برغم التطبيع والخيانة, لا أمل لبقاء كيان يهود في فلسطين

برغم التطبيع والخيانة, لا أمل لبقاء كيان يهود في فلسطين

ما من قضية من قضايا الصراع التي شهدها العالم إلاّ وتمّ الوصول فيها إلى حلّ ما وبشكل ما باستثناء قضية فلسطين فهي بحق أعقد قضية شهدها العالم، فهي أكبر من أهل فلسطين وأكبر من كيان يهود ومن الأمم المتحدة وأعضاءها من الدول الكبرى ولا يملك حلّها إلاّ المسلمون إذا اتبعوا شرع الله الحنيف، حيث حدّد القرآن الكريم والسنة النبوية معالم الصراع وعلى يد من ولمن ستكون الغلبة والنصرة وقد كان ذلك أمراً مبرماً لا شكّ في وقوعه.

  1. كيف نشأت قضية فلسطين

لقد كانت الثورة العربية التي قادها الخائن الشريف حسين (جدّ العائلة المسمّاة بالهاشمية) ضد الدولة العثمانية بمثابة الطعنة النجلاء التي أدت إلى احتلال بلاد المسلمين ومهدّت لإسقاط الخلافة واغتصاب فلسطين.

حيث قسّمت بلاد المسلمين (سنة 1917م) وفق معاهدة سايكس-بيكو ووضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني وفي نفس السنة قطعت بريطانيا على لسان وزير خارجيتها بلفور وعداً لليهود بإيجاد وطن لهم في فلسطين حيث تقول المادة الثانية من صكّ الانتداب البريطاني على فلسطين (أن تكون بريطانيا الدولة المنتدبة مسئولة عن وضع فلسطين في أحوال سياسية واقتصادية وعسكرية تضمن قيام الوطن القومي لليهود في فلسطين).

ومنذ ذلك الحين والصراع قائم بين أهل فلسطين ويهود حتى عام 1945م. ومع نهاية الحرب العالمية الثانية وبروز أمريكا كدولة أولى في العالم عرضت القضية الفلسطينية على هيئة الأمم المتحدة فكان قرار التقسيم عام 1947م (قرار 181).

وكانت بريطانيا قد شجّعت قبل ذلك هجرة اليهود إلى فلسطين كي تهيئ الظروف لتحقيق وعد بلفور المشؤوم. وكانت تمدّ العصابات اليهودية التي نشأت هناك (مثل الهاجناه ووشتيرن) السلاح وتمنعه عن أهل فلسطين، ولما جاء قرار التقسيم سنة 1947م وانتهى موعد الانتداب البريطاني سلمت أسلحتها للعصابات اليهودية في تل أبيب التي بدأت باحتلال ما جاورها من القرى مستخدمة سلاحها الحديث ولم يكن بيد المقاومة الفلسطينية إلاّ القليل من الأسلحة الصدئة من مخلفات الحرب العالمية الثانية.

وأخذت الجيوش العربية بقيادة الملك عبد الله بن الحسين وجون كلوب باشا الإنكليزي مواقعها لارتكاب أفظع خيانة عرفها التاريخ حيث سلمت هذه الجيوش فلسطين (48: عكا يافا والناصرة والقدس الغربيّة…) لقمة سائغة ليهود بعد أن وطدت أركان كيان يهود وسحبت السلاح من المقاتلين الفلسطينيين وتركتهم عزّلاً من السلاح تحت رحمة العصابات الكيان يهودية.

ولم يبق لأهل فلسطين بعد حرب 48 عدى الضفة الغربية التي ضمت إلى حكم الأردن وغزّة التي بقيت تحت الحكم المصري.

وقامت دولة كيان يهود وفق قرار 181 في حين أنّ قيام دولة فلسطينية قد عطّل من طرف أمريكا لأنّه ليس لها عملاء ترتكز عليهم في هذا المشروع.

وقد لعب جمال عبد الناصر بعد وصول الضباط الأحرار إلى الحكم في مصر دوراً كبيراً في إيجاد الانهزام النفسي عند الأمّة الإسلامية عامة وأهل فلسطين خاصّة.

