دولة الاستقلال المزعوم في تونس والسياسات العمياء المدمّرة
الخبر:
كشف تقرير للأمم المتحدة صدر حديثاً أنّ شخصاً واحداً يهاجر من تونس كلّ 131 دقيقة، فيما يرتفع حاصل الهجرة اليومي في البلاد إلى 11 شخصاً، مرجّحاً أن تعيش تونس على وقع تهرّم السكان بعد ثلاثة عقود. وبيّن التقرير أنّ البلاد ستعاني من صافي الهجرة السلبية سنوياً، وأنّ معدل الإنجاب لن يتجاوز 2.2 مولود لكلّ امرأة في العقود الثلاثة المقبلة، مؤكداً أنّ هذَين العاملَين سيستمرّان ويسبّبان تخفيض معدّل النمو السكاني حتى يصل إلى صفر، علماً أنّ عدد السكان يبدأ بالانخفاض بعد عام 2058.
التّحرير:
المهاجرون هم القوّة الحيّة التي تفقدها البلاد يوميّا، تونس تنزف وتفقد قواها بسبب تسلّط العلمانيين عليها وبسبب السياسات العمياء التي فرضت ففي ستينيات القرن الماضي، قدّمت الحكومة التونسية أوّل برنامج لتحديد النّسل في أفريقيا للحدّ من النمو السكاني من أجل تحسين التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
ولكن هل تحسّنت التنمية؟
بل على العكس فكلّ المؤشّرات تؤكّد أنّ السياسات الاجتماعية والاقتصادية فشلت ولم تزدد تونس إلا فقرا، وسيتحوّل هذا النقص الدّيمغرافي إلى أزمة بدأت بوادرها مع أزمات الصّناديق الاجتماعيّة، التي بدأت تعجز عن سداد رواتب المتقاعدين، وتفاقمت الأزمة مع صندوق التأمين على المرض لأنّ التهرّم السّكّاني يحتاج إلى مزيد العناية الصّحيّة المفقودة أصلا.
لقد سار العلمانيّون وراء نظريّات اقتصاديّة رأسماليّة تزعم أنّ النّموّ السكّاني يعرقل التّنمية ويزيد الفقر، اتّبعهم بورقيبة ومن معه ومن جاء بعده إلى اليوم، وقد فاتهم أنّ نمو السكان إذا أحسنت رعايته يساعد في النمو الاقتصادي وليس يضعفه، فالدول في أوروبا واليابان تستورد العمالة والمهاجرين للتعويض عن ضعف النمو السكاني لتنمية اقتصادها. فهل اتّعظ السياسيّون عندنا؟ هل بدؤوا بوضع استراتيجيّات للحدّ من نزيف الهجرة هل وضعوا أنظمة لاحتضان القوى الحيّة من أجل التنمية كما يزعمون؟
السياسيّون في تونس يواصلون الاتّباع الأعمى لـ”نصائح” السيّد الأوروبي، فيدفعون بالكفاءات إلى الهجرة بل يُجهّزونها لتهاجر (انظر مثلا نزيف الأطبّاء والمهندسين، في السنوات القليلة الماضية هاجر 39 ألفا من المهندسين، وأكثر من 9 آلاف طبيب). وفي المقابل مازالوا يصرّون على جلب الاستثمارات الأجنبيّة أي شركات عابرة للقارات باحثة عن يد عاملة رخيصة، فاهتمّت الدّولة في تونس بتكوين عمّال ماهرين قادرين على تلبية طلبات الشركات الأجنبيّة التي لم تأتي بالشّكل المنتظر أو الموعود فكانت النتائج كارثة بل مصيبة مئات الآلاف من حاملي الشّهادات العاطلين بل المعطّلين، الذين لم تترك لهم السّلطة والنّظام في تونس إلا الهجرة ولو كانت سرّا ولو كانت نوعا من الانتحار.
هذه هي تونس وأزماتها التي سببها عقول مظلمة لا تُحسن إلا التبعيّة لأوروبا ولأفكار أوروبا.
CATEGORIES خبر وتعليق