حتى لا تتكرر جريمة نيوزيلندا

حتى لا تتكرر جريمة نيوزيلندا

صبيحة الجمعة 15 مارس 2019، استفاق أبناء الأمة الإسلامية في أصقاع العالم على خبر هجوم مسلح على مسجدين في مدينة كرايست تشريش بنيوزيلندا، سقط فيه نحو خمسين شهيداً بإذن الله و47 جريحا من جنسيات مختلفة، وقد هزَّ هذا الخبر مشاعر وغضب الأمة الإسلامية في كل أنحاء العالم وفُجع الملايين غيرهم من هول وبشاعة المشهد، بعد أن تواطأت كل من شركتي “فايسبوك” و”غوغل” لإيصال مشاهد تلك الطريقة الاستعراضية لإبادة المصلين جماعيا، حيث عجزت تقنيات الذكاء الصناعي وجيوش الموظفين عبر العالم عن محو محتوى فيديو الهجوم الأول المنسوب لأسترالي صليبي حاقد قام بتصوير وتنزيل جريمته على المباشر، على عكس ما تعودنا به مع فيديوهات بل وصفحات وحسابات من يحرض على الاستعمار وعملائه بسلاح الفكر ومن زاوية نظر الإسلام.

هذه المرة، تأتي نيوزيلاندا لتسجل نفسها كأقصى نقطة جغرافية للصراع الحضاري بين الرأسمالية والإسلام، لتصل لكل مسلم رسالة مفادها ألاّ أمان للمسلمين بين أمم الغرب حتى في أبعد بقاع الأرض كما ورد في رسالة هذا المجرم الصليبي والتي تنافست في نقلها أبواق النظام العالمي حيث أكد في بيان نشره قبل دقائق من تنفيذ العملية أن أفعاله جاءت انتقاما لملايين الأوروبيين الذين قتلهم “الغزاة” الأجانب عبر التاريخ وآلاف الأوروبيين الذين قضوا في هجمات إرهابية على الأراضي الأوروبية.

وحتى لا تضيع دماء المسلمين هدرا فتضاف الحادثة إلى سجل الجرائم الصليبية الآثمة التي استهدفت ملايين المسلمين الأبرياء عبر العالم دون استخلاص الدروس والعبر، لا بد من الوقوف على الأبعاد الحقيقية لهذا المستوى من الحقد الصليبي الذي ترجمته طلقات رصاص هذا المجرم المتتالية فضلا عن تواريخ المعارك مع المسلمين التي لم ينس نحتها فوق أسلحته، لتتضح لنا الصورة التي تعمل على تغييبها القوى الناعمة في الغرب عبر أبواق التضليل الإعلامي، ضمن تبادل رخيص للأدوار مع ما يسوق لنا من صعود لليمين المتطرف، لندرك أن الصراع الحضاري مع الإسلام قد بلغ أشده فعلا.قال تعالى: “قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ”. آل عمران – 118.

وفي هذا السياق، وجب تذكر ثلاث أمور أساسية لا يجب أن نغفل على أي منها أثناء التعاطي مع هكذا أحداث، قد تتكرر إذا لم نسارع بوضع المعايير الشرعية والحلول الجذرية في تعاملنا مع الغرب، وما حادثة الاعتداء على أحد المصلين في لندن بعدها عنا ببعيد.

أولا:الإرهاب بضاعة الاستعمار وصناعته

إن هذا القتل للمسلمين بمختلف أجناسهم وأعراقهم وأوطانهم ولغاتهم أثناء أداء فريضة تجمعهم هي فريضة الجمعة لم يأتمن فراغ، ولا هو بحادث فرد مهووس تبنى فكر اليمين المتطرف كما يُروّج، بل هي حرب صليبية شعواء يشنها أعداء الإسلام في الشرق والغرب الكافر المستعمر بشتى خطابات الكراهية والتحريض على المسلمين وبكل أشكال الضخ الإعلامي المتنامي، وعلى كافة مستويات التشويه والتضليل والتخويف من الإسلام، أو ما بات يعرف بالإسلاموفوبيا، وذلك عبر اتخاذ الإسلام عدواً من خلال بعض الأعمال الإجرامية لبعض التنظيمات التي يرفضها ورفضها المسلمون والتي كان الغرب نفسه وراء صناعتها.ما يبرر جرائم الأمريكان والروس في سوريا تحت قيادة الحلف الصليبي، وجرائم الصهاينة في حق أهل فلسطين، وجرائم البوذيين ضد مسلمي الروهينغا، وكل المضايقات والاعتقالات والجرائم التي يتعرض لها المسلمون في العالم تحت غطاء مكافحة الإرهاب، بوصفهم “أقلية” بلا دولة.

