر عدد من الشباب المسلم الواعد والمبشر لهم بمستقبل باهر في الإدارة والسياسة، لتغيير نمط أفكارهم وطريقة حياتهم.
وكان الداعية عمرو خالد، مع بدايات الألفية الثانية، يقرر الإقامة في بريطانيا تحت زعم أن نظام مبارك استبعده من البلاد، وتحصل فيها سنة 2010 على الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، تحت عنوان «الإسلام والتعايش مع الغرب» من جامعة «ويلز» ببريطانيا.
وفي 13 جوان 2017، كشفت وزارة الخارجية البريطانية، عن منحها 47 مليون جنية استرليني للداعية المذكور.
كما كشفت صحيفة ليبيراسيون الفرنسية أن المفكر السويسري وحفيد البنة طارق رمضان الذي كان يدير مركزًا للدراسات الإسلامية في الدوحة في العام 2012، ومستشارا لتوني بلير في مكافحة الإرهاب منذ 2005، يتلقى مرتبا شهريا مريحا يبلغ 35 ألف يورو شهريًا من قطر منذ عدة سنوات، مقابل خدمة الجهات الداعمة وقد حضرت شخصيا لبعض محاضرات طارق رمضان في سويسرا حيث كان يحذر الشباب المسلم من حزب التحرير الذي كان له نشاط ملحوظ أقلق المخابرات السويسرية.
الدعم المالي أحد وسائل القوى الغربية
لطالما نبه حزب التحرير من خطر المال السياسي القذر التي تستخدمه الدول الكبرى وأدواتها المحلية في صرف الأمة عن التغيير الحقيقي بقلع الاستعمار ومرتزقته من أشباه السياسيين والمفكرين، وبالرغم من هذا التآمر المحموم على الأمة ومشروعها الحضاري، سوف تتساقط أدوات الغرب تباعا أمام المشروع المبدئي الإسلامي، وسنقيم الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة ونقتلع الغرب وعملائه قلعا لن يعودوا بعده بإذن الله، مصداقا لقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُون.
د, الأسعد العجيلي عضو المكتب الاعلامي لحزب التحرير – تونس