حدّث أبو ذرّ التونسيّ قال :على امتداد يوميّ السبت والأحد (15/16 جوان 2019) احتضن مقرّ الأكاديميّة البرلمانيّة بباردو ونزل (الأليكو) بالعاصمة فعاليّات المؤتمر المغاربيّ حول (الحوكمة المحليّة أساس للتنمية المستدامة وضمان لحقوق الأجيال القادمة) الذي انعقد تحت إشراف (لجنة الصناعة والطّاقة والثروات الطبيعيّة والبنية الأساسيّة والبيئة بمجلس نوّاب الشعب) بالتعاون مع (المنظمة الدوليّة للحوكمة المحليّة) وذلك من أجل تركيز مفاهيم الديمقراطيّة التشاركيّة والحوكمة الرشيدة والحكم اللاّمركزيّ وإبراز دور الشراكات الخارجيّة في دعم المشاريع المحليّة… ورغم إطاره المحلّي فقد تميّز هذا المؤتمر ببعده الإقليميّ وصبغته الدوليّة ،إذ شهد حضورا مغاربيّا رسميّا مكثّفا (سفراء كلّ من ليبيا والجزائر والمغرب ورؤساء بلديّات مغاربيّة) ومشاركة دوليّة لافتة (رئيسة المنظّمة الدوليّة للحوكمة المحليّة وعديد الخبراء والباحثين الدوليين في الميدان) بما ينأى به عن المحليّة الضيّقة ويرتقي به إلى مصافّ التدويل…وإلى جانب المداخلات الرسميّة التونسيّة (محمد النّاصر ـ نزيهة العبيدي ـ سعاد عبد الرحيم ـ عامر العريّض ـ بسمة الجبالي) وعرض بعض التجارب المغاربيّة المصنّفة (ناجحة) في مجال الحكم المحلّي (بلديّة بوسليم ليبيا ـ بلديّة عين سمارة الجزائر ـ بلديّة الصويرة المغرب) شهد المؤتمر ثلاث مداخلات دوليّة رئيسيّة (الديمقراطيّة التشاركيّة بين النصوص والواقع ـ النظام اللاّمركزيّ والديمقراطيّة التشاركيّة ـ الشراكات ودعم المشاريع) بما يكشف عن تبادل للأدوار بين الرّئاسة والحكومة والمجتمع المدنيّ والمنظّمات الإقليميّة والدوليّة لتركيز الحكم المحلّي في تونس بعد تعثّر خطواته الأولى في الخضمّ الانتخابيّ…
وحسبنا فيما يلي أن نفهم التداعيّات السلبيّة لهذا المشروع على السيادة والسلطان وأن نتتبّع المسار السياسيّ الذي أفضى به إلى التدويل توقيتا وظرفيّة وأهدافا…
آخر الطبّ تدويل
عرفت السّاحة السياسيّة في تونس مؤخّرا آلية سياسيّة جديدة اعتمدها المستعمر لتمرير مشاريعه المسمومة المستهدفة للبلاد ـ أرضا وبشرا وعقيدة ومقدّرات ـ ألا وهي آلية التدويل أي التجييش الإقليمي والدوليّ لمساندة وتدعيم الجهود المحليّة :فكلّما أعياه المتاح السياسيّ وأحرجه منسوب الوعي المتزايد في الأمّة التجأ الاستعمار إلى بوّابة المغربة والأسلمة والأفرقة والتدويل لإسناد مشاريعه المفلسة (المساواة في الميراث ـ الأليكا ـ الحكم المحلّي…) وفرضها على الشعب التونسيّ المسلم الذي رفضها ولفضها وأحالها إلى مزابل التّاريخ… فهو يعي جيّدا أنّ مبادراته تفتقد للسند الشعبيّ الدّاخليّ ويعلم علم اليقين أنّ الحراك الفكريّ المحلّي الذي افتعله (ندوات ـ محاضرات ـ مؤتمرات…) لإرساء رأي عامّ حول مشاريعه ما هو إلاّ (وان مان شو) نخبويّ بعيد عن نبض الشّارع محصور في الوسط العلمانيّ المرتهن المتعفّن لا يتجاوز صداه حيطان قاعات النزل الفخمة التي احتضنته…وهو بصفته تلك لن ينفع مشاريعه في شيء ولن يواري سوءاتها حال عرضها على البرلمان ولن يساهم في إيجاد رأي عام حولها بين سواد النّاس، لذلك انخرط في (آخر الطبّ الكيّ): التجييش الخارجي لمبادراته ومشاريعه عبر تدويلها وإكسابها شهرة داخلية وخارجية تخفي عزلتها وغربتها وانبتاتها المحلّي وتوجد لها دعمًا إقليميّا ودوليًّا يفرضها داخليًّا رغم كونها منبوذة مرفوضة وذلك بإخراجها مخرج المواثيق والإعلانات الأمميّة ذات الصبغة الإلزاميّة (ميثاق طبرقة للتعايش بين الأديان ـ إعلان تونس للأمن الغذائي ـ إعلان الحمّامات من أجل المساواة ونبذ العنف…) في هذا الإطار بالذات يتنزّل المؤتمر المغاربي حول الحوكمة المحليّة: إطار تعزيز التّعبئة والتجييش ورصّ الصفوف وتوحيد القوى لإنعاش المبادرة الاستعمارية التّصفويّة المستهدفة لمركزيّة الحكم في البلاد…
السّياق السياسيّ
ممّا لا شكّ فيه أنّ (مجلّة الجماعات المحليّة) وصفة استعماريّة فتّاكة لتفكيك الدولة وتمكين الغرب من ثرواتها وقرارها السياسيّ : فبمقتضى النّسخة الجديدة لتلك المجلّة لم تعد البلديّة مجرّد مؤسّسة إداريّة خدماتيّة مستقلّة عن السّلطة السياسية ولا حتّى جهازًا تنفيذيًّا موظّفًا من قبل الحكومة يلتزم بسياساتها ويُؤيّدها ويروّج لها ،بل أصبحت (إمارة) داخليّة شبه مستقلّة ودُويلة قائمة بذاتها لها من الصّلاحيّات الموسّعة ما يمكّنها من تجاوز السّلطة المركزيّة والاستفراد برعاية شؤون منظوريها والتصرّف في مواردها وربط علاقات داخليّة وخارجيّة دون الرّجوع إليها، بما يُؤسّس لتفكيك الدّولة وضرب مركزيّة الحكم فيها ويوجد منفذًا للاستعمار في شؤونها الدّاخليّة ويجعل له سبيلاً على ثرواتها ومقدّراتها وقرارها السّياسي…هذه الوصفة الاستعماريّة المسمومة المستهدفة لتونس ـ أرضًا وشعبًا وانتماءً ـ يجري تمريرها في دَسِم مُسمّياتٍ خادعة آسرة من قبيل الدّيمقراطيّة التشاركيّة والحوكمة الرّشيدة والحكم المحلّي وتجزئة السّلطة (دَرْءًا للاستبداد والدّيكتاتورية) كما يزعمون… ودون الاستغراق في هذا الخضمّ النّظري الطّوباوي الفجّ، فإنّ هذا النّفخ في صورة الجماعات المحلّية ـ حجْمًا ودورًا وثقلاً وصلاحيّاتٍ ـ قد أجّج نيران حرب المواقع حول الانتخابات بين أحزاب الائتلاف الحاكم وأحزاب المعارضة انحدر خلالها الوسط السياسيّ التونسيّ إلى حضيض (العروشيّة السياسيّة) بامتياز: تكالب حيوانيّ على السلطة والكراسي وبراغماتيّة وحشيّة ومكيافليّة مخزية لم تستثن لا المتحالفين سياسيّا (النهضة والنّداء) ولا المتجانسين إيديولوجيّا (الجبهة الشعبيّة) سُجِّلت خلالها ممارسات تنحطّ إلى مستوى الفضائح الأخلاقيّة المدوّية والسّوابق الخطيرة (انشقاقات ـ إقصاءات ـ خيانات ـ تزوير بيانات ـ غدر ـ غشّ في التصويت ـ قوانين على المقاس ـ اقتحام مقرّات