اليد البريطانية الماكرة تطول عمادة الأطباء في تونس
عقدت سفيرة بريطانيا (لويز دي سوزا) في 30 أغسطس 2018 لقاء مع رئيس عمادة الأطباء بتونس (الدكتور منير يوسف مقني)، ووفق ما نشره موقع التواصل الإجتماعي الرسمي للسفارة البريطانية بتونس (الفايسبوك) فقد تمحور اللقاء بينهما حول برنامج “المنح الدراسية للحكومة البريطانية” (chevening) .. علما أنه برنامج يموّل ويُمكّن “طلبة العلوم” بالدراسات الجامعية العليا بتونس (درجة ماجستير) من الهجرة إلى بريطانيا للترسيم في جامعاتها الأكاديمية والدراسة فيها لمدة سنة.
كما نشر الموقع ذاته أنّ رئيس عمادة الأطباء يعتبر أن برنامج “المنح الدراسية للحكومة البريطانية” (chevening) وسيلة هامة لتكريس الشراكة بين تونس وبريطانيا في المجال العلمي والأكاديمي .. فيكون هذا الإعلان الإعلامي المنسوب لرئيس عمادة الأطباء بصفته الإشرافية على العمادة بمثابة الإعلان الإعلامي المنسوب لهيئة العمادة فتكون عمادة الأطباء باعتبارها هيئة تحت إشراف رئيسها قد مارست الدعاية الإعلامية لبرنامج “المنح الدراسية للحكومة البريطانية” (chevening).
فمن جهة، عندما نراجع المواقف المنسوبة لعمادة الأطباء نجد تصريح الكاتب العام للعمادة (الدكتور نزيه الزغل) في شهر يناير 2018 على أحدى وسائل الإعلام المسموعة (rtci) والذي كان مفاده أنّ نسبة 45% من عدد الأطباء المرسمين الجدد لسنة 2017 لدى “المجلس الوطني لعمادة الأطباء التونسيين” قد غادروا البلاد واعتبرها نسبة مرتفعة ومفزعة تعبر عن هروب “الكفاءات الطبية” من تونس وانعكاساته السلبية على وضع الصحة في تونس .. ثم نجد رئيس عمادة الأطباء في أغسطس 2018 يُمجّد برنامج “المنح الدراسية للحكومة البريطانية”.
ألا يُمثّل التصريحان تناقضا في موقف العمادة تجاه ظاهرة هروب الكفاءات العلمية من تونس؟!
إذ نشير أن البرنامج البريطاني chevening يساعد المملكة المتحدة البريطانية على استقطاب المتفوقين من طلبة العلم ومن الكفاءات العلمية، فيكون هذا من شأنه أن يخدم مصالح بريطانيا أولا وآخرا وهذا من شأنه أيضا أن يزيد من وتيرة “هروب” النخبة العلمية من بلاد تونس بحثا عن ظروف تعليمية ومهنية أفضل نظرا لإهمال الدولة في تونس لرعاية شؤون الناس في التعليم وفي مجالات الحياة الأخرى .. إذ كشفت التقارير الصادرة عن بعض المنظمات المهتمة بالشأن الدولي أنّ حوالي 90 ألف “طالب علم” هاجروا تونس منذ سنة 2011.
ومن جهة أخرى حين ننظر بعمق في حيثيات الدعاية التي مارستها عمادة الأطباء لصالح البرنامج البريطاني (chevening) نُدرك أنها دعاية خططت لها بريطانيا منذ مدّة باستدراج العمادة للتواصل مع السفارة البريطانية بتونس بذريعة النقاش حول موضوع آخر يتعلق بالموافقة على الحصول على تأشيرات سفر بريطانية (visa) بالنسبة لمجموعة من أطباء تونسيين راغبين في حضور مؤتمر (طبي) في بريطانيا وذلك عقب رفض السلطة البريطانية الموافقة على التأشيرات في وقت سابق.. فكانت نتيجة هذا التواصل بين السفارة والعمادة أن وجدت العمادة نفسها تمارس الدعاية لبرنامج بريطاني خاص بالمنح الدراسية لطلبة العلوم وهو موضوع في ظاهره لا علاقة له بموضوع تأشيرات السفر لحضور مؤتمر (طبي) في بريطانيا.
فما تقدم من معلومات وأحداث ووقائع يثير لدينا التساؤل الجاد حول حقيقة برنامج “المنح الدراسية للحكومة البريطانية” (chevening) الذي تعمل سفارة بريطانيا بتونس منذ مدة على الدعاية له لكي يصل بها الأمر لتتجرّأ على توظيف عمادة الأطباء في تونس لخدمة دعايتها تلك.
فماذا يُفيد اهتمام عمادة الأطباء في تونس بموضوع يخص المنح الدراسية التابعة للحكومة البريطانية ؟!
وهل يُعتبر تواصل سفارة بريطانيا مع الهيئة المهنية الوحيدة في تونس التي تدير جميع الأطباء التونسيين (عمادة الأطباء) أمرا جائزا في العرف الديبلوماسي فلا غبار عليه ؟!
ألا يدلّ هذا التواصل على تدخّل سفارة بريطانيا في تحديد سياسة الصحة والتعليم الطبي في تونس ؟!