رحل الجميع وبقي ترامب منفردا: صورة تلخص نهاية عهد التفرد الأمريكي
استقالة “بانون” من البيت الأبيض، خبر تداولته العديد من وسائل الإعلام هذا الأسبوع، ولكن لا يجب أن يقف الخبر عند مغادرة كبير المستشارين الإستراتيجيين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب المثير للجدل “ستيف بانون” للبيت الأبيض وتقديم استقالته يوم الجمعة الثامن عشر من أغسطس/آب/أوت 2017، بل لا بد أن نعيد لذاكرة المتابعين للشأن السياسي الدولي ولسياسة الإدارة الأمريكية في عهد ترامب، أن هذا المستشار يأتي في المرتبة 12 على قائمة المغادرين للبيت الأبيض خلال 7 أشهر فقط، وهو رقم قياسي في تاريخ الإدارة الأمريكية ينبئ بأن التغيير القادم سيطال الرئيس نفسه بعد أن صارت سياسته المتعجرفة تتلخص في كلمة “أنت مطرود”.
أما عن أهم المغادرين للبيت الأبيض، فهم كما يلي:
- مايكل فلين مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، استقال في شباط/فبراير 2017، إثر فضيحة اتصالات مع روسيا. وكان قد واجه آنذاك اتهامات بمناقشة موضوع العقوبات الأمريكية مع السفير الروسي في الولايات المتحدة قبيل تولي ترامب مهام الرئاسة.
- شون سبايسر المتحدث باسم البيت الأبيض، وكان قد قدم استقالته في 21 تموز/يوليو/جويلية الماضي، بعد أن عين الرئيس دونالد ترامب أنطوني سكاراموتشي في منصب مدير الاتصالات في البيت الأبيض.
- أنطوني سكاراموتشي قرر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إقالة مدير الاتصالات الجديد في البيت الأبيض، أنطوني سكاراموتشي، من منصبه بعد عشرة أيام فقط على تعيينه.
- رينس بريبوس في نهاية شهر تموز/يوليو/جويلية 2017 أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب إقالة أمين عام البيت الأبيض رينس بريبوس، من منصبه، وتعيين وزير الأمن القومي، الجنرال جون كالي مكانه، وبذلك أصبح بريبوس المسؤول الرابع الذي يغادر منصبه في إدارة ترامب خلال ستة شهور.
- الإعلان عن إقالة بريبوس جاء بعد أسبوع متوتر في البيت الأبيض، وقع خلاله خلاف بين بريبوس ومدير الاتصالات الجديد في البيت الأبيض، أنطوني سكاراموتشي، الذي لم يمض على تعيينه في المنصب أكثر من أسبوع. وكان سكاراموتشي قد ادعى، في الأيام الفائتة، أن بريبوس قام بتسريب أنباء ضده إلى الصحافة، ووصفه بأنه مصاب بـ“انفصام الشخصية وجنون العظمة”. وقبل شهرين، استقال مدير الاتصالات في البيت الأبيض، مايك دوبكي.
- مايكل شورت، شغل منصب مساعد السكرتير الإعلامي بالبيت الأبيض، وتقدم باستقالته من منصبه الشهر الماضي. وذلك بعد تردد أنباء وتسريبات صحفية حول اعتزام أنطوني سكاراموتشي مدير الاتصالات السابق بالبيت الأبيض إقالته.
- جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي)، في أيار/مايو/ماي الماضي، كان ترامب قد أقاله في تطور مفاجئ قائلًا إن كومي لم يعد قادرا على قيادة المكتب بفاعلية. وأضاف في رسالة إلى كومي نشرها البيت الأبيض “من الضروري أن نجد زعامة جديدة لمكتب التحقيقات الاتحادي تستعيد الثقة العامة في مهمتها الحيوية لإنفاذ القانون”.
هذا دون أن ننسى أيضا إقالة نائب مستشار الأمن القومي كاتي ماكفرلاند وعضو مجلس الأمن القومي رينش هيغينز.
