تحرير الاقصى لا يكون إلى بإمام جنة يقاتل من ورائه ويُتّقى به
الخبر:
أشرفت جمعية فداء لنصرة القضية الفلسطينية فرع قابس بالتعاون مع الأكاديمية التونسية للمعارف المقدسية وفريق القدس أمانتي على تنظيم محاضرة بعنوان أولويات النصرة, ألقتها الباحثة والمتخصصة في الشأن الفلسطيني, ورئيس ائتلاف المرأة العالمي لنصرة القدس وفلسطين الدكتورة أمل خليفة وذلك يوم الجمعة 03/11/2017 بدار القرآن قابس.
التعليق :
قدمت السيدة أمل خليفة تسلسلا جميلا لأحداث تاريخية عظيمة من تاريخ الأمة الإسلامية، حيث كانت البداية مع وقفات بين معجزات الله بأن اسري بالحبيب المصطفى من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى المبارك.
قال تعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِه لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِد الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَاۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”.
لتنتقل بعد ذلك إلى ذكر اللحظة التاريخية التي تسلم فيها الخليفة عمر بن الخطاب مفاتيح القدس بعد أن سير لها جيوش المسلمين بقيادة عبيدة بن الجراح، وهاهي تسقط ثانية بيد الصليبين ليدوم احتلالها مدة 88 سنة، عم فيها الفساد والفرقة والعداوة بين أبناء العقيدة الواحدة، فكان أن دأب عماد الدين زنكي وابنه نور الدين زنكي إلى التغيير عبر إصلاح التعليم ونبذ المذهبية المقيتة، فاختاره الشعب قائدا لهم ليُسَيِّر جحافلا لجيوش محررة للأقصى ثانية.
وللرد على هذا السرد التاريخي الذي قدمته السيدة أمل خليفة لا بد من الوقوف وتوضيح عديد المراحل من تاريخ الأمة والبحث فيها عن حل لقضية فلسطين والأقصى, وكيفية العمل لعلاجها وهذا لن يكون إلا بالربط بين الماضي والحاضر فذلك هو من أولويات النصرة لقضية الأقصى عملا بعنوان المحاضرة، كذلك لنأخذ بعين الاعتبار أن تاريخ الأمة للعبرة وليس للسرد فقط. فقد وضعت السيدة أمل الإصبع على جرح من جراح الأمة ( فلسطين ) ولكنها كحال عديد علماء المسلمين وأئمة مساجدنا يفتقرون للحنكة السياسية, فلا يتجاوزون في طرحهم لقضايا الأمة سوى معلومات وأخبار يقدمونها, وبهذا تقدم السيدة أمل الحل الجذري للأمة كجسد واحد ولا الدواء الناجع لعلاج جراحنا, لا في الأقصى ولا غيرها، ولا طريقة عملية للوصول إلى حل لقضايانا, بل إنها قد ربطت الحل بالأفراد العزل وعملهم على التغيير في أبنائهم وإعدادهم ليكونوا جيوش المستقبل وبهذا يمثلون الحل (لأبناء) قضية الأقصى المبارك دون الخوض في أن يكون الهدف توحيد الآمة وإعادة دولة المسلمين الحامية للدين, فكيف تتوحد الأمة ونبلغ هدفا لم نجعله صوب أعيننا يوما! ولم ندعوا له في المنابر ولم نعمل لأجله! وكيف سنغير من أبنائنا وأبناء المسلمين ونحن نعلم أن حكامنا يخوضون حربا ضروسا لصناعة أجيال منبتّة عن هويتنا الإسلامية عبر أنظمة تعليمية وإعلامية واجتماعية فاسدة .
إن فكرة ” أصلح الفرد يصلح المجتمع ” فكرة عمل على نشرها جماعات لم تلامس الحل الحقيقي لخلاص الأمة منذ عقود, ولكن, ألم يئن الوقت لملاحظة فسادها !! ألم يلاحظ دعاتها انتشار الانحلال الأخلاقي والتخلف الفكري وارتفاع نسب الانتحار والطلاق والشذوذ والسفور حتى بات المسلم لا يختلف عن الكافر لا في هيئته ولا في أفكاره !
أكان هذا حالنا في فترات الاستعمار العسكري والحملات الصليبية والذي تصدت له الأمة وضحت بالنفس والنفيس, ودأبت على اقتلاعه؟؟ فما دامت الأمة قد استسلمت طائعة للغزو الفكري الغربي, لن يكون التحرير إلا بحمل الفكرة الصحيحة لحل كامل قضاياها والعودة لمبدأ الإسلام .
ومن هنا سنقدم طرحا لتحديد أولويات نصرة قضية المسلمين بالاعتماد على بعض المعلومات التي ذكرتها السيدة أمل, مع إضافات أخرى لتتضح للقارئ الفكرة الصحيحة التي يجب أن يحملها المسلم الواعي, وطريقة العمل التي يمكن أن يساهم بها كل فرد في التغيير والتي اعتمدها من سبق أن نالوا شرف تحرير مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يد الروم والصليبين فنعتبر بها ونسير على منوالها.
ولأجل هذا سنحدد بعض العناصر التي توفرت لتحرير مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عهد عمر الفاروق وصلاح الدين الأيوبي وبعض أسباب سقوطها في سنة 1099 بعد أكثر من أربعة قرون تحت ضل دولة الخلافة.
أما العناصر التي توفرت لفتح بيت المقدس على يد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه فهي كالأتي:
- وجود كيان دولة المسلمين وهي دولة الخلافة الراشدة.
