ثلاثة عشر سنة عن انطلاق ثورة الأمة من سيدي بوزيد، ماذا بعد؟

ثلاثة عشر سنة عن انطلاق ثورة الأمة من سيدي بوزيد، ماذا بعد؟

تمر بنا اليوم الذكرى الثالثة عشر لانطلاق ثورة الأمة من مدينة سيدي بوزيد الأبية التي أطاحت بأعتى الأنظمة الإستبدادية في المنطقة وكانت فرصة تاريخية للتحرر من الهيمنة الغربية وأدواتها المحلية.

تآمر الغرب عن مطالب الشعوب العربية بإسقاط النظام كان سريعا، حيث تم استدعاء مصر وتونس من طرف الدول الكبرى لحضور قمة دوفيل في ماي 2011، وقد طلبوا من رئيس الحكومة المؤقت آنذاك الباجي قايد السبسي طلبا واحدا وهو أن تلتزم الدولة التونسية بالاتفاقيات الدولية، أي أن تبقى تونس تحت الوصاية الغربية.

مقررات مؤتمر دوفيل كانت فارقة في الثورة التونسية، حيث كشف التقرير السري المسرب عن البنك المركزي والصادر سنة 2016، أن كل السياسات والخيارات الاقتصادية ومشاريع القوانين التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة تم التنصيص عليها بالتفصيل الممل في ذلك المؤتمر المشؤوم مثل استقلالية البنك المركزي واتفاقية الشراكة مع الإتحاد الأوروبي “الاليكا” وقوانين الاستثمار، ومشروع رسالة النوايا الأولى والثانية التي التزمت فيها الدولة التونسية لصندوق النقد الدولي بالسير في الاصلاحات الكبرى بما فيها خصخصة القطاع العام اي تسليم ما تبقى من مؤسسات عمومية للغرب بعدما تم تسليم الثروات الطبيعية من غاز وبترول ومعادن للشركات الغربية.

سياسة التبعية التي سارت بحسبها حكومات ما بعد الثورة لم تنتج الا البؤس والخراب، ما سرّع بسقوطها، فجاءت حركة 25 جويلية 2021 وأطاحت بالفئة التي حكمت طيلة عشر سنوات وبشرت الناس باسترجاع القرار والقطع مع التبعية والسياسات الاستعمارية والفساد والمحسوبية، إلا ان الحالة المعيشية للناس ازدادت سوء وأصبحت طوابير الناس أمام المخابز والمغارات ومحطات البنزين أمرًا مألوفًا، أما السيادة فضاعت في أروقة الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي الذي جعل من أمننا وجيشها حرسا وعسسا لصالح الغرب وأجنداته، ومن بلدنا تونس نقطة فرز وغربلة للعابرين نحو القارة العجوز تمنع عنهم الهجرة وتتحمل عنهم أعباء مراكز اللجوء وتبعاتها، ولم تعد أخبار الزج بالمعارضين والفاسدين في السجون تستهوي الناس أو تلفت انتباههم بعدما وقفوا على الحقيقة المرة أن النظام الذي ثاروا عليه لم يتغير وان تغيرت الوجوه، حيث استطاع الغرب إنتاج نفس النظام ولكن بوجوه جديدة لا تقل سياساتها سوء عمن سبقها، سياسات تنبع من مشكاة الأنظمة الوضعية التي تحكم بغير ما انزل الله ولم تنتج الا البؤس والشقاء وبعثت اليأس في قلوب الناس حتى لا يفكروا في التحرك للتغيير ويثوروا مرة أخرى على النظام العلماني الحداثي الذي سامهم سوء العذاب.

لن تنجح ثورتنا إلا إذا تحصنت بثلاث عوامل:

١. التسلح بمشروع حضاري ينبع من عقيدة الشعب المسلم، يحررنا من الهيمنة الغربية ويحدد البديل والطريقة والغاية.

٢. وجود قيادة مخلصة لمشروع الأمة وواعية على ألاعيب الغرب، تقود الأمة نحو التغيير الحقيقي المنتج على أساس الإسلام.

٣. جزء كافي من أهل القوة قادر على قطع ايادي الغرب من بلادنا.

هذه العوامل الثلاث تمكننا من إقامة دولة ذات قوة وشوكة وهيبة تستند في قرارها وسياستها على سيادة الشرع وسلطان الأمة دون غيرهما، دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ولا شك أن فشل الديمقراطية وتصدع الرأسمالية يعزز الثقة بأن مشروع الخلافة هو الوحيد الكفيل بإخراج الأمة من مآزقها، وما طوفان الأقصى الذي أيقظ الأمة من مشرقها الى مغربها إلا أحد إرهاصات قيامها، لتتحرر الامة وجيوشها من الهيمنة الغربية وأدواتها المحلية وتقيم دولتها التي ستجمع من طاقات الأمة وقواها ما يمكنها لتحقيق أحد أهم أولوياتها : نصرة غزة وتحرير المباركة فلسطين، ثم تنطلق لتملأ الارض قسطا وعدلا وبعدما امتلأت ظلما وجورًا.

قال الله تعالى:

“الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور”

CATEGORIES
Share This