كما تم يوم الأربعاء 16 أغسطس/آب/ أوت 2017 حل المنتدى الإستراتيجي السياسي للرئيس دونالد ترامب، والذي يعنى بالشأن الإقتصادي الأمريكي عبر إعطاء الإقتراحات المباشرة للرئيس للمساعدة في صياغة التوجهات الإقتصادية لأمريكا والرفع من نسب النمو، وهو منتدى يضم مجموعة متنوعة من أهم القادة ورجال الأعمال في أمريكا بمن فيهم الرئيس التنفيذي لشركة جي بي مورغان، جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك لاري فينك، الرئيس التنفيذي لشركة جنرال موتورز ماري بارا، والرئيس التنفيذي لشركة وول مارت دوغ ماكميلون.
وفيما يلي القائمة الكاملة لأعضاء المنتدى الذي وقع حله:
ستيفن شوارزمان، Blackstone
إندرا نويي، PepsiCo
دوغ ماكميلون، Walmart
جيمي ديمون، JPMorgan Chase
ماري بارا، General Motors
مارك واينبرغر، EY
لاري فينك، BlackRock
جاك ويلش، General Electric
بول أتكينز، Patomak Global Partners
أديبايو أوغونليزي، Global Infrastructure Partners
توبي كوسغروف، Cleveland Clinic
ريتش ريتش، Boston Consulting Group
جيم ماكنيرني، Boeing
كيفن وارش، Hoover
دانيال يرجين، IHS Markit
جيني روميتي، IBM
وقبل ذلك بأسبوع، غادر الثلاثي التالي هذا المنتدى:
بوب إيغر، Disney
ترافيس كالانيك، Uber
إلون موسك، Tesla
وهكذا، رحل الجميع وبقي ترامب منفردا…
إنها صورة تلخص نهاية عهد التفرد الأمريكي، وتؤكد ما جاء على لسان الباحث المختص في السياسة الخارجية الأميركية، وأستاذ البحث العولمي في «جامعة نيويورك» “إيان بريمر” حين تحدث عن الأزمة المالية التي شهدها العالم عام 2008 وما تبعها من تداعيات بلورت للمرة الأولى حسب رأيه نهاية النظام العالمي القائم على التفرد الأميركي في قيادة الاقتصاد المعولم، وذلك ضمن كتاب له صدر سنة 2012 بعنوان: عالم بلا قيادة…
هذا الباحث بل السياسي الأمريكي، نجده يقود اليوم عبر مجموعة “أوراسيا” التي يرأسها ويديرها مسارا جديدا لما بعد عهد التفرد الأمريكي، يحاول أن يرسم من خلاله عالما قائما على التشاركية واقتسام الغنائم من أجل الحفاظ على البقاء أمام ظهور قوى إقليمية ودولية صاعدة، ويبدو أن عددا لا بأس به من رجال الأعمال في أمريكا قد التقت مصالحهم مع هكذا أفكار وتوجهات، مادام بقاء الشركات المتعددة الجنسيات صار رهينة قرار التخلي عن سياسة الهيمنة الأمريكية الموعودة بأزمة مالية أعنف من سابقاتها، والرضوخ لمتطلبات الواقع الرأسمالي عالميا، خاصة فيما بعد سنة 2008.
بل إن سحب البساط من تحت أقدام المدافعين عن سياسة الهيمنة والتفرد لم يكن ليتحقق بهذا النسق لولا صعود ترامب إلى سدة الحكم، وتحقيق مكاسب قياسية عبر الجزية التي دفعها عملاء أمريكا، ثم تركه وحيدا بهذه السرعة.
وهكذا، يغمض الجميع أعينهم عن حقيقة فساد النظام الرأسمالي وعجزه عن قيادة البشرية، فيحصره الرأسماليون الجدد في عجز الحكام السابقين عن بناء النموذج الإقتصادي المطلوب، وبالتالي في عجز الأشخاص دون النظام، مع أن الواقع يثبت عكس ذلك.
للعالم أجمع نقول، أن القيادة الرشيدة التي ستخلص البشرية من جشع الرأسمالية وتوحشها، هي القيادة التي ستحكم دولة الخلافة قريبا بإذن الله، وتعيد رؤساء الدول في الغرب إلى حجمهم الطبيعي أمام بقية شعوب العالم، كي يتسنى نشر الخير والعدل في ربوع الأرض.
نسأل الله أن يعجل بنصره ويمكن هذا الدين ليظهره الله على الدين كله ولو كره الكافرون.
وسام الأطرش