خلفية قطع المغرب علاقاته مع إيران بتهمة دعمها لجبهة البوليساريو

خلفية قطع المغرب علاقاته مع إيران بتهمة دعمها لجبهة البوليساريو

أعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة يوم 2\5\2018 أن ” المملكة المغربية ستقطع علاقاتها مع إيران بسبب دعم طهران لجبهة البليساريو التي تسعى لاستقلال الصحراء المغربية”. وأعلن للصحافيين أن “المغرب سيغلق سفارته في طهران وسيطرد السفير الإيراني في الرباط”. وقال :” إن إيران وحليفتها اللبنانية “جماعة حزب الله الشيعية” تدعمان البليساريو بتدريب وتسليح مقاتيليها عن طريق السفارة الإيرانية في الجزائر”. ” هذا القرار جاء كرد فعل أكيد على تورط لإيران من خلال حزب الله مع جبهة البليساريو ضد الأمن الوطني ومصالح المغرب العليا .. وإن مسؤلا في حزب الله في سفارة إيران بالجزائر كان ينسق مع مسؤولي حزب الله وجبهة البليساريو وهذا لا يمكن أن يكون دون علم الجمهورية الإسلامية الإيرانية.. وإن مسؤولين كبارا من حزب الله زاروا تندوف (مقر جبهة البليساريو على الأراضي الجزائرية) في عام 2016 لالتقاء مسؤولين عسكريين في البليساريو.. وأكد أن حزب الله أرسل صواريخ جو من طراز سام 9 وسام 11 وستريلا هذا الشهر إلى البليساريو”.  وقال إنه “عاد للتو من إيران بعدما أبلغها بقرار المغرب قطع العلاقات وأن السفير المغربي لدى طهران عاد بالفعل إلى المغرب، وأن القائم بالأعمال الإيراني سيطرد يوم الثلاثاء على الفور” وأكد أن بلاده “تملك أدلة على تمويل قياديين في حزب الله للبليساريو، وتدريب عناصر من الجبهة”. ومع أن هذا الحزب وهذه الجبهة ردا بالنفي علاقاتهما السرية وكذبا ذلك.

إنه من الأكيد أن إيران تستعمل حزبها في لبنان في مهمات قذرة في المنطقة، وقد أعلن هذا الحزب ارتباطه بإيران بصورة رسمية، وإيران تدعمه بصورة علنية، وهي تدور في الفلك الأمريكي فتسير ضمن الإطار الأمريكي، وتقوم بالأعمال السياسية ضمن هذا الإطار خدمة لأمريكا مقابل أن تحقق لها مصالح قومية في المنطقة كما أعلنت إيران، وقد أعلنت على لسان مسؤوليها من رفسنجاني إلى محمد أبطحي إلى أحمدي نجاد أن إيران هي التي عملت على ضمان الاستقرار في أفغانستان والعراق، ولولا إيران لما تمكنت أمريكا من الاستقرار في هذين البلدين.

 وهي منذ سبع سنوات تعمل على المحافظة على النظام العلماني السوري برئاسة بشار أسد. فهذا النظام أولا نظام كفر وظالم إلى أبعد الحدود، فهي تحافظ عليه وتحول دون سقوطه هي وحزبها وميليشياتها المتعصبة، فهذه وصمة عار كبيرة على جبينها أن تحافظ على نظام كفر وتحارب مسلمين يسعون لإقامة حكم الإسلام بدلا من أن تتعاون معهم لإقامته لو كانت عندها ذرة صدق. وثانيا هي تحارب من أجل الحفاظ على عميل لأمريكا عدوة الإسلام وهو بشار أسد، وهو أيضا حليف لروسيا عدوة الإسلام الثانية فكيف يتصور ذلك؟! هل يعقل أن من يدّعي الإسلام أن يقوم بذلك؟! فإذن هي تتخذ الإسلام غطاء ولا تطبقه لا في الحكم؛ فهي نظام جمهوري على الطراز الأمريكي، ولا تطبقه في الاقتصاد؛ فتتبع المنظومة الاقتصادية الرأسمالية، ولا تطبقه في السياسة الخارجية؛ فهي تعلن أن سياستها الخارجية تقوم على المصالح القومية الإيرانية، وهي عضو في الأمم المتحدة فتقبل بالمنظومة الرأسمالية الدولية وقيادة الدول الرأسمالية للعالم والقواعد والقوانين الدولية التي استندت إلى أسس رابطة الدول النصرانية التي تشكلت عام 1648 لمواجهة الفتحوات الإسلامية التي كانت تقوم بها دولة الخلافة الإسلامية. فطورت هذه القواعد والقوانين على تلك الأسس.

وهيئة الأمم المتحدة تقر الحدود التي رسمها المستعمر لتقسيم البلاد الإسلامية وتحافظ على هذه الحدود، وهي التي أقرت كيان يهود واعترفت به وحافظت عليه، وهي التي تصدر القرارات الدولية عن طريق مجلس الأمن للتدخل الدولي في البلاد الإسلامية ولمنع تحررها ومحاربة أهل البلاد الساعين للتحرير وكذلك الساعين لتحكيم الإسلام، وكذلك هي عضو في رابطة التعاون الإسلامي التي تقر تقسيمات البلاد الإسلامية وتحافظ على هذه التقسيمات الاستعمارية، بل تنفذ السياسات الاستعمارية وخاصة الأمريكية فهي مسيّرة أمريكيا، ولهذا فالنظام الإيراني لا يختلف عن أي نظام في أي بلد من البلاد الإسلامية.