أما عن هذا الأسترالي الحاقد أو فلنقل هذا الإرهابي المتربص، فله أمثاله في الغرب وهم زعماؤه الإرهابيون في حربهم على الإسلام ممن يتقنون فنون صناعة الإرهاب وتحريك خيوطه في العالم أمثال ترامب وأوباما وتوني بلير وبوش وساركوزي وماكرون وبوتين، وهدفهم فقط الحيلولة دون سقوط مبدئهم العلماني الرأسمالي العفن الذي سقط فكرياً، ويُخشى من سقوط دوله وحكوماته وكنس نفوذها من بلاد المسلمين عملياً، إذا ما تم للمسلمين الثائرين إقامة دولتهم وكيانهم السياسي العملي، وهو دولة الخلافة الراشدة التي يعلمون جيدا معنى ضرب جذورها في الأرض مرة أخرى، تماما مثلما يعلمون أنها أكبر فريضة يمكن أن تجمع المسلمين، ولذلك عملوا على إسقاطها وتغييبها عن الوجود.

وعليه، ووقوفا على حقيقة هذه العملية بكل ما تحمله في طياتها من معان ودلالات، فإن هذا المجرم الحقير، ليس سوى نتاجا طبيعيا لحضارة آيلة إلى الزوال ترقص رقصة الديك المذبوح وقد تآكلت منسأتها، وتعجز عجزا تاما على مواجهة الحجة بالحجة، ما يجبرها على استخدام العنف لتصفية خصومها، والحد من تنامي الإسلام وانتشاره في بلادها عبر اللجوء إلى بعض الأساليب القذرة. ولعله قد أرهقها تشكل البديل الحضاري للإسلام أمام أعينها عند متابعة سلمية حراك الأمة الواعد وتبلور مشروعها السياسي،من ذلك انعقاد مؤتمر الاقتصاد الإسلامي في تركيا التي هاجمها هذا المجرم في رسالته بوصفها حاضنة لدولة الخلافة لا بوصفها جزء من الحلف الصليبي الذي تتزعمه رأس الكفر أمريكا.

بل لقد أكد هذا المتربص من خلال أسلوب العملية وبيانه المتكون من 73 صفحة ثم من خلال تلخيص أهم المعارك الصليبية مع المسلمين على أسلحته ونشرها قبل يومين من تنفيذ العملية على حسابه الرسمي على الفايسبوك دون أن يجد رادعا له، أنه قد انحدر من نفس مشكاة مخابر الإرهاب التي جادت علينا بنظريات الذئاب المنفردة وإدارة التوحش، بل انكشفت اللعبة لنزداد علما ويقينا بأن بلاد الغرب هي أكبر بيئة حاضنة للإرهاب المسلح وأنها أرضية لنمو أعشاب اليمين المتطرف، بل أرضية خصبة للعمليات الإرهابية الحاقدة التي لا تتطلب تحصنا في الجبال أو اختباء في الكهوف للتدريب على استعمال السلاح على عكس ما يقع في بلاد المسلمين، أين تم إغراقنا بمسرحيات من الدجل الإعلامي تربط الإرهاب بالجهل والفقر وتصر على نسبه للشعوب المسلمة وأنها منبع الإرهاب في العالم، مع أنه صنيعة الأنظمة الجاثمة فوق صدورنا بإشراف من الكافر المستعمر، الذي يُوقّع كل العمليات ويصادق عليها ويضيف عند الحاجة فارق القميص واللحية، ولنا في عملية اغتيال المهندس محمد الزواري رحمه الله خير دليل ومثال.

