تغطية ندوة صحفية حول السياسة الجزائية للدولة تجاه حزب التحرير

تغطية ندوة صحفية حول السياسة الجزائية للدولة تجاه حزب التحرير

عقد المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية تونس صبيحة يوم الخميس 01/06/2023 بمقره في أريانة ندوة صحفية تحت عنوان: “سياسة الدولة الجزائية تجاه حزب التحرير: إلى متى الانتقائية؟”.

وقد استهلت الندوة بمداخلة لرئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير الأستاذ خبيب كرباكة، قدّم فيها أعضاء هيئة الدفاع عن حزب التحرير، وتحدث فيها عن الأسلوب الذي يعتمده النظام في تونس لهرسلة شباب حزب التحرير خاصة بعد 25 جويلية، مذكرا بطبيعة العمل السياسي للحزب والذي يستهدف تغيير النظام وتحرير البلاد من ربقة الاستعمار وإنقاذ الأمة ومنها أهل تونس من الأزمات المتراكمة من خلال استعادة سلطان الإسلام كاملا غير منقوص، وهو ما يشكل خطرا على القوى الغربية ويجعل من وكلاءه في الداخل مجرد عملاء ينحصر دورهم في تعطيل نشاط العاملين لاستئناف العيش بالإسلام.

ثم تحدث الأستاذ المحامي أسامة البرهومي عن تونس كدولة علمانية لا تختلف عن سائر الدول الوظيفية في المنطقة وهي بذلك مجرد أداة في أيدي المستعمر لم توضع إلا خدمة لمصلحته، كما عرج الأستاذ البرهومي عن وجود سجين سياسي للحزب في سابقة خطيرة بعد الثورة، مقابل تعتيم إعلامي رهيب مفروض على الحزب وعلى نشاطه وعلى حملات الاعتقال التي يتعرض لها شبابه ضمن سياسة تكسير العظام التي تنتهجها الدولة التي انتقل العلمانيون فيها من موالاة الدولة إلى موالاة الحاكم. ثم أضاف متسائلا: هل الدعوة إلى تحكيم شرع الله في الأرض جريمة يعاقب عليها القانون؟ وقد ختم مداخلته بالدعاء قائلا: اللهم اجعل سالفتنا تنفرد في سبيل هذه الدعوة.

تلتها مداخلة للأستاذ المحامي فتحي الخميري، تحدث فيها عن ظروف وملابسات اعتقال وسجن الشاب عادل الأنصاري من قليبية والذي تم إيقافه يوم 21 فيفري 2023، ليشكل التعامل مع ملفه منعرجا خطيرا في التعامل مع حزب التحرير بصفة عامة، حيث لم يعد الأمر متوقفا على الهرسلة البوليسية التي تنتهي عند النيابة العمومية ولا عند إحالة النيابة العمومية إلى قطب مكافحة الإرهاب حيث يتم حفظ الملف وإطلاق سراح المعتقل، بل تجاوز الأمر ذلك لتتم إحالته للدائرة الجناحية في المحكمة دون الاستجابة إلى طلب التأخير من أجل حضور المحامي،

ثم إلى إصدار حكم بالسجن سنتين مع النفاذ العاجل، سنة من أجل تهمة خرق قانون الطوارئ وسنة من أجل تهمة توزيع مناشير من شأنها تعكير صفو النظام العام، مع أن الشاب عادل الأنصاري هو رئيس المكتب المحلي في قليبية، وقد وقع اعتقاله على خلفية توزيع دعوات حضور المؤتمر السنوي للحزب، فهل صار العمل السياسي العلني موجبا للاعتقال وإصدار أقسى العقوبات السجنية؟

ومع أنه تم تدارك هذه الوضعية الكارثية التي وصل إليها القضاء في الاستئناف، حيث سقطت تهمة خرق قانون الطوارئ، وتم تخفيف الحكم بالنسبة للتهمة الثانية (تعكير صفو النظام العام) إلى ثلاثة أشهر، إلا أن السجن ولو ساعة واحدة على خلفية عمل سياسي فوق أنه سابقة خطيرة، فإنه ظلم عظيم وصد عن سبيل الله، تظافرت فيه جهود القوى الأمنية والقضائية.

أما الدليل على هذا النوع من الانتقائية في التعامل مع حزب التحرير حسب الأستاذ الخميري، زيادة عن الممارسات الجائرة في حق شبابه، فهو تصريح ممثل النيابة العمومية نفسه في نابل، حيث جاء على لسانه حرفيا بأن “السياسة الجزائية تغيرت”. وهو ما يؤكد خضوع القضاء بعد 25 جويلية إلى الاملاءات السياسية ورضوخه لضغط السلطة خاصة بعد حادثة عزل القضاة جماعيا، ليعود تدريجيا إلى حضن النظام كما كان الأمر زمن المخلوع، ولكن بأحكام قضائية أشد قسوة وظلما.

وهكذا، بين الأستاذ فتحي الخميري أن العمل السياسي على أساس الإسلام صار مستهدفا تحت غطاء تطبيق القانون،وأن شباب حزب التحرير بشكل خاصمستهدفون بعقوبات تسلب حقوق الإنسان، ومع ذلك تتواطؤ بقية الجهات التنفيذية والقضائية وحتى الإعلامية في هذا الاستهداف الواضح.

