تحرك الطلبة مؤثر في الانتخابات فلماذا يمنعون من العمل السياسي داخل الجامعات؟

تحرك الطلبة مؤثر في الانتخابات فلماذا يمنعون من العمل السياسي داخل الجامعات؟

التحركات الطلابية لها دور كبير في عملية التغيير والنهضة بوصفها تحركا لمجموعة شبابية مندفعة بقوة الطموح وبمسؤولية الموقع الذي خرجت منه “الجامعة” باعتباره مركزا من مراكز الوعي في المجتمعات. وقد شاهدنا دور هذه التحركات الطلابية في الإطاحة بنظام بن علي في تونس وبوتفليقة في الجزائر والبشير في السودان وزعزعة أركان نظام السيسي في مصر وبشار في سوريا. نعم لقد كان الطلبة على رأس هذه التحركات وغيرها ضمن السياق الطبيعي للأمة الثائرة على النظام الرأسمالي الغاشم والمريدة للتغيير الحقيقي ولقد حافظت التحركات الطلابية منذ التاريخ على نبض الأمة وعلى قضاياها الحارقة, وقد رأينا هذه الأيام من الطلبة في تونس خلال الانتخابات الرئاسية من التفافهم العفوي والطبيعي  حول “قيس سعيد” الذي رأوا فيه القضايا الحقيقية التي يتطلعون إليها، رأينا تحركا جماعيا مندفعا وقويا يعكس إرادة الطلبة في تونس على التغيير ويعكس أيضا موقعهم القيادي والريادي في صناعة المشهد السياسي في البلاد.

إن تحرك الطلبة الأخير في الانتخابات الرئاسية صحيح أنه لم ولن ينتج التغيير المطلوب شرعا وواقعا إلا أنه يمكن الحديث عن دلالات هذه الحركة القوية التي أثرت، للوقوف على موقعهم والدور المهم للطلبة في العمل السياسي الراشد الذي يحرر البلاد حقا ويعود بها إلى موقعها الطبيعي ضمن أمة الإسلام.

مساندة الطلبة لقيس سعيد شكلت فارقا كبيرا، وهو تحرك يأتي ضمن سياق الأمة الإسلامية التي تطمح حقا للتغيير والقطع مع المنظومات الحاكمة وهي حركة طبيعية تعبر عن عمق الطلبة في تونس ولها دلالات:

  • اهتمام الطلبة بالشأن العام في البلاد وبالقضايا الحقيقية لازال قويا وكامنا في أعماقهم فرغم محاولات الحكومات السابقة والحالية إبعادهم على صناعة المشاهد السياسي وصرف أنظارهم عن القضايا السياسية والمصيرية للبلاد بصنع مراكز اهتمام مائعة تبعدهم عن الواجب في النهضة والتغيير وذلك خدمة لمصالح المستعمر الذي يعلم أن تحرك الطلبة إذا كان واعيا سوف يطيح بأنظمته وعملائه، رغم كل هذه المحاولات نرى الطلبة اليوم في تونس قد تبنوا قضية سياسية بكل عفوية والتفوا عليها بقوة واثروا بها واثروا فيها.

  • الطلبة هم وقود التحركات السياسية في تونس وفي كل البلدان عموما فهم الفئة الشبابية التي تحمل قوة الإرادة والتغيير وتحمل منارة العلم والفكر القابل أن يكون علما نافعا وفكرا سياسيا راشدا تقود به هذه الفئة أمتها إلى النهضة الحقيقية والرقي، فموقع الطلبة هو رأس التحركات السياسية لا ذيلها.

  • تحرك الطلبة خلال الانتخابات الرئاسية والتفافهم حول ” قيس سعيد ” إن كان يدل على شيء فهو يدل على أنهم ينظرون الى القضايا بسقفات ثورية عالية و انهم يريدون حقا تغيير الوضع القائم، فهم قد تبنوا بتحركهم الاخير شعارات قوية مثل تحرير البلاد من المستعمر و استرجاع الثروة المنهوبة و تحرير فلسطين .. وإن كان تحرك الطلبة الاخير ينقصه الوعي الكافي لاحداث التغيير الحقيقي الا انه يحمل دلالات واضحة على انهم لا ينظرون الى سفاسف الامور ويرفضون فتات القضايا يريدون حقا الانتقال بالبلاد الى وضع آخر بثورية عالية وسقفات مركزية ضديدة لمشاريع الاستعمار التي صنعها وأبدها في تونس.

ولهذا نقول إن الطلبة في تونس قادرون أن يصنعوا الاحداث وان يؤثروا في المشهد السياسي وان يكونوا قادة للتحركات السياسية ففيهم الطاقة والوعي وعندهم القوة والإرادة.

