أطلقت وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة يوم الجمعة 18 ماي 2018 طلب عروض دولي لإبداء اهتمام لتمويل مشاريع طاقية بقدرة إنتاجية تبلغ 1000 ميغاوات بكلفة جملية تناهز 3 مليارات دينار.و قال وزير الطاقة و المناجم خالد قدور، خلال ندوة خصصت لموضوع تمويل المشاريع الطاقية، أنّ تونس تطلق لأوّل مرة مشاريع بهذا الحجم والتي تمكنها من دفع النمو وتطوير قدرتها في مجال التزود بالطاقة في وقت بات فيه برميل النفط على عتبة 78 دولارا في حين ارتكزت ميزانية الدولة لسنة 2018 على سعر في حدود 54 دولارا للبرميل.
إن المرء ليعجز عن فهم هكذا طبقة سياسية، ففي الوقت الذي تسعى فيه دول العالم للسير قدما في مشاريع إستراتيجية لتأمين طاقة نظيفة و متجددة و ذاتية المصدر لتوفير الاستقلال الطاقي للبلاد، يسعى حكام تونس لربط مشاريع الطاقة المستقبلية بيد الأجنبي حتى تستمر التبعية المقيتة للمستعمر بعدما سلموه مصادر الطاقة الأحفورية من نفط و غاز.
وقد برر و زير الطاقة هذا التمشي بقوله “علينا أن نقوم بتجديد المشاريع وتحديد الآليات لتوفير التمويلات ” مشيرا إلى وجود إمكانية يتم، بحثها، حاليا، تتعلق بإرساء شراكة مع صندوق الودائع والأمانات للتوصل إلى تمويل قسط من هذه المشاريع بالدينار التونسي وكذلك بالتعاون مع المستثمرين تونسيين وأجانب في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص. وأردف “نحن نطمح اليوم إلى عودة قوية لقطاع الطاقة ولكن عودة مختلفة ” مؤكدا بصفة واضحة ضرورة تطوير مشاريع استخراج الغاز والبترول إلى جانب إطلاق مشاريع هامة للطاقات المتجددة، تتيح رفع حجم الاستثمارات الخارجية وخلق مواطن الشغل وتحسين تحويل التكنولوجيا.
أي أن الوزير يبرر الاعتماد على الاستثمارات الخارجية التي لا تخرج عن كونها استعمارا اقتصاديا، خاصة إذا كانت في مجال حيوي كالطاقة، يبرر ذلك بحاجة البلاد إلى التمويلات اللازمة لبعث هذا المشروع الطموح. و لنا أن نتساءل ألم يكن الأجدر لهذا الوزير أن يوفر هذا التمويل باسترجاع أحد حقول النفط و الغاز التي تنهبه الشركات الاستعمارية الأوروبية، كحقل ميسكار مثلا، الذي سلمه المخلوع بن علي لشركة بريتش غاز، حيث تدفع الشركة التونسية للكهرباء و الغاز لهذه الشركة الاستعمارية 750 مليون دولار سنويا بالعملة الصعبة مقابل ما تنتجه أرضنا من الغاز، فيكون بذلك قد وفر ما لا يقل عن ثلثي المبلغ اللازم لبعث هذا المشروع، هذا من ناحية تمويل المشروع، أما المشروع في حد ذاته فيمكن الحد من تكاليفه إذا اعتمدت الدولة على نفسها في صناعة اللوحات الشمسية، خاصة و أن هذه التكنولوجيا أصبحت متوفرة و يمكن اقتناؤها، كما يمكن الاعتماد على علماء تونس من دكاترة و باحثين و تقنيين في بعث مثل هكذا مشروع.
إن الاعتماد على النفس في بعث هذا المشروع و أمثاله لا يقدر على اتخاذه العملاء و الضعفاء، الذين يخضعون لوصاية صندوق النقد الدولي، و إن رجال دولة الخلافة القادمة قريبا بإذن الله ستتخذ آلاف القرارات المصيرية في مجال العلم و التصنيع ما سيوجد حالة استنفار كبير بين علماء المسلمين في تونس و غيرها لبعث المشاريع الإستراتيجية التي لا غنى للبلاد عنها في مجال الطاقة و السلاح و الغذاء.