سأقاضيهم يا أمي.. حتى وإن سامحهم الله فأنا لن أسامح..
بقلم أ : أميمة حسين
الخبر:
“لن أسامحهم… أوجعوني كثيرا يا أمي…”
” كل الأطباء أجمعوا أن لا مخاطر في العملية والنجاح مضمون فماذا حصل ؟؟ سأقاضيهم يا أمي.. حتى وان سامحهم الله فانا لن أسامح.. سأطلب حقي في العدل يا أمي.. أوجعوني كثيرا يا أمي.. مشرطهم مسموم ولامبالاتهم بأوجاعي قاتلة واستهتارهم بأوجاعي جريمة, وسخريتهم من تأوهي وإمضاؤهم على خروجي دون أي إجراء وقائي استهتار واكتفاؤهم بتقارير الأطباء المتدربين وتعاليهم فضاضة…
جزء من رسالة وجهتها التلميذة (غادة الوسلاتي) من حفوز تدرس في السنة التاسعة أساسي بالمدرسة الإعدادية النموذجية بالقيروان قبل وفاتها وبعد إجراء عملية جراحية على القلب وقد استعملت فيها معدات قديمة وتبعتها أوجاع وألام كبيرة.
التعليق:
إنّ هذه الحادثة الفظيعة والمؤلمة ليست إلاّ حالة من بين العديد من الحالات التي تطرق مسامعنا بشكل شبه أسبوعي. ورغم الاحتجاجات التي رافقت أحزان العائلات فإنّ السّلطة لا تكترث لصحّة العباد ولم تحرّك ساكنا حجّتها في ذلك أنّ الدّولة في أزمة اقتصاديّة وأنّ على من يريد العناية الكافية أن يتوجه للعيادات الخاصة, وهنا ندرك أنّ هذا الإهمال ممنهج للزّجّ بهذا القطاع إلى الخصخصة استجابة للاملاءات الخارجية.. فالنّاس وجدوا أنفسهم بين سندان الفقر ومطرقة المرض فهل هانت النّفس البشريّة إلى هذا الحدّ ؟ إنّ القلب ليحزن للأرواح التي تزهق بغير حقّ كلّ يوم في مستشفيات أقلّ ما نقول عنها دهليز يؤدّي في نهايته إلى القبر, فلا معدّات ولا أدوية ولا إطارات طبّيّة ولا نظافة ولا شيء يشي بوجود بعض من الحرص على صحّة الناس ولا على سلامة العاملين هناك حتى.
هذا هو حال الإنسان في هذه المنظومة التي لا تبالي بآلام النّاس وأوجاعهم وتقيم لخسارة الارواح والأنفس وزنا مثلما تزن الذهب والأموال وعليها تُقِيم الحروب, على عكس ما هو في النّظام الإسلاميّ, فالشّرع جعل الرّعاية الصّحّيّة من مسؤوليّة الدّولة فهي التي توفّر المستشفيات للأفراد مجانا بغضّ النّظر عن كونهم أغنياء أو فقراء, عملا بقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم “الإمام راع وهو مسؤول عن رعيّته ” ولأنّ الحفاظ على الصّحّة حاجة أساسيّة مثل الأمن والتّعليم والسكن, فالمشاكل الصّحيّة لا تخضع لحسابات الرّبح والخسارة, والإنسان لا تعادله أيّة كفّة, وما نحن عليه اليوم يدلّ دلالة واضحة على تعاسة هذه الحكومات المتعاقبة والعاجزة فعلا على توفير أبسط حاجيات النّاس. دون أن يصرحوا بذلك.