وقد كان عبد الناصر في الوقت الذي يرفع فيه شعارات مثل سأغيّر التاريخ وسألقي بكيان يهود في البحر كان مبعوثه محمد حمروش يجري اتصالات سرية مع كيان يهود بواسطة اليهودي إريك رولو بفرنسا.

ولإنّه لا عبد الناصر ولا غيره يجرؤ على التنازل عن شبر واحد من أرض فلسطين، دعا عبد الناصر لعقد أوّل مؤتمر قمة عربي في القاهرة سنة 1964، أتخذ فيه أوّل قرار لذبح قضية فلسطين وذلك بإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة احمد شقير لتقوم بجمع الفلسطينيين وتنظيمهم حتى تصبح الممثلة لهم والإطار القانوني الذي يتنازل الفلسطينيون من خلاله عن معظم فلسطين لكيان يهود بعد عقد الصلح معها.

ولقد شكلت حركة فتح التي نشأت سنة 1965 برئاسة أبو عمار عمودها الفقري وكان الهدف المعلن لها هو تدمير كيان يهود وتحرير حيفا ويافا وعكا واللدا والرملة أي تحرير فلسطين التي قضمت عام 1948م إذ أنّ أراضي الضفة الغربية وقطاع غزّة والقدس الشرقية تم احتلالها عام 1967م أي بعد نشأة منظمة التحرير وحركة فتح.

وقد كانت الغاية العليا لمنظمة التحرير هو إقامة دولة فلسطينية علمانية ديمقراطية على كامل أراضي فلسطين تكون عاصمتها القدس حصراً يتساوى فيها المسلمون واليهود والنصارى وتعيد اللاجئين الفلسطينيين المشتتين في كامل أنحاء العالم إليها.

وكان الميثاق الوطني الفلسطيني ينصّ صراحة على تحرير فلسطين من النهر إلى البحر وأنّ طريقة ذلك الكفاح المسلح ومن الشعارات التي كانت ترفع (سنحررها شبراً شبراً). وكان العدول عن هذه الغاية أو مجرّد الاعتراف بكيان يهود يعتبر خيانة عظمى يستحق فاعلها القتل.

ولما استطاعت المنظمة استقطاب الفلسطينيين واخذ تأييدهم، قامت الدول العربية في 1974م في مؤتمر قمة الرباط باتخاذ قرار يقضي باعتبار (منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني) وذلك لإلقاء العبء على الفلسطينيين تمهيداً للسير في الحلول السلمية والصلح مع كيان يهود، بعد أنّ ألقت الدول العربية سيف القتال وأسقطت الحلول العسكرية بعد حروب مصطنعة خاضتها حينا وأرغمت على خوضها من قبل كيان يهود حينا آخر حتى أضاعوا فلسطين كلّها وأجزاء أخرى من الأردن وسوريا ولبنان ومصر.

ومنذ ذلك التاريخ (1974) وبخاصّة بعد ذهاب ياسر عرفات للأمم المتحدة (في نفس عام 1974 بعد اتخاذ قرار قمة الرباط) وإلقائه خطابه الشهير “بغصن الزيتون” الذي قبل من خلاله مبدأ الحلّ السلمي والصلح مع يهود.

نقول منذ ذلك التاريخ لم يعد أمام تصفية القضية الفلسطينية من عائق من جهة حكام البلاد العربية ومن جهة منظمة التحرير، والعائق الوحيد الذي كان يقف عقبة إنما هو من جهة كيان يهود ومطامعه التوسعية في المنطقة.

وبعد صلح كامب ديفيد الخياني سنة 1978م وانعقاد مؤتمر فاس عام 1982 م الذي أعلن فيه حكام البلاد العربية وقادة منظمة التحرير صراحة ودون خجل أو مواربة تخليهم عن الخيار العسكري تجاه كيان يهود واستعدادهم للصلح معه والاعتراف به في مشروعهم الذي أطلق عليه (مشروع فاس)، الذي لم تتمخض عنه مفاوضات صلح بسبب عدم جدّية أمريكا ورفض كيان يهود.