ـ إغلاق قنوات ـ تلاسن وسباب وشتائم…) واتضح بما لا يدع مجالا للشكّ أنّ هذه (الفقاقيع الحزبيّة) التي تدّعي التقدّميّة ونبذ الاستبداد ديكتاتوريّة حدّ النخاع وهمجيّة وليست أهلا للحوكمة الرشيدة والديمقراطيّة التشاركيّة ولا يصلح معها إلاّ (الزلاّطقراطيّة) بما أدخل مشروع الحكم المحلّي برمّته إلى غرفة الإنعاش السياسيّ واستوجب تزويده بجرعة أوكسجين ثمّ إعادة تسويقه محليّا عبر تدويله وتلميع صورته (نظريّا) بعد أن أمعن سماسرة الوسط السياسيّ في امتهانه عمليّا ميدانيّا…
تكريس الجهويّات
إنّ مشروع الشرق الأوسط الجديد القائم على تقسيم المقسّم وتفتيت المفتّت وتجزئة المجزّأـ وإن كان وقوده عرقيًّا إثنيًّا مذهبيًّا لغويًّا بالأساس ـ إلاّ أنّ قائمة المداخل التي يمكن ان تكرّسه ما فتئت تتوسّع لتشمل أبسط مؤشّرات التميّز بما في ذلك القبليّة والعروشيّة والجهويّة وحتّى الثّروات الباطنيّة الطّاقية منها والمنجميّة، ولا بأس في هذا الخضمّ من العمل على إضعاف الحكم المركزي في المنطقة المستهدفة بشتّى الوسائل والأساليب..
أمّا في المثال التّونسي فقد اتّخذ لنفسه أربع جبهات: جبهتين ميدانيّتين عمليّتين (تكريس الجهويّات + التّفويت في المؤسّسات العموميّة للأجانب) وجبهتين نظريّتين قانونيّتين (دسترة التّقسيم + تأسيس الحكم المحلّي)…لقد علّق الأهالي في تونس آمالاً عريضة على الثّورة في انفراج حال الفقر والتّهميش والبطالة، إلاّ أنّها لم تزدها إلاّ استفحالاً وتأزّمًا ممّا أجّج حالة من الغبن والأسى والخيبة واليأس ارتدّت بالسّلب على تحرّكات الأهالي في بؤر التوتّر (قرقنة ـ القصرين ـ الكاف ـ سيدي بوزيد ـ سليانة ـ جندوبة ـ قبلّي ـ مدنين ـ تطاوين…) وأفقدتها مشروعيّتها ونجاعتها ومصداقيّتها وكرّستها من حيث لا تقصد لخدمة مخطّطات الكافر المستعمر…فقد استغلّ هذا الأخير تلك التحرُّكات الشّعبية وركبها ووظّفها وزوّدها بشعارات مسمومة تحفر الخنادق بين الجهات وتحتطب للفرقة والفتنة والاحتراب بين مكوّنات الشّعب تمهيدًا لتقسيمه إلى جمهوريّات نفط أو غاز أو فسفاط وملح…إلى آخر قائمة الثّروات التي تُقتطع ويُنصّب عليها وكلاء برتبة حكّام يُفرش لهم السجّاد الأحمر أمام شعوبهم بينما هم مجرّد موظّفين بسطاء في الشّركات الرّأسمالية العملاقة… فالمُلاحَظ أنّ الخلفيّة المسيّرة لتلك التحرّكات الشّعبية كانت أنانية منفعيّة مصلحيّة جهويّة ضيّقة أساسها شعارات تدغدغ المشاعر ظاهرها فيه الرّحمة وباطنها من قبله العذاب (التّوزيع العادل للثّروة ـ التّمييز الجهوي الإيجابي ـ إنصاف الجهات المحرومة ـ اللاّمركزيّة ـ خيرات الجهة لأبناء الجهة…) وهي حقول ألغام تؤسّس على المدى البعيد للاّمركزيّة الحادّة ولسياسة المحاور والاستقطاب الإقليمي وتبذر في تربة البلاد بذور الإقليميّة والجهويّة وتزرع في رحمها أجنّة الفدراليّة والاستقلال الذّاتي توطئةً للتّقسيم، كما تُذكي التّجاذبات الطّائفية والعشائريّة والمذهبيّة والقبليّة وتزوُّدها بأكسسوارات الانفصال وتوجد بالتّالي المنافذ التي يتسلّل عبرها الكافر المستعمر وشركاته النّاهبة…
