وسط جدل كبير وسخط عام من قبل التونسيين, عقد الاتحاد العام التونسي للشغل، الخميس, بأحد نزل مدينة سوسة مؤتمرا إستثنائيا مخصّصا لتمديد عهدة مكتبه التنفيذي وعلى رأسه أمينه العام نور الدين الطبوبي واستمر حتى الجمعة, رغم قرار الحجر الجهوي الشامل في مدينة سوسة وما تشهده من تفشي خطير لوباء كونا.
ولم يقبل الاتحاد تأجيل مؤتمره الاستثنائي في مدينة سوسة، التي تخضع لحجر صحي شامل وتمنع فيها السلطات التجمعات والتظاهرات بكافة أشكالها، حتى يوم 11 جويلية بسبب الزيادات الكبيرة في أعداد المصابين بفايروس كورونا، والتي بلغت أقصاها الثلاثاء لتناهز 10 آلاف إصابة جديدة على المستوى الوطني.
وكان المدير الجهوي للصحة بسوسة قد طالب يوم الأربعاء 7 جويلية والية الجهة بتأجيل مؤتمر الاتحاد كاشفا في مراسلة تم تداولها عبر موقع التواصل الاجتماعي تسجيل اخلالات في علاقة بتنظيم المؤتمر وتسجيل 6 تحاليل ايجابية من مجموع 30 تحليلا سريعا لتقصي كورونا محذّرا من بداية تحوّل مكان انعقاد المؤتمر إلى بؤرة لتفشي عدوى فيروس كورونا.
والغريب أن الطبوبي في كلمة افتتاحه للمؤتمر، استنكر الحملات الرافضة لانعقاد المؤتمر بسبب الوضع الوبائي، معتبرا أن ”الحل الوحيد لسلامة المواطنين يتمثل في توفير اللقاحات وغير ذلك هو مجرد كلام إنشائي”، ومؤكدا أن ”الاتحاد هو قوة خير وبناء وروح وطنية ومسؤولية”.
وكانت النيابة العمومية قد أصدرت الأربعاء قرارا بمنع أشغال المؤتمر في أعقاب دعوى قضائية قام بتحريكها محام في سوسة، بعد كشف عدد من الإصابات بين المشاركين في المؤتمر.
وقال متحدث باسم محكمة سوسة إن وزارة الصحة منحت ترخيصا جديدا للاتحاد، ما يمكنه من تنظيم المؤتمر، لكنه سيخضع لمراقبة النيابة العمومية لمدى تطبيق البروتوكول الصحي.
هذا المؤتمر هو مؤتمر استثنائي غير انتخابي، الهدف منه هو تنقيح الفصل 20 من القانون الأساسي للاتحاد بشكل يسمح لأعضاء مكتبه التتفيذي بالتمديد أكثر من عهدتين نيابيتين. فالموضوع يتعلق فقط بمصلحة الطبوبي ومن معه في المكتب التنفيذي..
ولعل ما يطرحه إصرار اتحاد الشغل على انعقاد هذا المؤتمر في هذا الظرف الخطير وضربه بالإجراءات التي تفرضها السلطة وتُكرِه عليها عامة الناس عرض الحائط, أعمق من خرقه للإجراءات التي تعد في حد ذاتها أمرا جريمة في هذا الظرف الخطير باعتباره يستثني نفسه من الخضوع لهذه الإجراءات وفي ذلك تكريس للتمييز بين التونسيين باعتبار تطبيق القانون على طرف دون آخر ومعاقبة المخالفين للإجراءات وغض الطرف عن طرف دون آخر وهو أمر يزيد إثبات وهم القرارات التي تتخذها حكومة العار القائمة. ويرسخ يقين الناس في عدمية وجود الدولة بالمعنى الحقيقي للدولة الراعية للشؤون, والعادلة بين الجميع..
