الوفد الأمريكي إلى ليبيا، وثوب الحمل الوديع

الوفد الأمريكي إلى ليبيا، وثوب الحمل الوديع

عبد الرؤوف العامري

      بعد تعثر عميلها الجنرال خليفة حفتر، الذي أطلقته على أهله وبلده ليبيا مند أفريل الماضي، في محالة للسيطرة على العاصمة طرابلس وحسم الصراع مع السلطة القائمة فيها لفائدة الانجليز بقيادة السراج، وبعد الأعداد المتعاظمة من القتلى والجرحى من أبناء الشعب الليبي، وحجم الدمار الذي أصاب المدينة، ـ يصحو الضمير الأمريكي ـ على مأساة أهلنا في ليبيا ليصبح حديث مسؤوليها، في البحث عن الخطوات اللازمة لوقف أعمال العنف والقتال في ليبيا وإيجاد حل سياسي للصراع هناك، لترسل يوم الإثنين 25 من الشهر الجاري بحسب بيان وزارة الخارجية الأمريكية وفدا من مسؤولي الدرجات الثانية من موظفيها والمتكون من:  نائبة مستشار الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فيكتوريا كوتس، وسفيرها لدى ليبيا ريتشارد نورلاند والمقيم في تونس والنائب الأول لمساعد وزير الخارجية للشؤون الدولية في وزارة الطاقة الأميركية ماثيو زايس، والعميد ستيفن ديميليانو نائب مدير إدارة الإستراتيجية والمشاركة والبرامج في قيادة الولايات المتحدة لإفريقيا للبحث مع عميل السوء خليفة حفتر، للنظر في إمكانية استثمار الظروف الحالية وتحقيق الغاية من إطلاقها  يد عميلها في ليبيا لتثبيت شيء من نفوذها هناك، وفرض عميلها كطرف سياسي معترف به من قبل الأوساط السياسية، خاصة بعد عجز سلطة العاصمة على حسم أمره والتخلص منه.

        في الحقيقة وإن جاءت الخطوة الأمريكية الحالية وزيارة وفدها لحفتر، والتي وضعت تحت عنوان كاذب، الضغط على حفتر ومحاولة وقف تقدم الجيش الليبي في طرابلس، إثر المحادثات التي أجراها في واشنطن كل من محمد الطاهر سيالة، وزير الخارجية بحكومة الوفاق، ووزير الداخلية، فتحي باشاغا، وعدد من الخبراء، في المؤتمر الوزاري للدول الأعضاء في التحالف الدولي لهزيمة داعش، والذي دعا له مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، أين لم يستطع وفد سلطة الوفاق إخفاء محاولة استرضاء أمريكا من أجل وقف تقدم الجيش الليبي، إلا أنه يبدو أن للأحداث التي يشهدها العراق ولبنان من خلال الموجة الثانية لما يحلو للدوائر الاستعمارية تسميته بالربيع العربي، وإرهاصات التعافي التي بدأت تدب في ثورة أهل الشام، وما تشكله من تهديد لسلطان وحكم المشيخات التي طال أمد جثيها على كواهل أهل الحجاز والخليج، قد عجلت باتخاذ الإدارة الأمريكية هده الخطوة، طمعا في حلحلة الأوضاع في ليبيا وتخفيفا للصداع الذي تمثله هده القضية على الإدارة الأمريكية ومن ثمة إشغال القوى الأوروبية عامة والانجليزية خاصة.

     تأتي زيارة الوفد الأمريكي المذكور، إلى ليبيا حفتر، في ثوب المنقذ المشفق على الشعب الليبي، بعد أن استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية تحميل وزر ما يعانيه الناس في ليبيا جراء الحرب الأهلية الدائرة هناك إلى روسيا التي جرتها إلى عش الدبابير في ليبيا، خدمة لمصلحها وللقيام بالمهام القدرة نيابة عنها كحالها غي سوريا، وإبداء قلقها بعد تزايد نفوذ روسيا في ليبيا، كما تزعم أمريكا، واستغلال “موسكو” للصراع الحالي لدعم حفتر على حساب الشعب الليبي. مبدية انزعاجها من وجود “مرتزقة روس” يقاتلون مع “حفتر”، وكذلك للتدخل المصري والإماراتي إلى جانب حفتر ودعمه بالسلاح  والمشورة لذا جاء المسؤولون الأمريكيون الكبار ليطالبوا بشكل رسمي بوقف العدوان على العاصمة من قبل “حفتر”.

     وكذلك استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية وهي تسعى من جهة أخرى لاحتواء سلطة طرابلس الدفع بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يمضي مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج اتفاقا عسكريا وآخر بحريا بهدف تعزيز التعاون بين البلدين… في استنساخ لدوره القذر الخياني في محاولة إجهاض الثورة في سوريا.

  فلا السراج ارعوى عن خدمة الأهداف الأوروبية بدعوى الشرعية والاعتراف الدولي بحكومته، ولا حفتر أفاق من سكرة القوة الواهنة التي خدعته بها أمريكا، ليأويا إلى خيمة الرابطة الشرعية التي تظلهما وأهلهما في ليبيا حقنا للدماء النازفة وقطعا لطمع وعدوان الأعداء الكفرة الفجرة.

 ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِياءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين (51) المائدة.

CATEGORIES
TAGS
Share This