تحصلت تونس على قرض رقاعي بقيمة 700 مليون أورو حسب بلاغ صادر عن وزارة المالية يوم الأربعاء الفارط. وتمتد فترة السداد على 7 سنوات بنسبة فائدة تناهز 375ر6 بالمائة .
وأكدت وزارة المالية أن حوالي 182 مؤسسة مالية قدمت عروضا في هذا الشأن, وتمثل المبلغ المعروض من المستثمرين بأكثر من 2200 مليون اورو أي ما يعادل 7130 مليون دينار.
وأوضحت الوزارة أن هذا القرض يأتي على إثر جولة ترويجية بأهمّ الأسواق العالميّة قام بها وزير الماليّة ومحافظ البنك المركزي التونسي في إطار تمويل حاجيات الميزانية لسنة 2019
أغلال وأغلال يكبل بها المستعمر الغربي البلاد وتضعها تحت تصرفه الكامل بضمان من الطبقة السياسة التي سخرت كل جهودها لتحقيق طموحات ساسة الغرب وقناصلهم داخل تونس, وخذ في هذا الصدد مثلا مجلس نواب الشعب الذي حقق رقما قياسيا في المصادقة على مشاريع القوانين المتعلقة بالقروض بشكل كبّل التونسيين اليوم وسيكبّل الأجيال القادمة بكم مفزع من الديون حيث لم يمر شهر دون تمرير قرض جديد.
وحسب التبريرات المقدمة خلال مناقشة قانون المالية 2019 فان هذا الاقتراض غايته تحسين قدرة البنوك على تمويل القطاع الخاص, وبصفة أدق كبار ناهبي المال العام والمتمعشون من الصفقات المشبوهة.
سيل من الأموال.. أين تذهب؟
قروض تؤخذ باسم الشعب لتتمتع بها مؤسسات خاصة يستثمر اغلبها في المجال العقاري الذي لا يكاد يحدث سوى أشغال هشة وموسمية ولا يشغل حاملي الشهائد؛ أو لتمويل مشاريع سياحية تقف مردوديتها على وفود جواسيس الغرب من عدمه وتهرب العملة عبر منظمي الرحلات السياحية.. ليسددها عامة الشعب فيما بعد من عرق جبينهم وقوت عيالهم الذي بالكاد يكفيهم اليوم لا أكثر.
فالكل يتذكر الامتيازات الاستثمارية التي كانت تمنح للشركات الأجنبية زمن الرئيس المخلوع بن علي بشكل مباشر (التمويل) أو غير مباشر(الإعفاءات ودعم الطاقة) والتي كانت مجرد تلاعب بحوافز الاستثمار في مناطق التنمية الجهوية… او تلك الديون الكريهة ل100 رجل أعمال تحصلوا على قروض لا يزال يدفعها المواطن التونسي إلى اليوم.
وفي سياق الموضوع فإن ما ذكره ممثل الاتحاد الأوروبي منذ أيام عن فساد القطاع الخاص واحتكار عائلات بعينها اكبر المؤسسات الاقتصادية الخاصة ليس بالأمر المخفي أو الجديد, فمعلوم عند الجميع أن المتنفذين في قطاعات معينة,- قطاع الطاقة خصوصا- والحائزين على القدر الأكبر من نصيب المنهوب من البلاد هم الرسامون الفعليون لخطوط الحكم في البلاد بالطول والعرض, بما يخدم جشعهم.
وللتأكيد على علم السلطة بحقيقة جرمها وما ينتجه الإقتراض من مهالك للبلاد فإن وزارة التنمية والتعاون الدولي أكدت هذا الأمر في دراسة لها سنة 2016 وبينت فيها أن مساهمة القطاع الخاص في الناتجة الداخلي الخام PIB)) لا تتجاوز 15 في المائة. حيث تؤكد اغلب التقارير الدولية والاخصائيين على الصبغة الطفيلية لعدد كبير من المؤسسات الخاصة المنتصبة في البلاد للتمتع بالامتيازات الممنوحة من الدولة لا غير.
