ثورتنا في قبضة دول الخليج !!
قال وليد بن طلال أحد أمراء “السعودية” المتنافس على المراتب الأولى لأثرى أثرياء العالم “أوصلنا السيسي إلى الحكم من أجل القضاء على الإخوان وما يسمى الثورات العربية” ومن قبله قال الجنرال الجزائري الانقلابي خالد نزار في مذكراته أن السعودية قد دعمتنا في الإنقلاب على الإنتخابات سنة 1992 ومدّتنا بالأموال ولا يخفى أنّ السعودية أحبطت الثورة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي بعدما مهدت وساهمت في دمار العراق وغزوه أبشع غزو وكلّ المتابعين يلاحظون دمار اليمن على يد الحوثيين المدعومين من المخابرات السعودية لطمس كلّ صفة ثورية في المنطقة وكلّ تحرّر ولو في حدّه الأدنى.. ويصرّح الضاحي خلفان رئيس الشرطة في دبي أكثر من مرة أنّ التغيير مرفوض في البلاد العربية وهو يبارك الإنقلاب في مصر ويتوعد الثورة في تونس وفعل العجب العجاب ليحدث فيها انقلابا ناعما وقد حصل..
لم يعد خافيا الدور الإماراتي القذر في ليبيا وتونس ومصر، وحسبك ما قدمه الثوار في ليبيا من وثائق على تدخلات اماراتية مرعبة لا تتورع عن كلّ أنواع الفتنة.. بل وقد صدم الرأي العام حين اكتشف دور الإمارات في التجسّس على المقاومة في فلسطين أيام الحرب على غزة. وما خفي أعظم.. ولا ننسى دور قطر التي تمالي وتساير الثورة لتمتصّها وتروضها لمشروع شرق أوسطي قطبه اسرائيل.
والغاية من كل هذه التدخلات المرعبة لبعض دول الخليج هو تعميم وضعية العجز ومن ثم دخول بيت الطاعة الغربية بلا أدنى تردّد ولا تمرّد… لذلك يحرجها كل انتصار ولو كان رمزيا لأنّ ثمنه هو رفع الهمة والمطالبة بالتتمة والمواصلة… ولذلك فهي تجتهد لحجب كلّ تعبيرة سياسية ثورية لها الصفة الإسلامية ولو ظنا ولو شكلا.. وبهذا تحمي هذه الدول الخليجية عروشها باعتبارها الممثل الوحيد والنهائي للإسلام لا بديل ولا شبيه.
وهكذا تستمر الخيانات على المسلمين من الخليج وسلالاته فنجد أنفسنا في مشهد مخز.. في قبضة منظومة متكلسة متخلفة مرة أخرى.. هذه الأدوار الكارثية على الأمة لها سوابق لا تقل عنها مذلة وهوانا فالثورة العربية الكبرى 1916 (هكذا سميت زورا) آلت إلى اسقاط دولة الخلافة والتحالف مع الاستعمار ضدها.. تجلت هذه الخيانة في مؤتمر باريس 18/06/1913 تحت رعاية فرنسا حيث تم اعلان انحياز القوميين العرب إلى انجلترا وفرنسا ضدّ الدولة العثمانية وفعلا كانت الخيانة العظمى بانحياز هؤلاء ضد دولتهم في الحرب العالمية الأولى.. وهل فوق هذه الخيانة من خيانة؟
تسترت هذه “الثورة العربيّة” بالكلام وادعت أنها تريد الخلافة ولكن بجعلها عربية بالأساس.. ولكن هذه الحركة التّي تحالفت مع الاستعمار وتسترت بشعارات الأمة لم تمرّ حتى بالمرحلة الوحدوية القومية التّي ادعتها بل آلت إلى الشرذمات الوطنية (سايكس بيكو) وقبلتها وبررتها وأيدتها.. وهكذا حطمت الخيانة العظمى جدار الأمة وصارت المعركة في ديارنا وحرماتنا وأعراضنا وخاصة خاصة أمرنا…
وبدأ التهاوي والتدهور من فظيع إلى أفظع وتدحرجت القضية الفلسطينية حين انقطعت عن جذرها الإسلامي تدحرجت من عنوان إلى عنوان إلى أن آلت إلى قضية عقارية وممرات ومعابر وتدحرجت قضايا الأمة إلى مجرد سعي للبقاء على قيد الحياة أو في أحسن الحالات أوطانا كالمستوطنات.. وحتى لا تستمر المؤامرات والمخادعات وندفع الثمن مجدّدا من دمائنا وأموالنا وأعمارنا ندعو الجميع إلى عنونة العدو ليحمل وزر عنوانه وموقعه وصفته ولا يتستر ولا يتوارى ولا يصبح حالة زئبقية وعندها نتخذ ازاءه طور الهجوم لا الدفاع…
هذا العدوّ هو العلمانية أي فصل الدين عن الحياة أي عن العلاقات أي عن التشريع أي عن الدولة وهي أكبر جريمة وأكبر خيانة في تاريخ الأمة.. خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين وندعو الجميع إلى شجاعة المحاسبة بالأسماء والوقائع لا أن ندندن حول المجرمين ونسعفهم بالتعميم والتعتيم.. والظلام أرضيتهم المفضلة.. والغريب (واذا عرف السبب بطل العجب) أن النخبة العلمانية فرحة مسرورة بهذا التدخل الخليجي المرعب تباركه وتبرره وتداري عنه طالما هو ضدّ الإسلام السياسي ولو كان هذا التدخل انقلابا دمويا ومجازر في حق الشعوب.. ههنا يسقط الحاجز بين الرجعية والتقدمية وينعدم الفارق بين اليسار واليمين (وتبا لحقوق الإنسان وحرية الصحافة)
هكذا صرنا في قبضة علمانية معممة متحالفة مع علمانية بربطة عنق… وعلى الأمة أن تجد مخرجها بين دجل ديني ودجل سياسي وفي ذمتها حيوية ثورة أي رغبة جامحة في التغيير وسياق أمة يحركها الفرض والواجب وتأبى الضيم والظلم وهي مدعوة لاخراج العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد الحي القيوم.
الأستاذ رضا بالحاج