ثمّ تلتها في بداية التسعينيات مفاوضات مدريد علنا ومفاوضات أوسلو سرّاً والتي تمخضت عن إبرام اتفاقية أوسلو سنة 1995 بين أبو عمار ورابين والتي رفعت فيها منظمة التحرير شعار غزّة أريحا أولاً. وألغي على إثرها الميثاق الوطني الفلسطيني حيث اشترط كيان يهود على المنظمة إلغاءه بالرغم من علمه بأنّ هذا الميثاق لا يساوي عند واضعيه ثمن الحبر الذي كتب به.

وبعد أربعين عاماً على إنشاء هذه المنظمة لم تستطع تحرير شبراً واحداً من أرض 48 بل على العكس من ذلك اعترفت بحق كيان يهود على هذه الأراضي. كما أنّها لم تقم دولة على أرض الضفة والقطاع التي كانت تحت يد حكام العرب عند قيام المنظمة، أما السلطة العتيدة التي تمخّضت عن اتفاقية أوسلو فلا تعدوا عن إدارة على أرض مقطعة الأوصال منزوعة السلاح، مسلوبة الإرادة لا تملك سلطة على الأجواء ولا على المعابر ولا على ما في باطن الأرض ولا على الحدود ولا على البحر يمرّ مدراءها من مكان إلى مكان بعد أن يسمح لهم الجندي اليهودي الوضيع بالمرور.

ثم جاءت الانتخابات الفلسطينية سنة 2006 وسيطرت بعدها حماس على غزة ومنظمة التحرير على الضفة، فيما يعرف بالانقسام الفلسطيني.

وبعد مجيئ ترامب إلى الحكم المعروف بعنجهيته واحتقاره لحكام المنطقة واعتبارهم مجرد أبقار يقع ذبحها عندما يجف ضرعها، عمل على تفعيل مشروع التطبيع الذي قدمه الملك عبد الله آل سعود في قمة بيروت سنة 2003 والقاضي بالتطبيع الكامل وذلك بأن تصنع أمريكا دويلة فلسطينية على جزء لا يتجاوز 20% من أرض فلسطين دويلة منزوعة السلاح مشلولة الإرادة منقوصة السيادة مقطعة الأوصال تعيش على المساعدات والتبرعات, وتنتزع الولايات المتحدة مقابل ذلك صكّاً نهائياً وبشكل شبه جماعي بالاعتراف بكيان يهود على 80% من أرض فلسطين من خلال ممثلي الشعب الفلسطيني وحكام المنطقة العربية والإسلامية.

فسارع حكام الإمارات والبحرين في التطبيع مع كيان يهود، لينضافوا إلى الاتفاقيات الثنائية التي وقعتها مصر بكامب ديفيد والاردن بالعقبة وتركيا من قبل، في انتظار أن يلحق بهم حكام السعودية وقطر والسودان، وغيرهم بما فيهم حكام تونس الذين لطالما تاجروا بقضية فلسطين دون أن نسمع لهم شجبا للخيانات الأخيرة، حيث اعتبر الرئيس قيس سعيد صاحب مقولة التطبيع خيانة عظمى، اعتبر ما أقدمت عليه الإمارات شأن داخلي ليسقط كما سقط أقرانه من قبل عبد الناصر والسادات وغيرهم.

  1. التطبيع خيانة عظمى:

إن التطبيع خيانة عظمى وجريمة ما بعدها جريمة، وتفريط ما بعده تفريط وغدر وخيانة للأمانة, فأرض فلسطين أمانة في أعناق كل المسلمين ولا يجوز لأحد أن يفرّط في شبر واحد منها لأعداء الله:

 قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ  (27)  سورة الأنفال

إنّ ممّا أضر بقضية فلسطين هو جعل الواقعية أو الرضا والتسليم بالأمر الواقع مصدر ا لأخذ الحلول على قاعدة خذ وطالب والتدرج في أخذ الحقوق، دون جعل الإسلام القاعدة الفكرية التي تستمدّ من خلالها الحلول.