وإزاء هذا الوضع الخطير وغير المسبوق، استوجب الأمر توجيه رسالة إلى وزيرة العدل وحقوق الإنسان السيدة ليلى جفال التي يفترض أنها تشرف على قطاع القضاء وعلى ضمان استقلاليته، وذلك من أجل تحميلها مسؤولية ما يحدث، حيث أكد الأستاذ الخميري خلال هذه الندوة أنه انتقل ضمن وفد من حزب التحرير بقيادة رئيس المكتب السياسي الأستاذ عبد الرؤوف العامري، من أجل تسجيل هذا الموقف الرافض لهذه السياسة الجزائية وذلك من خلالإيصال رسالة مفتوحة تستنكر مثل هذه الممارسات وتدعو إلى مراجعة المنظومة القضائية ككل، مع التأكيد على أن التشريع الإسلامي هو الضامن لكل محاكمة عادلة.

أما المداخلة الأخيرة، فكانت للأستاذ المحامي عماد الدين حدوق، والتي أعطى فيها احصائيات وأرقام رسمية حول عدد الاعتقالات في صفوف حزب التحرير طيلة السنوات الأخيرة، حيث أكد موجود 69 قضية مفصولة من 2015، تم فيها إيقاف الشباب والحكم عليهم بعدم سماع الدعوى باستثناء 7 قضايا لازالت بصدد النظر، ذلك أنه لا يمكن محاكمة شخصيات مادية بتهمة موجهة لشخصية معنوية، وهي شخصية حزب التحرير في موضوع الحال، على عكس ما وقع مع الشاب عادل الأنصاري في نابل، وهي فضيحة قانونية وتاريخية بكل المقاييس. حيث تساءل الأستاذ عماد الدين حدوق عن المستوى العلمي الذي تمتلكه القاضية التي أصدرت الحكم في المحكمة الابتدائية بنابل، مطالبا بالتثبت من شهادتها العلمية.

كما تم تسجيل 90 إيقافا منذ سنة 2015 إلى اليوم، وقعت فيها الإحالة على النيابة العمومية ثم على قطب مكافحة الإرهاب، وتم إخلاء سبيلهم جميعا، وهو مؤشر واضح على عجز النظام عن إلحاق الصبغة الإرهابية بقضايا شباب حزب التحرير، لأنهم متلبسون بالعمل السياسي الفكري بعيدا عن كل أشكال العمل المادي. بل هو دليل إضافي على الإفلاس الفكري لدولة الحداثة التي يعجز حكامها عن المواجهة الفكرية والسياسية وعن مناظرة حزب التحرير. ولذلك جدد الأستاذ حدوق دعوته لفتح أبواب التناظر والنقاش حول الجهة الأقدر على انتشال البلاد والعباد من حالة التبعية والشقاء والبؤس الذي أنتجه تطبيق الرأسمالية في تونس.

وبخصوص المحاكمات، فقد أوضح الأستاذ حدوق أن هناك إحالة على المحكمة العسكرية بتونس وأخرى بصفاقس، أما المحاكم المدنية فشملت كلا من تونس 1، تونس 2، أريانة، بن عروس، منوبة، بنزرت، نابل، مجاز الباب، باجة، جندوبة، سوسة، المهدية، سيدي بوزيد، القيروان، صفاقس وقابس وتوزر.

بهذا المسار، يتأكد بما لا يدع مجالا للشك، أن هناك استهداف ممنهج لأعضاء حزب التحرير من أجل هرسلتهم أمام المحاكم وتتبعهم قضائيا بتهم واهية، وأن الجميع منخرط في هذا المسار السياسي إلا من رحم ربي، انطلاقا من البلدية والولاية ووصولا إلى وزارة الداخلية ووزارة العدل، وبالتالي فإن الانتقائية في التعامل مع حزب التحرير هو سياسة دولة.

أما ما يسمى بالمجتمع المدني، فهو جزء من المؤامرة القذرة ضد دعاة الخلافة، حيث تنتهي كل شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، بمجرد أن يتعلق الأمر بحزب التحرير.

هذه المداخلة، أراد من خلالها الأستاذ حدوق تأريخ الوقائع وتسجيل مواقف الرفض لسياسة الدولة الجزائية، دون أن يفوته التأكيد على أن أول مرّة تقوم فيها الدولة بدوس قوانينها والاعتداء على الأحكام القضائية من خلال إبطال قرار المحكمة الإدارية، كان يوم اتخذت الدولة ذلك القرار السياسي بمنع انعقاد مؤتمر الخلافة السنوي لحزب التحرير عام 2015، وليس حين تم عزل 57 قاضيا بشكل تعسفي، رغم التضامن التام من القضاة الذين تم إعفاؤهم ظلما.

ختاما، فقد تحدث الأستاذ حدوق عن وجود علمانية استئصالية متطرفة أعلنت الحرب على الإسلام ودعاته في تونس منذ عهد بورقيبة إلى اليوم، وعن دور الإعلام في فرض طوق إعلامي رهيب على نشاط الحزب، خدمة للغرب الصليبي، مؤكدا أن ما حصل مع شباب الحزب طيلة السنوات الأخيرة ورغم تغير الحكومات هو دليل على أن محاربة عودة الخلافة هي سياسة دولة، سخرت كل أجهزتها من أجل الصد عن سبيل الله ومنع كلمة الحق، ولكن الفكر لا يطيق أن يبقى حبيسا، ولذلك لن تقف قوة على وجه الأرض أمام فكرة الخلافة مادام هناك رجال صادقون ينشرون دعوة سيدنا وقائدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

هذا وقد كان للأستاذ خبيب كرباكة كلمة ختامية موجزة، تشحذ الهمم وتقوي العزائم، ذكر من خلالها أبناء تونس بحاجتنا للإسلام وللخلافة، مبشرا بقرب قيام الخلافة الراشدة وتحقق بشرى النبي صلى الله عليه وسلم لتتوحد الأمة في دولة واحدة تحت راية واحدة، هي راية لا إلاه إلا الله محمد رسول الله.

CATEGORIES
Share This