تحتَ قبّة مجلس النوّاب… يتواصل نهب الثروات
الخبر
تمت الموافقة على مشروعي القانون عدد 2017/57 و2017/56 المتعلق بالموافقة على الاتفاقية وملحقاتها الخاصّة بكل من رخصة استكشاف المحروقات التي تعرف برخصة “دويرات” و “رخصة “نفزاوة”
التعليق
اليوم ، وبعد كل ما سمعناه وشاهدناه من تطاحن ومن جعجعة لا تخلو من مكر، تحت قبة مجلس باردو، حول موضوع الطاقة في تونس وحول العمل على إصلاح المنظومة التشريعية والرقابية لتلافي كل أنواع الرشوة والنهب
وبعد أن كانت عقود نهب النفط تحاك وتُطبخ في الغرف المظلمة، انتقلت عملية النهب اليوم إلى العلن وصارت تُدار بشفافية خبيثة وبشكل قانوني، وهذه أخطر مراحل الفساد, وهي أن يقنن الفساد ويصبح له مخالب ومداخل تشريعية يتكئ عليها المتربصون من شركات النهب الرأسمالية المتوحشة, وأن يكون صاحب الشق الأكبر للصلاحيات في احكم البلاد هو الذي يأذن بالفساد ويصدر له القوانين بمسميات عدّة, فهنا تزداد المصائب ويستحيل من ظنّ فيهم الناس أنهم نوابا عنهم إلى نوائب تزيدهم غمّا بغم.
هذا هو النظام الرأسمالي في حليته الديمقراطية الذي يتخذ من هوى البشر قوانين تشرّع لمصالح فئة الواحد بالمائة والذي لا يرى من ثرواتنا إلّا حكرا وملكا خاص لنفوذ الرأسمال العالمي في حين أن الله تعالى أبى أن لا تكون إلا لعامة الناس تتقاسمها وتتشارك فيها, قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الناس شركاءُ في ثلاث: الماء والكلأ والنار”.
فلا يغرنكم زخرف القول وما يتشدقون به في مجالس الزور من حبائل مضللة ، ومن مفاهيم مزورة كالشفافية والقوانين الدولية والمراقبة المستمرة فكل هذه الأعمال لا تُظهر حقيقة ما في باطن الأرض وما تحويه من خيراتنا, ولاتعطي الشرعية والأحقية لاغتصاب ثرواتنا الطاقية الباطنية ولا تغطي جرائم النظام الرأسمالي والقائمين عليه من تفقير للعباد.
إن الرشوة والنهب والتسلط، في حقيقة الأمر، مكون من مكونات هذه الدولة وعنصر حاضر في كل ركن من أجهزتها، ولا يمكن أن تقوم لها قائمة ولا أن تدور لها رحى دون توفر هذه المكونات التي تعتبر من دعاماتها الأساسية، لأن النظام الرأسمالي يتغذى من الفساد ويفسح المجال أمام أفسد الشركات وقد يشجعها أو يغذيها في غالب الأحيان بسُبُل غير مباشرة وأشكال مخفيّة عن الأعيُن، ويصل الأمر إلى استعمال القوة والقمع في سبيل إقفال وتكميم أفواه شعوبها لمجرد محاولة المس من مصالح هذه الشركات.
هنا يتجلى بكل وضوح أن عملية النهب والسلب التي تمس خيرات البلاد هي من مكونات الدولة، لأنها الوسيلة التي تشترى بها الذمم والضمائر، وعن طريقها تتم عملية توسيع مساحة “الولاء” لأن هذا الأخير لا يعطى هكذا ودون أي مقابل…
ممدوح بوعزيز