الحكومة الفاشلة الجائرة التي رخصت للطبوبي أن يخطب في أكثر من 600 شخص في قاعة مغلقة, تمنع خطيب الجمعة من أداء فرض عظيم من فروض الإسلام, وتحرص شديد الحرص على إغلاق المساجد غلقا شاملا )رغم التزام راود المساجد بالإجراءات الوقائية كاملة وبشكل تلقائي, ورغم عدم انتشار العدوى بين المصلين مثلما حصل في مؤتمر الإتحاد(. وتُجرّئ على دين الله كل من هب ودب, حتى وصلت الجرأة والوقاحة بأحد متعمدي هذه الحكومة إلى طلب إصدار فتوى بإلغاء عيد الأضحى.
حالة من الضنك الشديد والظلم المطبق على أهل تونس, تخنق أنفاسهم فوق وطأة الوباء, فتنذر بانفجار مرتقب في وجه هذه الفئة الحاكمة بأمر المستعمر الغربي وأياديه المفسدة, فهذه الحكومة وما لها من سلطة منصبة جميعها على منع إقامة شعار الدين الحنيف, لن تصمد أمام هبة الناس حينما تقوم بصوت واحد, طالبين الفكاك من قبضة المجرمين والفاشلين, والخونة الظالمين.
إن اعتراف الحكومة بعجزها ووصولها حدّ التباهي بهذا العجز بعد كيل إجراءاتها بمكيالين, واستهتارها الكامل بأرواح الناس ومصيرهم في وجه هذا الوباء منذ الأيام الأولى من ظهوره داخل البلاد, لا يجب أن يمر هكذا ويأخذ معه الأرواح وعذابات الناس وضنك حياتهم شهورا وسنينا بلا حساب.
فلم يعد الحديث اليوم عن فقدان الشرعية الأخلاقية لهذه السلطة أمرا ينتظره الشعب ليخبرهم به نواب المعارضة في البرلمان مثلا أو المنشقون عن الائتلاف الحكومي, أو أحد محللي التهريج والتهييج الإعلامي الخادم للمنظومة الحاكمة.., ذلك أنها سلطة فاقدة للشرعية منذ بداية تواجدها, وليست إلا بيدقا في رقعة اللعبة الديمقراطية المتحكم فيها من طرف المستعمر وسفراءه )وقد فصّلنا وبينّا هذا في عديد المقالات والمناسبات(, وإن أوكد الأمور وأولى أولويات الشعب ونخبه المخلصة اليوم هو التخلص من هذه السلطة ولفضها بكل مكوناتها التي تلبّست بالجرم المشهود, وعلى رأسهم من غالط الشعب وأعاد أمره وأمر حكمه إلى منظومة وضعية سامته سوء العذاب والإذلال على مدى عقود وثار عليها في لحظة تاريخية تمكن خلالها من الإدلاء بصوته والمطالبة الحقيقي في الشوارع وأمام شاشات الإعلام العالمي: “الشعب يريد إسقاط النظام”.
واليوم لا بد من موعظة وانتهاء, فلقد آن الأوان لتغير النظام الديمقراطي الغربي الجبري, والمطالبة بتركيز نظام الإسلام العظيم, وتنصيب قادة سياسيين منا وإلينا, يضيرهم ما يضيرنا ويسرهم ما يسرّنا.
قيادة سياسية واعية مخلصة ذات مشروع واضح منبثق عن عقيدة الغالبية العامة من أهل تونس تحقق التغيير المنشود، وتتحلى بالحس العالي بالمسؤولية في الرعاية الكاملة للناس باقتدار.
وإن هذا الأمر على اليسر بمكان, إذ ما على أهل تونس سوى الالتفات لهذا الأمر الواجب والعمل على نصرة القيادة السياسية الواعية المخلصة )حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله, والذي عملت المنظومة الحاكمة على تغييبه عن المشهد بمنعه من الظهور الإعلامي وقمع قياداته ومنعهم من الأعمال الجماهيرية( فهو القيادة التي تحمل المشروع الصحيح المستنبط من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد خبر التونسيون صدق مواقفه في كل المحطات الحاسمة, طيلة السنوات الفارطة, وهو يسير مع تونس والأمة الإسلامية جمعاء على بصيرة وفق طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في عملية التغيير ومن أجل إقامة الدولة الإسلامية، التي نحيا فيها تحت ظل الإسلام وفي ذلك عز المسلمين ونجاة للبشرية جمعاء.