ثانيا: الحملة الصليبية، حرب ضد الخلافة

إن كل ما يجري في عالمنا اليوم، يأتي في سياق حرب عقائدية بين الرأسماليين الديمقراطيين الذين يريدون تأليه الفرد وإطلاق حرياته بلا قيد، وهم يستلهمون تاريخ آبائهم الصليبيين، وبين الربانيين الذين يريدون تحرير الإنسان من أية عبودية لغير الله، وتعبيده لله الواحد القهار، وهم يستلهمون تاريخ الخلافة على مدار ثلاثة عشر قرنا، وهو ما يجعل الخلافة محور هذا الصراع العالمي ويجعل رواد هذا المشروع في قلب الرحى وإن بدا على السطح غير ذلك حرصا من الاستعمار على صرف أنظار الناس عن البديل المنقذ، ولذلك فإن أي قراءة للأحداث السياسية في العالم في غير هذا السياق هي قراءة سطحية متأثرة بالحضارة الغربية ومنخدعة بقشة حقوق الإنسان في أحسن الحالات.

صحيح أن ساسة الغرب علمانيون، ولكنهم لا ينفصلون عن تاريخهم الصدامي مع المسلمين، ولذلك لم يكن مستغربا أن يصنّف بوش الابن غزو أفغانستان عام 2001 على أنه “حملة صليبية”، عندما صرح من كامب ديفيد بأن “هذه الحملة الصليبية، هذه الحرب على الإرهاب ستأخذ بعض الوقت“. وكان تصريحه ذاك تعبيرا صادقا عن عداء مستفحل، ولذلك ظهرت عبارة الحملة الصليبية العاشرة كتعبير سياسي عن حالة الربط بين “الحرب على الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية والحملات الصليبية التاريخية”.

زعيم رأس الكفر أمريكا ترامب، صرح في أكثر من تجمع انتخابي للجمهوريين بأنه سيحمي أمريكا من “الإرهاب الإسلامي المتطرف”متباهيا بقرار عدم إغلاق غوانتانامو.

ولذلك كان الصحفي الأمريكي البارز جو شيا سبّاقا في الاعتراف بهذه المواجهة بين أمريكا (أو الغرب) والخلافة كما ذكر في مقاله الذي نشرته مجلة التقرير الأمريكي (American Reporter) بتاريخ 19/1/2010 تحت عنوان: “الحرب ضدَّ الخلافة”، وقال فيه “إنَّ المعركة بين الإسلام والغرْب معركة حتميَّة لا يمكن تجنُّبها، وهي ذاتُ تاريخ قديم“.

ما يتغافل عنه قوم تبّع في هذا السياق، هو أن الغرب وعلى رأسه أمريكا يبني سياساته وعلاقاته مع عالمنا الإسلامي على أساس أن الحروب الصليبية لا تزال مستمرة بيننا وبينه، لا على أي أساس آخر.

يقول Eugene Rostow رئيس قسم التخطيط في وزارة الخارجية الأمريكية ومساعد وزير الخارجية الأمريكية، ومستشار الرئيس جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى عام 1967، يقول:

” يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين دول أو شعوب، بل هي خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية. لقد كان الصراع مُحْتَدِمًا ما بين المسيحية والإسلام منذ القرون الوسطى، وهو مستمر حتى هذه اللحظة، بصور مختلفة. ومنذ قرن ونصف خضع الإسلام لسيطرة الغرب، وخضع التراث الإسلامي للتراث المسيحي”.

ثم يضيف: “إن الظروف التاريخية تؤكد أن أمريكا إنما هي جزء مكمل للعالم الغربي، فلسفته، وعقيدته، ونظامه، وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقي الإسلامي، بفلسفته وعقيدته المتمثلة بالدين الإسلامي، ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف في الصف المعادي للإسلام وإلى جانب العالم الغربي والدولة الصهيونية، لأنها إن فعلت عكس ذلك فإنها تتنكر للغتها وفلسفتها وثقافتها ومؤسساتها”.

