أشرف رئيس حكومة تونس يوسف الشاهد صباح يوم 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 على الجلسة التأسيسية للمجلس الوطني للحوار الاجتماعي بمشاركة المنظمات الوطنية ممثلة في الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.
ويندرج هذا المشروع في إطار تنفيذ بنود العقد الاجتماعي الذي أبرم في 14 كانون الثاني/يناير 2013 بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وذلك من منطلق الوعي بضرورة الالتزام بمبدأ التشاركية الفعلية بين الأطراف الاجتماعية وإيمانا بأن الحوار الاجتماعي هو الدعامة الأساسية للاستقرار السياسي والوئام الاجتماعي والنمو الاقتصادي.
وشدد يوسف الشاهد على أن الحكومة لن تتخلى عن دورها التعديلي في عملية إعادة توزيع الثروة لتحقيق ما يطمح إليه شعبنا من عمل لائق للجميع وعدالة اجتماعية ورفاه اقتصادي.
التعليق:
بعد الحوار الوطني برعاية الرباعي الراعي، وبعد وثيقة قرطاج الأولى والثانية، اليوم مسرحية هزلية مملة، تتكرر مرة أخرى ولكن في إطار مختلف وتحت قبة جديدة “المجلس الوطني للحوار الاجتماعي”.
مسرحيّة أخرى لذر الرماد في العيون ولتحويل وجهة القضايا الملحّة ولشدّ الأنظار وتعليق الانتظاران علّها تُحقّق نوعا من حالة الاستقرار الباحث عنه، في سنة قادمة، فيها من الاستحقاقات الانتخابية التشريعية والرئاسية وما تفرضه من توافقات وتنازلات.
إن المتتبع لخطاب يوسف الشاهد والذي شدد على دور الحكومة التعديلي في عملية توزيع الثروة يلمس وَهْم الحديث، فهو في حقيقة الأمر انطلق في حملته التسويقية للانتخابات القادمة، فالمتحدث عن التوجه الاجتماعي لسياسة الحكومة لا يمكن أن يكون بميزانية ذات توجه ليبرالي رأسمالي ولا برئيس حكومة صرح سابقا في حوار لقناة خاصة “أنّ مفهوم الدولة ودور الدولة في الإصلاحات يجب أن يتغيّر، فالدولة لم تعُد قادرة على انتداب الآلاف من طالبي الشغل، وأن زمن الدولة التي تعمل وترعى انتهى”.
إن الاحتجاجات الشعبية اليوم، وإن لم تبلور بعد بصورة مبدئية واضحة، باتت تطالب بإلحاح شديد بضرورة التغيير الجذري والعمل على قلع آليات النظام الرأسمالي المتوحش التي أدت إلى رهن الشعوب بجبل من الديون الخارجية وبأعباء ثقيلة شلت قدرتها على النهضة والتنمية الاقتصادية الصحيحة.
إن الداء يكمن في جوف النظام المطبق في تونس، وهو نظامٌ يحمل الداء في ثناياه، لأنه يقر بأن حاجات الإنسان غير محدودة، في مقابل السلع والخدمات المحدودة، أي أن الحاجة والفقر أمرٌ طبيعيٌ لا فكاك منه، كما أن هذا النظام ظل يطبَّق منذ أكثر من ثلاثة قرون في بلاده، وهو يترنح تحت وطأة الأزمات العالمية، فهل عالج مشكلةَ الفقر أو البطالة أو الديون، رغم نهبه للثروات وامتصاصه لدماء البشرية؟! فلماذا التشدق بهذا النظام الفاسد؟ ولماذا يحاولون حل مشكلاتنا عن طريق إعادة استنساخه بمثل هذه المجالس تحت مسمى الحوار الاجتماعي، وهو خال وعاجز عن أن يمدَّنا بالحلول الجذرية؟! فالواجب هو اجتثاثه من جذوره.
إن الوضع الراهن الذي وصلت إليه البلاد سببه النظام الرأسمالي الذي يطبق علينا، ولا يمكن أن ننهض النهضة الصحيحة إلا بتطبيق المنظومة الإسلامية كاملة دون اجتزاء أجزاء منها، في إطار دولة إسلامية هي دولة الخلافة على منهاج النبوة، هذا ما فرضه علينا رب العالمين، وهذا ما يجب أن نعمل من أجله جميعاً.