خلاصة لورقة العمل التي أعدها حزب التحرير حول الاستشارة لتنظيم عمل الأحزاب السياسية بتونس
نظّمت يوم الثلاثاء 12/09/2017 وزارة العلاقة مع الهيئات الدّستوريّة ومنظّمات المجتمع المدني وحقوق الانسان ما سمّته استشارة وطنيّة من أجل مراجعة مرسوم عدد87 لسنة 2011 المنظّم للأحزاب السياسيّة، ومن أجل ذلك دعت الوزارة الأحزاب السياسيّة. غير أنّ برنامج الاستشارة كان مخصّصا في أغلبه لمداخلات من اقتراح الوزارة ولم تخصّص للأحزاب السياسيّة غير دقيقتين لكلّ حزب، والأصل أنّ الاستشارة الجدّيّة تقتضي أنّ المستشير يدعو المستشار ليسمعه غير أنّ الوزارة دعت الحزاب السياسيّة لا لتَسْمَعَ منها بل لتُسمِعَها محاضرات. ولو كانت الوزارة جادّة في استشارتها لدعت الأحزاب لتسمع منها كأن تطلب من كلّ حزب مقترح ورقة عمل يقدّم خلاصتها ممثّل الحزب ثمّ تكون المناقشات بين الأحزاب وبين الوزارة في قضايا رئيسة ومن ثمّ تخرج بنقاط واضحة.
وبهذه المناسبة دعي حزب التحرير ولاية تونس إلى هذه الاستشارة فأعدّ ورقة مكتوبة وزّعها في نهاية اللقاء على الحاضرين كما قدّمها ممثّل الحزب “خبيب كرباكة” إلى الوزير مهدي بن غربية .
وفيما يلي خلاصة ما جاء في ورقة العمل: تناولت الوقة نقطتين رئيستين الأولى تتعلّق بالسياق السياسيّ أمّا النّقطة الثانية فتتعلّق بالحكم الشرعي من الإسلام الذي يتّخذه حزب التحرير أساسا في عمله السياسيّ:
- النقطة الأولى تناولت الورقة السياق السياسي لهذه الاستشارة خصوصا ولوضع التشريعات في تونس عموما،
اتسم العمل التشريعي في تونس دستورا وقوانين بالتدخل الفاضح للجهات الغربيّة الاستعماريّة في اغلب التشاريع وخاصة في وضع الدّستور التونسي، الشيء الذي أفقد البلد مرتكزاتٍ ثلاثة فيها استقلاله وعزّته وكرامته:
– السيادة للشرع: حرمنا هذا الدّستور أن يكون الإسلام وحده هو المقرِّر للمصلحة والمحدّد للحقوق والواجبات
– السلطة بيد الأمّة: حرمنا الدّستور من اختيار حاكم يحكمنا بشرع الله وبدل ذلك جعل الأحزاب هي المتحكّمة تحكمنا حسب مصالحها وأهوائها
– أمان المسلمين بأيديهم: فلا يوجد في هذا الدستور ما يؤكّد شوكة الدولة
هل يشذّ قانون الأحزاب عن قاعدة التدخّل الغربي الاستعماريّ؟
المسألة أكبر من أن تكون مجرّد تنظيم للحياة السياسيّة، المسألة تتعلّق بالوضع الدّولي ككلّ فالدّول الغربيّة أمريكا وأوروبا تهيمن على العالم منذ القرن الماضي لكنّ الشعوب الإسلاميّة بدأت ثورة على هذا النّظام الاستعماري العالمي فأسقطت حكاما وبدا لوهلة أنّ الشعوب الإسلاميّة بدأت تتحرّر غير أنّ الغرب ما كان ليسلم البلاد إلى أهلها دون أن يُحارب أو يحاول الهيمنة من جديد عبر وجوه جديدة أو قديمة وفي هذا الإطار وحده نفهم الحرص على إيجاد قانون جديد للأحزاب، وإلّا فما الدّاعي إلى قانون جديد؟ هل توجد مشكلة في تكوين الأحزاب السياسيّة؟ نعم بلغ عدد الأحزاب المصرح لها بالعمل القانوني 208 حزبا لكنّها لم تمثّل مشكلة عند النّاس فلم العجلة في إيجاد قانون جديد للأحزاب؟
إذن فالغاية الحقيقيّة من مراجعة المرسوم عدد 87 لسنة 2011 هي وضع قانون جديد لن يُرخّص لحزب بالعمل إلا إذا كان مشابها للسلطة أو متماهيا معها. وفي هذا تناقض أصليّ مع فكرة التعدّديّة يجعلها تعدّديّة شكليّة لا قيمة لها قد لا تنتج الحزب الواحد لكنّها تُنتج اللّون الواحد (مع تدرّجات لا تغيّره)، وتُصبح المنافسة بين الأحزاب لا في البرامج والمشاريع وإنّما تنازع على المناصب ومراكز النّفوذ مثلما يحصل معنا اليوم في تونس.
- النقطة الثانية: بيان الحكم الشرعي في التنظّم الحزبي أي رأي الإسلام الذي يقوم حزب التحرير على أساسه
إنّ إقامة حزب على أساس الإسلام فرض كفاية على المسلمين وعمل هذا الحزب الدّعوة إلى إقامة الإسلام (في حال لم يكن للمسلمين دولة) ومحاسبة الحكّام بالإسلام. وبالتّالي فليس المسلمون مخيّرين في الاشتغال بالسياسة بل هو فرض عليهم، وليس لكائن من كان أن يمنع فرضا فرضه الله على عباده وليس لكائن من كان أن يضع من عنده قيودا وشروطا على هذا الفرض.وبما أنّ قانون الأحزاب المزمع وضعه منبثق من دستور وضعيّ مفروض من الدّول الغربيّة، وبما أنّ الدّستور يجعل الإسلام مفصولا عن السياسة والحياة العامّة فإنّ هذا القانون لا وزن له عند المسلمين ولا ينبغي النّظر إليه أو اعتباره أصلا، ومن سنّ قانونا يعطّل فرضا فرضه الله على عباده أو يضع عليه شروطا أو شارك فيه أو رضي به فإنّه يكون صادّا عن سبيل الله يبغيها عوجا، ويكون قد ساهم في الحرب على الإسلام والمسلمين وسواء في ذلك العالم والجاهل.
الخلاصة:
- حزب التّحرير حزب سياسيّ يشتغل بالسّياسة يرفض دستور التّأسيسيّ العلمانيّ لأنّه يناقض كتاب الله وسنّة رسوله الكريم صلّى الله عليه وسلّم ولا يرى دستورا غير كتاب الله تعالى وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم ويرى أنّ كلّ قانون وضعه البشر ومنه هذا القانون المنظّم للأحزاب السياسيّة معصية لله تعالى لأنّه ينبثق عن دستور وضعيّ،
- لا يرى حزب التّحرير أنّ المرسوم الحالي المنظّم للأحزاب يحتاج إلى تعديل بل تجب إزالته وإزالة الدّستور وكلّ القوانين الوضعيّة القاصرة الفاسدة، وأنّ القانون المزمع وضعه لن يكون إلا ثمرة مرّة نكدة من ثمرات دستور علمانيّ موضوع بالإكراه وكلّه آثام.
- القانون المزمع وضعه ليست الغاية منه تنظيم الحياة السياسيّة بل وضع قيود على الأحزاب التي تجعل أساسها الإسلام وهدفها إقامة أحكام الإسلام. يعني أنّ غايته أن يقيم غطاء قانونيّا لفصل الإسلام عن السياسة والحياة العامّة