حتى مع الأعاصير القياسية أمريكا ترفض مواجهة تغير المناخ
الخبر:
تواجه أمريكا أعاصير قياسية الحجم تكثفت بسبب تغير المناخ. فوفقا لـ NPR:
إعصار إيرما يقع في الموقع بين الإعصارين الثاني والأكثر قوة في المحيط الأطلسي. حيث يتبع هارفي، الذي ألقى تريليونات من غالونات المياه على جنوب تكساس. والآن، إعصار خوسيه يتراجع في الخطوة وراء إيرما.
… العلماء يسارعون للإشارة إلى أن هارفي وإيرما كانتا عواصف كبيرة بسبب احتباس الغلاف الجوي والمحيطات الحراري والتي بدأت بالاحترار بشكل كبير قبل نحو 75 عاما. ولكن العواصف الآن هي عرضة للنمو أكثر. وذلك لأن المحيطات والغلاف الجوي، في المتوسط، أكثر دفئا الآن مما كانت عليه. والحرارة هي الوقود الذي يأخذ العواصف للتنوع وتشحنها.
وفي الوقت نفسه، يرفض السياسيون، وخاصة في الحزب الجمهوري الحاكم، القبول يأن تغير المناخ سببه الإنسان، أو حتى القبول بأن هناك تغيراً للمناخ موجودا. وفي الوقت نفسه، وفقا لشبكة سي إن إن: قال مدير وكالة حماية البيئة سكوت برويت لشبكة سي إن إن في مقابلة حول إعصار إيرما يوم الخميس بأن الوقت للحديث عن تغير المناخ ليس الآن.
التعليق:
لا يقتصر الأمر على أن تغير المناخ يحدث بالفعل، كما يقر العلماء الغربيون، بل يجب أيضا القبول بأن النظام الاقتصادي الغربي الرأسمالي هو المسؤول الكامل عن تغير المناخ، من خلال التصنيع غير المنضبط الذي يغذي الاستغلال غير المستدام للموارد الطبيعية، وانبعاث مستويات لم يسبق لها مثيل من التلوث في الهواء والمياه والأرض، وتدمير كلٍّ من الصحة والبيئة.
وحتى قبل تغير المناخ، فقد ثبت أن النظام الاقتصادي الرأسمالي هو قوة مدمرة فريدة جلبت البؤس لمئات الملايين من خلال الاستغلال الاستعماري العالمي للعمالة والموارد؛ فإن الاستعمار الاقتصادي لا يزال قائما على الرغم من الجلاء الشكلي للإمبراطوريات الغربية. فالثروات الواسعة من هذا الاستغلال لا تعود إلا على النخبة الغربية؛ فإن الفقراء في الغرب يعملون لساعات طويلة، ولكنهم لا يزالون تحت عبء الديون الشخصية الثقيلة على الرغم من مستوى المعيشة الذي هو متدن للغاية بالمقارنة مع النخبة الغربية. فهي حياة مادية لزيف مضلل حيث كل شيء يبدو لطيفا في الظاهر ولكن مرارة طعمه مؤلمة.
الإسلام لا يعارض نظام السوق. وبالفعل، فقد ناقشت المنحة الإسلامية آثار العرض والطلب منذ أكثر من ألف عام، حيث يحظر الإسلام تدخّل الحكومة في التسعير، ويترك ذلك لتقدير السوق وحده. ومع ذلك، فإن خطأ الرأسمالية هو الخلط بين مبادئ السوق والحرية الاقتصادية، وهو ما يعارضه الإسلام تماما. يجب على الإنسان أن يعيش حياته ليس وفقا لمبدأ الحرية وإنما وفقا لمبدأ المسؤولية. يقول الله تعالى في سورة البقرة: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾. فالخليفة مسؤول عما تُرك له، سواء أكان هذا المصطلح يستخدم لرئيس الدولة، أم لفرد رجلاً كان أو امرأة. كما يقول عز وجل: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.
فالإنسان ليس حرا يفعل ما يشاء في هذا العالم. فيجب على الإنسان أن يتحمل المسؤولية تجاه كل ما أعطي له، سواء في البيئة، أو فيما يتعلق بنفسه، فسوف يحاسب عن كل هذا.
وعلى النقيض من ذلك، فإن المفهوم الغربي للحرية يطلق العنان لجميع رغبات الإنسان دون تحفيز ضبط النفس. جشع الأقوياء، وواسعي الحيلة، والأذكياء أثبت أنه من الصعب جدا على النظم الغربية الاحتواء؛ بل إن هذه الأنظمة التي صنعها الإنسان تصبح مستعبَدة للنخبة، وقوانينها توضع وفقا لمصالح النخبة.
ومن بين الدول الغربية، تشعر أمريكا بالانزعاج بشكل خاص من مناقشة تغير المناخ، كما يمكن أن يُرى في رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاتفاقية باريس للمناخ. والسبب في ذلك هو الاعتماد الشديد للنخبة الرأسمالية الأمريكية على الثروة النفطية، وخوفهم من أن مناقشة تغير المناخ تهدد ذلك. فالقوة الاقتصادية ليست مجرد نتيجة للإنتاجية المحلية؛ فهي ترتبط ارتباطا وثيقا بالسيطرة على الموارد الطبيعية. فانقطاع صناعة النفط يضرب أساس القوة الاقتصادية الأمريكية. وجاء الالتزام السابق باتفاقية باريس بشأن المناخ في حكم أوباما فقط بعد أن أعاد تشكيل المناقشات الجارية للدعوة إلى بذل جهود طوعية فقط، مع تقاسم عبء حل مشكلة تغير المناخ على نطاق أوسع بين بلدان العالم الأخرى. ومع ذلك، رُفض حتى هذا الاتفاق المخفَّف كثيرا من قبل ترامب.
لقد هيمنت الرأسمالية والغرب الليبرالي العلماني على العالم على مدى ما يقرب القرنين الأخيرين. ولذلك، نجحت هذه الأيديولوجية في نشر الفساد بكل شكل يمكن تخيله في كل ركن من أركان العالم، في حين إن دعايتهم تجعلك تعتقد بأن الإنسان لم يحقق أبدا مستوى التقدم القائم اليوم!
بإذن الله، فإن إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة أصبحت وشيكة، والتي بموجبها سوف يكون الإنسان مرة أخرى مندفعا للعمل مع ضبط النفس والمسؤولية تجاه نفسه، وبني الإنسان، وبيئته الطبيعية، موظِّفةً التقدم في التكنولوجيا لتحقيق الرخاء على نطاق واسع للجميع كما حدث في ظل دولة الخلافة في الماضي.
فائق نجاح