المرصد الإجتماعي التونسي: 1490 تحركاً احتجاجياً، و72 حالة انتحار ومحاولة انتحار في تونس، هي حصيلة جانفي 2018
كشف المرصد الإجتماعي التونسي التابع للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تونس، عن تسجيل 1490 تحركاً احتجاجياً اجتماعياً، و72 حالة انتحار ومحاولة انتحار في تونس، في تقريره عن شهر يناير/كانون الثاني 2018.
وجاء في تقرير المرصد أن أكبر نسبة للتحركات الاحتجاجية كانت جماعية بنسبة 94 بالمائة، أي 1402 احتجاج، في حين بلغت نسبة الاحتجاجات الفردية 6 في المائة، والبالغة 88 احتجاجاً.وكانت اعلى نسبة في الاحتجاجت قد شهدتها ولاية تونس وقفصة وسيدي بوزيد والقيروان والقصرين وقابس, في حين احتلت ولاية صفاقس وسوسة ومدنين المرتبة الثانية, وفقا للتقرير.
وخلال مؤتمر صحفي للمنتدىو عقد أمس الاثنين, قال رئيس المنتدى, مسعود الرمضاني , إن حجم التحركات الاحتجاجية المسجلة في تونس كان متوقعا لعديد الأسباب, منها الاقتصادية والاجتماعية , في ظل رفض قانون المالية لسنة 2018, الذي أدى إلى تراجع القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار.
وتوقّع الرمضاني أن ترتفع وتيرة الاحتجاجات خلا الأشهر المقبلة, نظرا لغياب الحلو ل المطروحة من قبل الدولة, ومحاولات تغيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
ولفت على تنبيه المرصد سابقا بأن تجاهل المطالب الاجتماعية يؤدي الى مزيد التحركات, ودعا الحكومة إلى التنبّه لظواهر اجتماعية, منها الانقطاع المدرسي للفئات العمرية التي تقل عن 18 عاما, مشيرا على تسجيل 113 ألف شخص مترسبين من التعليم دون 18 عاما في 2017و وانقطاع 116 ألفا عن الدراسة في عام 2016.
وأضاف الرمضاني أن المرصد حذّر من عدم إدراج الفئات المذكورة في الدورة الاقتصادية، واعتبر أن مصير هؤلاء سيكون المواجهة مع المجتمع أو العنف الجنسي والعنف في الملاعب أو اللجوء إلى الهجرة السرية، نتيجة انسداد الأفق وغياب الخطاب السياسي المطمئن.
ومن جانبه أوضح المشرف على المرصد الاجتماعي التونسي, والمتخصص في علم الاجتماع, عبد الستار السحباني, أن الاحتجاجات العفوية ذات الطابع الاجتماعي تأتي في المرتبة الأولى بنسبة 43 بالمائة, تليها الاحتجاجات التلقائية بنسبة 35 بالمائة, ثم الاحتجاجات العشوائية ونسبتها 23 بالمائة. مع بروز الاحتجاجات ذات الخلفية السياسيّة, إضافة إلى القطاع التربوي. وأضاف أنّ تطور الاحتجاجات ملحوظ خلال شهر جانفي.
تقرير يزيد من وضوح الرؤية للمتابع الحائر كما للفاعل السياسي على حد سواء, ليبقى الأمر بيد الموكّلين على شأن البلاد وأهلها, ولا يجدوا لها من حجّة عند التقصير والخذلان وترك حبل الظلم والفساد على الغارب, إلى من حجّة عليهم تشهد أمام الله يوم يسألهم فيما استرعاهم.
ليس بإمكان أحد في تونس اليوم أن ينكر أن كل من تصدر الحكم فيه البلاد قد فشل فشلا ذريعا وزاد من تراكم الاحتقان فيها على جميع المستويات, إلى درجة أضحت فيها الحكومات بمثابة العبء على الشعب المكلوم. ولا أدلّ على ذلك ازدياد منسوب كره الناس للمنظومة الحاكمة وارتفاع عدد الاحتجاجات والمطالبات بالحقوق أمام تنكّر السلطة لها في أغلب الأحيان, ومقابلتها بعصا الشرطي.
المُنتخبون في محافل البيعة الديمقراطية التي وقف لها زمرة المشرعين والمنظمين والمطبلين في يوم مشهود شهد فيه صاحب الفيتو الأخضر الغربي بكفاءتهم في تعويضه هم مسئولون عن كل كبيرة وصغيرة تحدث في تونس, من فساد في الحكم برمّته ومجمل أحوال الناس, والأرقام وحدها تكشف مدى تخاذلهم حتى في أبسط مشمولات الحكم, ومع اعتراف أغلب المختصين والمهتمين بشأن البلاد بعدم أهلية المتصدرين للحكم اليوم بعد إتباعهم لخطوات مرسومة لهم مسبقا من قبل من يكيدون لتونس السوء, بل بضعف القائمين على الحكم في تونس تجاه موجات الاستعمار القديمة الجديدة وعدم رغبتهم في صدّها, بعد أن أشاحوا بعيونهم عن معاناة الناس، وتعاموا عن رغبتهم في التغيير، وسدّوا آذانهم عن المطالبات بالحقوق الواجبة، واستهتارهم بها، وتعويلهم على أجهزة الإعلام والأمن التابعة لهم، وكأنهم لا يدركون تماما الواقع المحيط بهم، ولا يعرفون شيئا لا عن شعبهم، ولا عن التطورات الفكرية الحاصلة فيه.
على هؤلاء الحكام أيضا أن يدركوا أنهم هم المسئولون عن الطريقة التي يعبر بها الشعب عن نفسه، ولاسيما بشأن لجوئه إلى الحد الأقصى الغير مقبول وهو حرق النفس وقتلها تحديدا، بعد أن طال صبره، وفقد أمله حتى في الإصلاح (من فوق)، وبعد أن سدّت أمامه فرص التغيير الحقيقي، حتى من خلال الحوارات والبرلمانات والمناشدات المفبركة والشكلية منها. والثابت أن الخطوة الأولى في مسيرة الذهاب إلى التغيير عبر الفكر بالذات، قد حصلت ولا مجال للعودة على الوراء.
هؤلاء الحكام اليوم معنيون بإدراك حقيقة أن أجهزتهم الأمنية والإعلامية والحزبية لم تعد تفيدهم شيئا، فقد دقّت ساعة الحقيقة، أي ساعة التغيير، منذ أن خرج أوّل صادع بالحق في أزقّة المدينة قائلا بأنّ صبر أهل تونس قد نفد, وأنّهم على وعي تام بكون من يحكمهم ليس إلّا منفّذا لسياسة مخطوطة من بأيدي مستعمر الأمس واليوم, وأن وقت رحيلهم قد حان, ولو بعد حين.
خلاصة القول أنّ أمام الحكومة طريق واحد للنهوض بتونس وهو السير وفق ما يُرضي خالق الكون الذي فطر الناس على الإسلام وزرع فيهم التّوق إلى الأحسن في جميع أمورهم, بعث فيهم من يُعلّمهم أبجديّات الحكم فيما بينهم بمنظومة عادلة من ربّ عادل يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور.
أحمد بنفتيته