وبالتالي الواقع يقتضي المفاوضة والمساومة على حقوق لا نقاش فيها، ولهذا استبعد الحل الشرعي، وهو الجهاد لأنّه غير متصوّر وغير ممكن عند القائمين على الحلّ، الذين استسلموا للظروف الدولية حتى صاروا جزءاً من أدوات الحلّ و ليسوا قائمين عليه، وهو ما أدى بهم إلى الركون إلى القوى الاستعمارية كشيء لا مناص منه لحلّ قضايا المسلمين في انتحار سياسي جماعي، فتحوّلت الحقوق المشروعة إلى فتاة يستجدى على طاولة اللئام، وتحولت مسألة تحرير فلسطين من النهر إلى البحر إلى غزة وأريحا أوّلاً، وأصبح الكفاح المسلح في 48 من طريقة مشروعة لا محاد عنها إلى إرهاب يجب نبذه. وأصبح فك الحصار عن الفلسطينيين غاية الغايات يتنازل لأجله عن أمور كانت بالأمس تعد من الثوابت عند أصحابها. فالواقعية والرضوخ للأمر الواقع عندهم هو الرأي الأمثل للحلّ الشامل أو قل للانهيار الكامل.

وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من الحيد عن الثوابت والخضوع لضغوطات الواقع فقال سبحانه وتعالى:

وان كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا، ولولا أن ثبتاك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا، إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا. الإسراء 73.. 75

كما وحذرنا الرسول (ص) من مسايرة الهوى والسير وفق الحلول التي يفرضها الواقع والحيد عن الثوابت

“لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به”.

إن أية حالة تؤدي إلى الصلح والتطبيع تزيد الأعباء وتضاعف المسؤوليات، وإن التطبيع مع كيان يهود جريمة من أبشع الجرائم. فهو سيكون بضمانات من الدول الكبرى، ومن هيئة الأمم، تجعل إعلان الحرب على كيان يهود إعلاناً للحرب على هيئة الأمم، ومحاربة للدول التي تضمن الحدود، وهذا يجعل إعلان الحرب على كيان يهود عسيراً، ويجعل القضاء على كيان يهود شاقاً، قد يكلف الملايين من الشهداء، لذلك كان لزاماً على الأمة أن تعمل على إحباط المؤامرات التي يدبرها الكافر المستعمر وأن تعمل لاستمرار حالة الحرب (لا السعي للصلح والتطبيع) لتنتقل إلى حرب فعلية حتى يقضى على هذا الكيان من الجذور، فبقاء حالة الحرب مع كيان يهود تسهل القضاء عليه، فضلاً عما فيه من إنهاك لقواه، واستنفاذ لإمكانياته، وإضعاف لمقاومته.

  1. الثوابت الشرعية:

إنّ فلسطين أرض فتحها المسلمون فصارت دار إسلام تجري عليها أحكامها. وإنّ اليهود اقتطعوا جزءاً من أرض الإسلام وأقاموا عليها كيانا لهم. فيلزم شرعاً على كل مسلم أن يدافع عن هذا الجزء من أرض الإسلام حتى يرده إلى حظيرة الإسلام.

وخلاصة القول إنّ أرض فلسطين هي أرض إسلامية مغتصبة، وهي أرض مقدسة، يجب القتال والجهاد لاستردادها.

 قال تعالى: “وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِين”  (191) سورة البقرة

خاصة وأنّ كيان يهود مجاور لبلادهم ممّا يزيد في وجوب نهوضهم لتحريرها مصداقاً لقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِين” (123)  سورة التوبة

وهذا لا يتأتّى إلاّ بالإعداد للجهاد وتهيئة الأسباب له.

قال تعالى: “وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُون” (60) سورة الأنفال

فالصلح مع كيان يهود ولو على شبر من الأرض حرام شرعاً لأنّه لا يجوز شرعاً أن يجعل لكافر سلطان على أي أرض إسلامية ولهذا لا يجوز أن يقوم أي لقاء بيننا وبينهم إلاّ في ساحة الجهاد والجهاد يقتضي توحيد المسلمين تحت راية خليفة واحد، يقود الجيوش ويحكم بكتاب الله وسنة رسوله الله صلى الله عليه وسلم.