- وجود قيادة لكافة المسلمين وهو الخليفة عمر والذي مثل رمزا للعدل والأمانة والتقوى والقوة والثبات على الحق.
- وجود جيوش جرارة لا تهاب الموت بل تسعى له في سبيل الله لنيل رضاه .
وأما العناصر التي ساهمت في تحرير الأقصى في فترة عماد الدين زنكي وابنه من بعده نور الدين زنكي الذي مهد الطريق أمام صلاح الدين الأيوبي لمحاربة الصليبيين وفتح القدس فهي التالية :
-وجود دولة المسلمين رغم ضعفها حينذاك ورغم التناحر والفرقة )الدولة العباسية).
-دأب نور الدين على توحيد الصفوف ونبذ الطائفية بين أهل السنة.
-إسقاط الفاطميين أصحاب المذهب الشيعي الذين ساهموا في إضعاف دولة المسلمين والتحالف مع الصليبيين ليفتكوا مسرى رسول الله في سنة 1099 ولم يكتفي الصليبيون بهذا بل أمعنوا في ذبح المسلمين وتقتيلهم دون أي رحمة, ولم يسلموا من حقدهم حتى الذين احتموا بالمساجد, وقد ذكر مؤرخ معاصر للحروب الصليبية انه عندما زار الحرم الشريف غداة المذبحة الرهيبة لم يستطع أن يشق طريقه وسط أشلاء المسلمين وان دماء القتلى بلغت ركبتيه وهذه من الأسباب المباشرة في سقوط الأقصى.
-وقد لقب نور الدين زنكي بالملك العادل وناصر أمير المؤمنين وتقي الملوك وليث الإسلام، ومن أهم صفاته حرصه على تطبيق الشريعة الإسلامية فقد كان يقول : “نحن نحفظ الطريق من لص وقاطع طريق والأذى الحاصل منهما أفلا نحفظ على الدين ونمنع عنه ما يناقضه وهو الأصل”
ويقول عنه ابن الأثير في عدله ” قد طالعت سير الملوك المتقدمين فلم أرى فيهم بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن العزيز أحسن من سيرته ولا أكثر منه تحريا للعدل “
-دأبه للتغيير كان عبر تثقيف الناس بثقافة الإسلام وحمل مفاهيمه وإصلاح التعليم وتطوير العلوم والصحة ورعاية شؤون المسلمين بالإسلام.
ولهذا اختاره المسلمون ليحكمهم بعد أن وحد الصفوف ولم شتات الأمة الإسلامية.
- إعداده للجيوش ومحاربة الصليبيين أينما كانوا ونشر الإسلام ليكون الحكم لله وحده.
وأما ما يراه المسلمون الآن من اغتصاب للأقصى فمرده:
- غياب دولة المسلمين التي أقامها الحبيب لنشر الإسلام والحامية للمسلمين من حقد الغرب الكافر.
- غياب الإمام الجنة الذي يتقى به ويقاتل من ورائه.
- تشتت الأمة وتمزقها إلى دويلات ضعيفة يحكمها العملاء أو الضعفاء الجبناء الذين تحالفوا مع الخونة متنازلين عن مبدأ الإسلام وأحكامه لينظموا إلى القطب الغربي في ندائه بالديمقراطية والحريات عوض الشريعة الإسلامية.
- سوء فهم الإسلام لدى عديد العلماء ولدى غالبية العامة مما نتج عنه غياب الوعي السياسي وعدم التمييز بين القيادة الصادقة الأمينة والقيادة الخائنة والعميلة فكريا.
- تغيير عقيدة الجيوش المسلمة لتصبح الحامية لمصالح الغرب ومصالح الحكام الرويبضات عوض حماية المسلمين ومقدساتهم ونشر الإسلام.
وبالوقوف على هذه العناصر وترتيبها يمكن أن تبرز لنا الطريقة المثلى لتحرير الأقصى من براثن الاستعمار فالداء واحد, من فلسطين إلى أفغانستان. إلى العراق والشام واليمن وأركان.., والدواء واحد. ومفتاح كل قضايا الأمة مناط بوحدتها, وهذا لن يكون إلا عبر وعي الشعوب التواقة للوحدة بضرورة البحث وإتباع قيادة صادقة تقية قوية ثابتة, قدوتها الحبيب المصطفى وصحابته الكرام؛ قيادة يكون هدفها نصب عينيها ألا وهو توحيد المسلمين وتحكيم شريعة الرحمان وذلك عبر إنهاض الشعوب الإسلامية قاطبة نهضة فكرية صحيحة ليكون مطلبها ” خلافة على منهاج النبوة ” ونداؤها لجيوش الأمة مدويا بان يلتحموا بها لينصروا الدين ويكونوا له حنفاء كما كان أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل؛ وكل من يشك بالتحام الجيوش والشعوب ليكونوا على قلب رجل واحد فشكه مردود عليه فكما تنهض الشعوب كذلك تنهض الجيوش فهي جزء من الأمة وهم الأبناء والإخوة والجيران والأهل, فكيف لا يلحقون ركب الأمة وهم منا ونحن منهم؛ وقد رأينا كيف أن فئة منهم انشقت عن الجيش النظامي السوري بقيادة مجرم العصر بشار وكيف أن الجيش التونسي رفض أن يقتل الشعب وكيف أن مجموعة من الجنود المصري قبلوا التعذيب والإهانة على طاعة المجرم السيسي وإراقة دم شباب رابعة.
قال تعالى : وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْأ َحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْۖ وَإِن ْأَسَأْتُمْ فَلَهَاۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)
أ.سندس رقم