هكذا يحدد “روستو” أن هدف الاستعمار في الشرق الأوسط هو تدمير الحضارة الإسلامية، وأن قيام “إسرائيل”، هو جزء من هذا المخطط، وأن ذلك ليس إلا استمرارًا للحروب الصليبية.

وهذا العداء الصليبي ليس مقتصرا على أمريكا التي تقود الحرب الصليبية على الإسلام من خلال ما أسمته الحرب على الإرهاب، بل هو أمر ثابت في العرف السياسي البريطاني والفرنسي أيضا.

فقد نشرت الصحف البريطانية صور اللَّنْبِي وكتبت تحتها عبارته المشهورة التي قالها عندما فتح القدس: “اليوم اِنتهت الحروب الصَّليبيَّة”.

ونشرت هذه الصحف خَبَرًا آخَر يُبيِّنُ أن هذا الموقف ليس موقف اللَّنْبِي وحده بل موقف السياسة الإنجليزية كلها، قالت الصحف:هنَأ لُوِيدْ جُورْجْ وزِير الخارِجية البرِيطاني الجِنرال اللَّنْبِي في البرلمانِ البرِيطانِي، لإِحرازه النصر في آخر حمْلَةٍ من الحروب الصَّلِيبيَّة، التِي سَمَّاهَا لُوِيدْ جُورْجْ الحَرْبَ الصّلِيبيَة الثّامِنَة.

ولا يمكن أن ننسى في هذا السياق ذلك التصريح الذي نال إعجاب وتصفيق كل نواب مجلس العموم البريطاني حين صرح وزير خارجية بريطانيا آنذاك اللورد كرزون بقوله:“لقد قضينا على تركيا، التي لن تقوم لها قائمة بعد اليوم، لأَنَّنا قضينا على قوَّتها المتمثِّلَة في أمرين: الإسلام والخلافة”.

أما الجنرال الفرنسي “غورو” عندما تغلب على جيش مَيْسَلُونْ خارج دمشق توجه فَوْرًا إلى قبر صلاح الدين الأيوبي عند الجامع الأموي، وركله بقدمه وقال له: هَا قَدْ عُدْنَا يَا صَلاَحَ الدِّينِ.

ويؤكد صليبية الفرنسيين ما قاله “مسيو بينو” وزير خارجية فرنسا عندما زاره بعض البرلمانيين الفرنسيين وطلبوا منه وضع حد للمعركة الدائرة في مراكش أجابهم:إِنَّهَا مَعْرَكَةٌ بَيْنَ الهِلاَلِ وَالصَّلِيبِ.

فهل ستنسى أمة الإسلام هذه الحملات الصليبية المتعاقبة وتنساق وراء التضليل الذي يشرف عليه زعماء دول الكفر ممن اجتمعوا على حرب الإسلام وأهله؟ ألم يتقدم ترامب ونتانياهو المسيرة العالمية لمكافحة الإرهاب؟ أليس هذا كافيا للدلالة على أن المقصود بالحرب على الإرهاب هو اجتثاث الإسلام؟ وهل يجب أن تباد الأمة وأن تذبح من الوريد إلى الوريد حتى نتأكد من أن عباد الصليب اليوم هم أحفاد مجرمي محاكم التفتيش؟

ثالثا: أنظمة العالم الإسلامي مشاركة في الجريمة

إن جرم الأنظمة الظالمة الفاجرة التي تحكمنا اليوم، لا يقل درجة عن ظلم النظام الرأسمالي للبشرية في كل مكان، بل إنه أشد وطأة على المسلمين من أنظمة الغرب وسياساته، ذلك أن القتل والتشريد والتهجير والتعذيب والإبادة الجماعية صار يصدر من جهة تتظاهر بالحفاظ على رعاياها ويفترض أن تكون كذلك، على عكس الغرب الذي يجهر بعداوته للإسلام والمسلمين ومع ذلك نجده يتودد إليهم طمعا في كسبهم ديمقراطيا لصالح عقيدة فصل الدين عن الحياة ليضمن انسلاخهم عن الإسلام وذوبانهم في حضارته.