وقد تأكد سير النظام الإيراني في الفلك الأمريكي منذ اتصال الأمريكان بمؤسسه الخميني حيث اعترف الأمريكان باتصالهم بالخميني ودعمهم له منذ الستينات في القرن الماضي، واعترف أول رئيس جمهورية لإيران وهو بنو صدر بعلاقة الخميني والنظام بأمريكا. وما تفعله إيران حاليا في سوريا من قتل وتدمير وتهجير للمسلمين ودعما للنظام العميل وتحالفا مع الكافرين الروس، وكذلك في العراق وأفغانستان حيث دعمت وما زالت تدعم النظامين العميلين لأمريكا، وفي اليمن حيث تدعم جماعة الحوثي الموالية لأمريكا، وقد مهدت لها أمريكا السيطرة على صنعاء ومناطق كثيرة من اليمن عن طريق خداع مبعوث الأمم المتحدة عميل أمريكا جمال بن عمر للنظام اليمني برئاسة هادي الذي اعترف بالخدعة. وكذلك في البحرين حيث تتصل أمريكا بأتباع إيران بصورة علنية وتنسق معهم وتقدم الدعم لهم.

فإذا كان هذا هو واقع إيران فلا يستبعد أن تقوم وتدعم جبهة البليساريو التي أسستها أمريكا وتسيرها لبسط النفوذ في المغرب، وتستعمل حزبها اللبناني في هذه المهمة القذرة. فالنظام المغربي سياسته أوروبية وولاءه لبريطانيا خاصة. فقد عملت أمريكا على إسقاط النظام بمحاولات إنقلابية على ملك المغرب السابق الحسن الثاني. ولم تفلح، فعندما انسحب المستعمرون الإسبان من الصحراء المغربية وسلموها للمغرب دعما للملك بسبب علاقته الجيدة مع الأوروبيين، لم يعجب ذلك الأمريكان فبدأوا بالعمل على هذا الوتر، فطرحوا مسألة الصحراء على الأمم المتحدة فتبنتها المنظمة وأصدرت القرارات الدولية بشأنها، وما زالت تصدرها، وتجتمع من أجلها، وأوجدوا جبهة البليساريو حتى يكون مبررا لأمريكا أن هناك من يطالب باستقلال الصحراء.

وكان مجلس الأمن قد أصدر يوم 27\4\2018 قرارا يتعلق بالصحراء المغربية يقلص فترة ولاية بعثة الأمم المتحدة من سنة إلى ستة أشهر، وهذا ليس مكسبا للمغرب كما تصوره البعض في المغرب، بل هو قرار ضد المغرب، إذ المقصود منه تحريك مسألة الصحراء كل نصف سنة بدلا من سنة. فتكون هذه المسألة حاضرة للتآمر الدولي، أي تآمر الدول الكبرى الاستعمارية. وهكذا سوف يقوم الأمين العام للأمم المتحدة غوتيرس ومبعوثه الشخصي هورست كوهلر ورئيس بعثة المينورسو كولين ستيوارت باعداد تقرير حول وضع ما يسمى حقوق  الإنسان في الصحراء المغربية خلال نهاية شهر أكتوبر القادم، كما يرد في كل تقرير أن هناك انتهاك لحقوق الإنسان، أو بصورة ملطفة يجب المحافظة على حقوق الإنسان في الصحراء! وليجتمع بعدها مجلس الأمن وليصدر قرارا جديدا أو تعديلا على قراراته السابقة ليزيد الضغط على المغرب حتى يتفاوض مع جبهة البليساريو العميلة تحت مسمى الدعوة للحوار بين الأطراف المتنازعة وحل مسألة الصحراء. وهكذا جاء اجتماع مجلس الأمن الأخير بعد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، فأدان انتهاكات حقوق الإنسان، أي أنه يتهم المغرب الذي يعمل على القضاء على التمرد المدعوم من المستعمرين يتهمه التقرير بانتهاك حقوق الإنسان! فعليه ألا يحارب الانفصاليين ولا يضيق عليهم بل يجب عليه أن يحترمهم ويفاوضهم ويسلمهم الصحراء ليشكلوا عليها جمهورية عربية منفصلة!! هذا لسان حال أمريكا ومجلس الأمن.

إن قبول تدخل مجلس الأمن معناه تدويل المسألة، ومعناه التدخل الدولي وفرض القرارات الدولية وإرادة الدول المستعمرة على الدولة التي قبلت ذلك. وهذا لا يعد نصرا للمغرب، فعليها أن ترفض أي قرار دولي، وتصر على أن هذه الصحراء قضية داخلية، وألا يتدخل بها أحد، وترفض كل قرارات مجلس الأمن. بل على المغرب أن يعلن انسحابه منه وتفضح سياساته؛ أنه يسعى لفصل جزء من المغرب ويدعم الانفصاليين، فهي قد قطعت علاقاتها بإيران لأنها تدعم هؤلاء الانفصاليين، فلماذا لا تقطع علاقاتها مع من يدعم الانفصاليين بصورة سياسية بشكل علني وخطير؟! فأمريكا تدعمهم بصورة سياسية عن طريق الأمم المتحدة، فهي التي تثير مسألتهم تحت مسمى حقوق الإنسان وتقوم بأعمال سياسية تمهد لفصل الصحراء ودعم الانفصاليين.

فالمغرب بلد إسلامي لا يجوز العمل على تجزئته، بل يجب العمل على توحيده مع كافة البلاد الإسلامية الأخرى وجعله ضمن دولة واحدة لجميع المسلمين تحكمهم بالإسلام، ألا وهي دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ولا سبيل للمغرب ولا لغيرها من البلاد الإسلامية غير هذه السبيل، وهذه هي سبيل المؤمنين، وتتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة في السياسة والحكم وفي كل عمل من أعمال الدنيا والآخرة.

” ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا” (النساء 115)

بقلم: أسعد منصور

CATEGORIES
TAGS
Share This