الخصخصة والتّفويت
لتكريس هشاشة كيان الدّولة وقابليّتها للتجزئة والتّقسيم عمد الكافر المستعمر عبر ذراعه الربويّة (صندوق النّقد الدّولي) ووكلائه الحكّام العملاء إلى دفع البلاد نحو الخصخصة والتّفويت في المؤسّسات العموميّة: فالسياسة الوحيدة التي تحذقها الحكومة وتنتهجها لمعالجة الأزمة الاقتصاديّة والماليّة هي بيع ممتلكات الشّعب للشّركات الاستعماريّة تحت مسمّى (إصلاح المؤسّسات العموميّة) وبذريعة أنّها (مؤسّسات خاسرة صارت عبءًا على الميزانيّة ويجب التخلُّص منها)…فانصياعًا منها لوصفة صندوق النّقد الدوليّ القاتلة (رفع الدّعم عن المواد الأساسيّة ـ تجميد كتلة الأجور ـ وقف الانتدابات ـ تخفيض الإنفاق الحكومي على مصالح النّاس ـ خصخصة مؤسّسات الدّولة) لا تستبعد الحكومة في تونس التّفويت في المؤسّسات العموميّة الإستراتيجية النّاشطة في القطاع التّنافسي مثل الشّركة التونسيّة لصناعة الحديد والفولاذ وعدد من الشّركات المفتوحة على رأس المال الخاصّ مثل بنك الإسكان في حال فشل الدّولة في إصلاحها… وقد فوّتت الدّولة فعليًّا في مساهمتها في 14 بنكًا وأطلقت طلب عروض دوليًّا للتّفويت في شركة (إسمنت قرطاج)، وهي حاليًّا تتحيّن الفرصة للتّفويت في خمسٍ من الشّركات الحيويّة في البلاد (الشّركة التّونسية لتكرير النّفط ـ الشّركة التّونسية للكهرباء والغاز ـ الخطوط الجويّة التّونسية ـ الدّيوان الوطني للحبوب ـ الوكالة الوطنيّة للتّبغ والوقيد…) بما يؤدّي عمليًّا إلى تصفية كيان الدّولة ويحوّلها إلى مجموعة من المحميّات الأجنبيّة أو المناطق الصّناعية الحرّة ويكرّس ارتباطها العضوي بالغرب الاستعماري وبالشّركات متعدّدة الجنسيّات وبالمنظومة الرّأسماليّة الجشعة…
دسترة التّقسيم
والمصيبة أنّ هذا المخطّط الاستعماري المستهدف لوحدة الأمّة وسيادتها ومقدّراتها في آن، استجاب له العبث التّشريعي في تونس وانساق وراءه وأسّس له وكرّسه ودستره، ولا غرابة في ذلك: فدستور أشرف عليه الغرب الاستعماري تصوُّرًا وتصميمًا وتمويلاً وتوجيهًا، ووضع بنوده الخبير اليهودي الأمريكي نوح فيلدمان واضع دستور أفغانستان والعراق ومصر، لا بدّ أن يحمل في طيّاته بذور الانشطار والتشظّي ويكرّس المنطقة لمشروع التّجزئة والتّقسيم ونهب الثّروات وشفط المقدّرات والشّيء من مأتاه لا يستغرب: فنظرة سريعة في باب (السّلطة المحليّة) تجعلنا نقف على حقل ألغام يقطر خبثًا ومكرًا، فصياغة فصوله جاءت عامّة فضفاضة مائعة تفتقد الدقّة والضّبط قابلة لشتّى التّأويلات والقراءات بما يمكّن الكافر المستعمر من أن يدسّ عبر سطورها مشاريعه المسمومة…أمّا من حيث محتواها ومنطوقها فإنّ هذه الفصول تنصّ صراحةً على