ولذلك، فإن انخراط جل هذه الأنظمة في مسار الحرب على الإسلام الذي فرضته أمريكا عالميا، هو جريمة تسهّل على الحاقدين النيل من المسلمين والاعتداء عليهم في كل مكان، حتى أصبح دمهم رخيصا مباحا لكل المجرمين والمتربصين في الداخل والخارج، بل صارت الأنظمة تنصب المشانق لشعوبها نيابة عن الكافر المستعمر، وهكذا صرنا إلى هذا الحال الأليم منذ غياب سلطان الإسلام وغياب الإمام الذي قال صلى الله عليه وسلم في شأنه: “إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به”. رواه مسلم.

إن أفظع مهمة قام بها حكام الملك الجبري طيلة قرن من الزمان، هي إبادة كل مقومات القوة في شعوبهم وتدميرها بالكامل ليدفعوا بها في فم الغول الاستعماري البشع فيلتهمها مقابل بقائهم في سدة الحكم، مع أن زوال عروشهم أقرب إلى الغرب من أي أمر آخر كلما اقتضت حاجته استبدال عميل بآخر، ومع ذلك فهم لا يتعظون.

اليوم، تستفيق الأمة على واقع خراب الأوطان والدمار الذي حل ببلدان العالم الإسلامي نتيجة تبني السياسات الغربية الفاشلة التي سامت شعوب العالم سوء العذاب. اليوم تستفيق الأمة على حقيقة سقوط كل المشاريع السياسية المصطنعة بأياد نجسة مرتعشة. اليوم تستفيق الأمة على حقيقة أفظع حقبة تاريخية عاشتها البشرية عبر الزمان.

تستفيق الأمة وتتحرر عقول أبنائها، ولكنها لازالت مكبلة بقيودها، متأثرة بجراحها، مخضبة بدمائها المستباحة يوميا، لكنها سياط اليقظة التي ستذهب نوم القرون بإذن الله، وتخرج من تحت الأرض سكان القبور، وما ذلك على الله بعزيز.

أخوتنا في نيوزلاندا قتلهم صمتنا وتقصيرنا كأمة في إقامة الدولة الجامعة المانعة، دولة الخلافة التي تذود عن الأرض والعرض وتأخذ بالثأر، وإلا لما كان ليتجرأ علينا أحد الصليبيين الأوغاد بهذه الوقاحة والوحشية.

جريمة نيوزيلاندا تعيد إلى الواجهة وبشكل بارز صراع الصليبيين مع دولة الخلافة، وحتى لا تتكرر الجريمة، على أمة الإسلام أن تتبرأ من جميع حكامها الأنذال في الدنيا قبل الآخرة، وألاّ تشاركهم جرمهم وتآمرهم على أبنائها، فكل دقيقة في عمر أنظمتهم تساوي رصاصة تُصوّب غدرا نحو أحد المسلمين هنا أو هناك، لأن عباد الصليب أعجز من أن يواجهوا جيش الإسلام وجها لوجه.

إن الإسلام يوجب على الأمة أن تحسن اختيار القائد لمشروعها، مشروع الخلافة الذي يقوده عالميا اليوم حزب التحرير، بعيدا عن كل المشاريع القطرية التي أضعفت كاهل الأمة، وألاّ يدخر أبناؤها جهدا في سبيل استئناف العيش بالإسلام ورفع راية الإسلام كما رفعها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه عند استشهاده في غزوة مؤتة، حيث بترت يداه الاثنتان، وبقي متمسكا بحملها إلى أن لقي الله.

نعم، كما قالها أستاذنا إسماعيل الوحواح فك الله أسره: قيد اليد لا يخيف… قيد اليد يدمي، يؤلم، يوجع… لكنه لا يخيف. قيد اليد قضية وقت، ونحن اليوم في معركة كسر القيد، فاكسروا القيد يا رجال الإسلام الأقوياء. أمتكم تنتظركم، رسولكم ينتظركم، ربكم يعدكم بجنات عرضها السماوات والأرض، فاكسروا القيد وأنتم على موعد مع النصر. بإذن الله سننتصر وسنرفع الراية من جديد.

قال تعالى: “هذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ * وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ . آل عمران، 138-140.

وسام الأطرش

CATEGORIES
TAGS
Share This