ورغم ذلك تحرص حكومة الشاهد على مزيد إغراق البلاد بالديون لتمويل القطاع الخاص ولوبيات المتلاعبين بأموال العامة, والحال أن لها مؤسسات عمومية غارقة في الديون ومنها ما تقبع على شفا الإفلاس رغم أنها هي التي من شأنها -أو هكذا يُفترض- أن تؤمّن الحاجيات الأساسية للناس, إضافة إلى أنها تعمل في مجالات تنافسية وقادرة على الإنتاج وتحقيق أرباح طائلة لو توضع لها برامج استثمار هادفة مثل شركات الفسفاط والمجمع الكيمياوي والفولاذ, والخطوط التونسية, ولا ننسى شركات البترول التي لو تستردّ من الناهبين الغربيين لأعطت البلاد ميزانيات تفوق ميزانية تونس بعشرات الأضعاف وتجنبنا دعاوي الاقتراض والارتهان التي تنشرها الحكومات المتعاقبة.. وقد بلغ حجم الدين 90 في المائة من الناتج الداخلي الخام اذا ما احتسبنا ديون ال104 مؤسسة عمومية.. (20 في المائة من الدين العام(.
مسار متواصل من جرائم جمة ترتكبها الحكومة وتعتبرها إصلاحات وانجازات… أقرها الوزير المكلف بمتابعة هذه “الإصلاحات” توفيق الراجحي الجمعة الفارطة واصفا أن المسار يقتضي أحيانا اتخاذ إجراءات «مؤلمة ولا شعبية».
إن هيمنة رجال الأعمال وبارونات داخلية وخارجية على كل من الحكومة ومجلس النواب يفسر أمرا مهما من طبيعة نظام الحكم الرأسمالي القائم على إشباع فئة قليلة من المرتبطين بالغرب وخيوطه الاستعمارية الناهبة حد التخمة, ورهن السيل العرم من عامة الناس لديهم حتى يظلوا تحت حكمهم المؤسَّس على الظلم واستعباد بني الإنسان, بعد أن عملوا على استبعاد قوانين خالق الإنسان.
وإنه لا مفر لأحد من أن يصطلي بنار هذا النظام الذي ما كان لوكلاء “المسؤول الكبير” أن ينفذوه لولا أن وجدوا تزكية من شرذمة انتهازية رخيصة, وحمايةً من أهل القوة الذين لا يزالون إلى اليوم متمسكين بدور الصامت المتفرج على صفقات بيع البلاد بلا حراك.
فتونس اليوم تحتاج إلى قيادة سياسية واعية مخلصة تحمل مشروعا قادرا على إحداث الفرق وعلاج جميع المشكلات بحلول حقيقية، وليس مسكنات أو ضربات غربية مؤلمة كما يقول ساسة الارتهان, وهذا المشروع لا يوجد حقيقة إلا لدى حزب التحرير، غير أن هذه القيادة وهذا المشروع بحاجة إلى من يؤمن بأن حكم الله وحده القادر على إنقاذ تونس من كل ما يوجع أهلها، بنصرة صادقة مخلصة لله وحده، تسلم الأمر لهذه القيادة لتحكم الناس بالإسلام كاملا في دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فالمعادلة الآن في يد المخلصين من أهل الخضراء, والأمة الآن بعمومها وليس تونس وحدها مهيأة لقيام الدولة التي تعيد لهم الكرامة والعزة ورغد العيش، بل فلنقل مهيأة لأن تحتضن الإسلام ونظامه وتضحي في سبيله بكل غال ونفيس، فالأمة التي صبرت عقودا على فساد الرأسمالية ومنفذيها وعجزها عن رعاية الناس على حد السواء, حتما ستصبر وتتحمل عندما ترى الخير يعود في بلادها بعزّة واقتدار.
أحمد بنفتيته, عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير – تونس