المنظومة الأمنية بين “رحمة الإسلام” و”إرهاب الديمقراطية”
في تونس “مزرعة روتشيلد” تشرف المملكة المتحدة البريطانية على الرؤية الاستراتيجية لوزارة الداخلية وتنتصب منظمة “أكتس استراتيجي” الانجليزية في “قلب” الوزارة” لتصوغ العقيدة الأمنية كما صرح بذلك سفير المملكة المتحدة السابق بتونس هاميش كوويل، ويحتفظ جهاز المخابرات البريطاني “MI6″ بأبحاث عملية نزل امبريال سوسةإلى يومنا هذا وتحذر سفارة المملكة في تونس رعاياها من السفر إلى تونس لتوقع حدوث أعمال إرهابية ” غالبا ما تقع”.
لسائل أن يسأل، ما علاقة الدول الأجنبية وخاصة بريطانيا بأمن بلادنا وما مصلحتها من “دعم المجال الأمني” في تونس، والإجابة جد بسيطة فما إن يتقدم أحد من أهل هذا البلد بمطلب استخراج وثيقة رسمية كجواز سفر أو بطاقة عدد 3 وقد بدت عليه مظاهر “التدين” أو حمل فكرا يناقض فكرة الديمقراطية حتى يدخل في نسق ماراطوني من البحث الإرشادي بداية من السؤال الاستنكاري بعد معرفة الهوية “متى بدأت الصلاة؟”، فيستنتج بكل بساطة أن أمن هذه البلاد ليس بأمان المسلمين وأن العقيدة الأمنية تخالف عقيدة رجال الأمن أنفسهم “الإسلام” الذي جعل من الجهاد في سبيل الله ذروة سنامه.
العقيدة الأمنية والحرب على الإرهاب
العقيدة الأمنية هي تعبر عن وجهات النظر الرسمية بخصوص الأمن بما يتوافق مع طبيعة التحدّيات والتهديدات وتمتد من أعلى التنظيمات السياسية في الدولة لتتدرج حتى أدنى المستويات على الميدان، ومنذ السبعينات قررت الولايات المتحدة الأمريكية أن توجد رأيا عاما عالميا ضد الإرهاب كما تراه وقد استغلت الأعمال التي تعرضت لأهداف مدنية سواءأصدرت هذه الأعمال من حركات سياسية وعسكرية غير مرتبطة بأمريكا أو صدرت من حركات مرتبطة بالاستخبارات الأمريكية حيث دلت كثير من التقارير على أن بعض الأعمال التي وصفت بالإرهابية قد كان وراءها رجال من CIA كاختطاف طائرة TWA في بيروت مطلع الثمانينيات من القرن الماضي لتفرض بذلك على العالم تحديا و تهديدا جديدا أطلق عليه اصطلاحا “الحرب على الإرهاب”.
وفي سنة 1979 عقدت الإستخبارات الأمريكية ونظيرتها البريطانية ندوة حددتا فيها معنى الإرهاب بوصفه “استعمالا للعنف ضد مصالح مدنية لتحقيق أهداف سياسية” وبعدها عقد العديد من المؤتمرات والندوات الدولية لتحديد الأعمال التي يمكن وصفها بالإرهاب وبيان نوعية الأحزاب والحركات والجماعات التي تمارس الإرهاب و تعيين الدول الراعية للإرهاب ويتضح من مجمل القوانين والتشريعات المتعلقة بالإرهاب أنها غير دقيقة وأنها خاضعة للاتجاهات السياسية لهذه الدول فيكفي مثلا أن يكون القائم بالعمل الإجرامي مسلما “حتى يوصف العمل بالإرهاب ويكفي أن يكون المجرم ملحدا أوصليبيا حتى يوصف الفعل بالإجرام ويتدخل الطب النفسي في أغلب الأحيان ليعلن أن الفاعل يعاني من اضطرابات نفسية واختلال عقلي، وبذلك يكون قانون الإرهاب الذي فرضته الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم وتسير به المنظومة الأمنية في بلاد المسلمين سلاحا استراتيجيا بغطاء قانوني لمحاربة الإسلام والمسلمين.
لا عجب إذا أن يضع البحث الإرشادي أداء الصلاة وارتياد المساجد ومذاكرة الكتب الفقهية محلا للمساءلة وقد صنعت العقيدة الأمنية في تونس على عين بريطانيا عدوة المسلمين الأولى مستغلة ذلك الشعار الرنان “الحرب على الإرهاب” وخاصة وأن الوضع الأمني في ليبيا غير مستقر، ولذلك نجدها قد وضعت برنامجا للتنمية في تونس يمتد على سنتين 2016 و2017 يحتوي جانبه الأمني على النقاط التالية:
-
تدريب وتجهيز قوات الأمن التونسي للمساعدة في حماية المدنيين من الإرهاب.
-
العمل مع وزارة الداخلية التونسية ووزارة الدفاع التونسية لتعزيز الأمن على الحدود.
-
العمل مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لتعزيز قدرات الأمن التونسي على مكافحة تهريب المهاجرين في المنطقة
-
المساعدة على تعزيز الأمن في المطارات
-
مساعدة الحكومة التونسية على تطوير قدراتها لمواجهة التطرف
-
دعم شرطة الجوار ومجابهة مبادرات التطرف
-
تطوير القدرات الاستراتيجية للقطاع الأمني في تونس من خلال بناء مؤسسات قوية وخاضعة للمساءلة
يكفي أن يذكر أي مسلم أمنيا كان أو عسكريا أو مدنيا “وعد بلفور” ليعلم حقد بريطانيا على أمة الإسلام والمسلمين وهي التي حاربت الإسلام عقودا طويلة وجمعت الدول الأوروبيّة من أجل إسقاط الخلافة ومزقت بلاد المسلمين وتقاسمتها مع فرنسا المجرمة، وهي التي اغتصبت أرض فلسطين وأدخلت فيها عصابات يهود الإرهابية وأمدتهم بالسلاح لذبح المسلمين ليضع بريطانيا الإرهابية محل المساءلة، بل لقد أكدت مندوبة بريطانيا الدائمة لدى الأمم المتحدة، كارين بيرس، بمناسبة مائوية وعد بلفور رضا المملكة المتحدة على هذا الوعد المشؤوم الذي أبدت فيه حكومة لندن عام 1917 سعيها لقيام دولة قومية يهودية في الأراضي الفلسطينية.
-
كيف يسمح لبريطانيا بالإشراف على خطة الإصلاح الاستراتيجي لوزارة الداخلية؟
-
لماذا تدشن سفيرة بريطانيا في تونس “لويس دي سوزا” مراكز الشرطة والحرس الوطني وتزور مقر وزارة الداخلية؟
-
ما وراء الهبات التي منحتها بريطانيا لتونس (تجهيزات) “للرفع من القدرات الأمنية”؟
-
كيف يسمح المحققين البريطانيين في عملية سوسة الإرهابية بوصف “ردة فعل الشرطة التونسية بالمخزي والجبان” وغيرها من الأسئلة الحارقة والعالقة والتي لم يبدو أن لها إجابة عند الحكام الأقزام وموظفي المسؤول الكبير؟