فلماذا يحرمون من العمل السياسي داخل الجامعات؟ ولماذا توضع هذه القوانين البالية لمنعهم من حقهم وواجبهم في الإهتمام بالقضايا المصيرية داخل حرم الجامعة ومزاولة العمل السياسي الفعال والمؤثر؟

إن الأصل في الجامعة أن تكون حاضنة للأطروحات السياسية والقضايا المصيرية لجعلها محل نقاش وتفاعل، ثم إن الإستعمار وعن طريق حكامه العملاء قد استهدف الجامعة وضربها في مقتل بجعلها مؤسسة تقتصر على التعليم فقط لا على الاشتغال بالسياسة عن طريق الفكر السياسي، إذ حول مركز اهتمام الطلبة عن قضايا أمتهم، وسمم الأجواء بينهم بالثقافة الرأسمالية الفاسدة، فأصبحت الجامعة في تونس مؤسسة تعليم وإن تعدت ذلك فإنها حاضنة للتظاهرات والمنتديات التي تخدم مصالح المستعمر وتفسد فكر الطلبة وشعورهم، أما العمل السياسي فأصبحت حتى الأجواء العامة ترفضه الى أن رفضته قوانين السلطة التي منعته وأبقت على العمل النقابي كمتنفس للطلبة لأنه يقتصر على مشاكلهم اليومية ولا يهتم بالقضايا السياسية الحقيقية لديهم.

لكن ها هم الطلبة من خلال المحطات السياسية الكبرى يثبتون أنهم ضد تيار المستعمر ومشاريعه وأنهم يريدون حقا أن يقفوا في صف أمتهم وقضاياها إلا أن غياب الوعي السياسي الراشد يبقى دائما حائلا بينهم وبين التحرك الصحيح والمؤثر في اتجاه تحرير البلاد من التبعية الغربية والعودة بها الى الأصل والعز والمجد بمشروع الإسلام العظيم.

أمام كل هذا وغيره لماذا لا يفسح المجال للطلبة أن يحتكوا بالقضايا المصيرية لأمتهم داخل حرم الجامعات بوعي حقيقي بعيدا عن حبائل المستعمر؟ لماذا لا تنظم حلقات النقاش الفكرية والتظاهرات الجماعية بينهم التي تتناول القضايا الكبرى مثل تطبيق الاسلام ووحدة الأمة والقطع مع الإستعمار وتحرير فلسطين وغيرها… أم أن الاستعمار لا يريد لهم التحرك إلا ضمن خططه وبرامجه؟

نعم إن الانظمة القائمة في بلاد الاسلام تخاف على بقائها وعلى مصالح أسيادها فتمنع العمل السياسي داخل الجامعة لمنع الطلبة من التفاعل مع المخلصين من أبناء هذه الامة الذين يحملون المشروع الاسلامي الصافي والنقي الذي يحرر حقا البلاد من الاستعمار ويعبر حقا عن القضايا التي نادى بها الطلبة في تونس خلال الانتخابات.

وفي الأخير نقول للطلبة ها قد رأيتم مدى تأثيركم في المشهد السياسي في البلاد وموقعكم الفيصلي فيه. ثم إن تحرككم تدرسه المنظمات الاجنبية التي تتحكم بالبلاد وتحسب له ألف حساب وإن تبنيكم للقضايا المصيرية يربك الاستعمار وعملائه. أنتم عماد هذه الامة ووقودها الذي يؤجج نار الثورة فيها وأنتم مستقبلها ونبض القوة والإرادة والطموح عندها.

لا تتركوا قضايا أمتكم المصيرية وتلتفتوا إلى فخاخ المستعمر وأنظمته بل كونوا في صف أمتكم وثورتها على النظام الرأسمالي و القائمين عليه ولا يكون ذلك إلا بالثبات على مبدئها والاشتغال على إيجاده في ارض الواقع، فارفضوا هذه القوانين التي تمنعكم من العمل السياسي داخل الجامعات ليكون اهتمامكم و تأثيركم في المشهد السياسي متواصلا لا منقطعا كل خمس سنوات.

إن التغيير الحقيقي لا يكون إلا بالعمل على قلع الاستعمار من البلاد بانتخاباته الزائفة منظماته الفاسدة وشركاته الناهبة والتطبيق الفوري لمشروع الإسلام العظيم في دولته دولة الخلافة. هذا هو حقيقة السقف الذي يليق بكم والذي أنتم له اهل.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ صدق الله العظيم

عمر العربي

CATEGORIES
TAGS
Share This