إنّ إقامة الخلافة يعني تطبيق الإسلام ووحدة الأمة وانعتاقها من ربقة الكافر المستعمر. وموضوع استعادة أرض اغتصبت من المسلمين هو أحد واجباتها الشرعية، فكيف إذا كانت الأرض السليبة هي فلسطين التي يوليها المسلمون أهمية خاصة، لما لها من عظيم قيمة في نفوسهم رسخها الإسلام فيهم وجذرها.

  1. لا أمل لبقاء كيان يهود رغم التطبيع

إنّ الذي يتبصّر في الواقع يرى أنّ إزالة كيان يهود هو ضمن امكاناتنا، وأنّ بقاءه ناتج عن خيانة حكامنا وليس من قوته فلا يجوز الاعتراف به بحجة الفشل الحاضر فحكام الخيانة هؤلاء ليسوا بخالدين وجيل النصر على الابواب ومن يتبصّر في النصوص الإسلامية يوقن أنّ المسلمين سيزيلون كيان يهود.

 لقد وعد الله سبحانه المسلمين بمقاتلة اليهود المعتدين والانتصار عليهم بالإسلام والمسلمين كما ورد ذلك في القرآن والسنة الحديث كما ورد ذلك في سورة الإسراء:

“وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسرائيل فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً (4) فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً (7)عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرا” (8) سورة الإسراء

فالعلوّ والإفساد وانتقام الله منهم لهذا العلو والإفساد قد حصل في المرتين قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وهاهم اليوم يعودون إلى العلو والإفساد بشراسة وفظاعة لم يسبق لها مثيل، لذلك فإنّ الله سبحانه وتعالى سيعود عليهم بالانتقام والقتل. وسيكون دلك بيد المسلمين كما اخبرنا الرسول صلى الله عليه و سلم بذلك (لتقاتلن اليهود فلتقتلنهم حتى يقول الحجر يا مسلم هذا يهودي فتعال فاقتله) رواه البخاري ومسلم.

وقوله صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى يُقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر أو الشجر فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنّه من شجر اليهود).

والله سبحانه وتعالى قد حكم على اليهود بالذلة أينما وجدوا أبد الدهر إلا بحبل من الله وحبل من الناس كما هو حاصل لهم اليوم.

قال تعالى: “ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون” (112)  سورة آل عمران

وحبل الله قد انقطع عنهم لإفسادهم في الأرض أما حبل الناس فإنّه حاصل لهم اليوم بحمايتهم من أمريكا ودول الغرب لكن هذه الحماية مؤقتة لأنّ الله قد تأذن وحكم بأن يسلط عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب لبغيهم وإفسادهم وعصيانهم وكفرهم بآيات الله حيث قال جلّ من قائل: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيم” (167) سورة الأعراف

 وهذا يدل على أنّ كيان يهود سيقضى عليه لانّ سوم العذاب الدائم إلى يوم القيامة يقتضي أن لا يكون لهم كيان يرفع عنهم العذاب والذلّة لذلك فإننا سنقضي على كيان يهود لا محالة بإذن الله فلا يهولنكم أمرهم وما أعدّوه من عدة وسلاح فإنّ ذلك لن يحميهم ولن ينفعهم ولن يحول دون القضاء عليهم ويحل بهم ما حلّ بمن سبقهم من يهود بني قريظة أيام الرسول صلى الله عليه وسلم إذ ظنّوا أنّ حصونهم مانعتهم من الله فلم تغن عنهم شيئاً.

 حيث قال تعالى في سورة الحشر: “هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار” (2)

وبناء على ذلك فإنّه لا أمل لكيان يهود بالبقاء في المنطقة مهما عقد معه من اتفاقيات ومنح من مواثيق لأنّ هذه الاتفاقيات تخالف ثوابت الأمة التي رسخها الإسلام في أذهانهم حتى أصبحت من المسلمات وينتظرون الفرصة السانحة لتطبيقها.

الدكتور الأسعد العجيلي، رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير بولاية تونس

CATEGORIES
TAGS
Share This