خيار اللاّمركزية والجهويّة والإقليميّة (فصل 131) وتعطي الجماعات المحليّة ومجالسها صلاحيّات ذاتيّة موسّعة وأخرى مشتركة مع السّلطة المركزيّة أو منقولة عنها (ف134) وتمكّنها من موارد ذاتيّة وأخرى محالة من السّلطة المركزيّة مناسبة لحجم صلاحيّاتها (ف135) كما تنصّ صراحة على حرّية تصرّف الجماعات المحليّة في مواردها (137) وتفوّض لها مهمّة إعداد برامج التّنمية والتّهيئة التّرابيّة ومتابعة تنفيذها (139) وتجيز لها أن تُنشئ شراكات فيما بينها بل تجيز لها صراحة أن تربط علاقات خارجيّة مع أطراف أجنبيّة للشّراكة والتّعاون اللاّمركزي (ف140)…وفي كلّ هذا ما فيه من تأسيس وتقنين للفدراليّة والاستقلال الذاتي وصولاً للتّقسيم والانفصال…
الحكم المحلّي
بمقتضى هذا الدّستور وما أسنده من صلاحيّات موسّعة للسّلطة المحليّة (افتكّ) رئيس البلديّة صراحةً صلاحيّات الوالي وأصبح حاكمًا بأمره مصغّرًا في دائرته البلديّة: فقد اكتسب صلاحيّات ذاتيّة وأخرى منقولة من الوزارات ونحوها وأخرى مشتركة مع السّلطة المركزيّة…وقد مكّنته هذه الصّلاحيّة (المكعّبة) من إعداد الميزانيّة والمصادقة عليها والتخلّص من كلّ أشكال المراقبة المسبقة التي كرّسها قانون 1975 حيث لم يعد لسلطة الوالي دخل فيها سوى عبر الطّعن أمام المحكمة الإداريّة…كما مكّنته من التمتّع بالتفرّغ الذي لم تتمتّع به في العهد السّابق إلاّ 35 بلديّة كبرى يتجاوز عدد سكّانها 100 ألف نسمة، وبموجب هذا التفرّغ يتقاضى رئيس البلديّة منحة شهريّة وحوافز مختلفة وامتيازات عينيّة (سيّارة وظيفيّة ـ سائق ـ 500 لتر وقود شهريًّا ـ خدمات هاتفيّة)…
كما ينصّ الحكم المحلّي على أن للبلديّة صلاحيّة إدارة الشّؤون المحليّة بما في ذلك فرض الضّرائب والاستقلال المالي وتنظيم الاستفتاء حول برامج التنمية والتّهيئة الترابيّة وإبرام اتّفاقيّات تعاون وإنجاز مشاريع تنمويّة مع أطراف أجنبيّة ومنظّمات حكوميّة وغير حكوميّة دون الرّجوع إلى السّلطة المركزيّة بما يفتح الباب على مصراعيه أمام الكافر المستعمر المترصّد للتدخّل في شؤون البلديّات الدّاخلية دون أن يكون للدّولة الحقّ في منعه من ذلك…ويبدو أنّ البلديّات التونسيّة قد استبقت مجلّة الجماعات المحليّة الجديدة وأصبحت أوكارا لنشاطات مشبوهة تنهال عليها الهبات المشروطة على غرار الهبة المقدّرة بحولي 50 مليون دولار من طرف الوكالة الأمريكيّة للتنمية الدّولية لـ 11 بلديّة تونسيّة لغاية في نفس العمّ سام…وهكذا يتّضح بجلاء أنّ مجلّة الجماعات المحليّة في نسختها الجديدة تسند للبلديّات صلاحيّات ذاتيّة تتجاوز أحيانًا صلاحيّات الحكومة المركزيّة بما يجعل منها شبه دويلات مستقلّة داخل الدّولة يتسلّل من خلالها الكافر المستعمر بشكل يضع البلاد مستقبلاً على شفير الانفجار والانشطار والتقاتل والتناحر وعندها يصبح تدخّل الغرب الاستعماري (ضرورة ديمقراطيّة إنسانيّة)…