
شغور منصب السفير المغربي يعكس استمرار الأزمة بين الرباط وتونس
الخبر :
أكدت صحيفة **”هسبريس”** في تقرير لها بتاريخ **25 مارس 2025** أن تعيين المغرب سفيرها السابق في تونس، حسن طارق، في منصب دستوري جديد (“وسيط المملكة”)، يُرسخ استمرار الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، والتي تفاقمت بعد استقبال تونس زعيم “جبهة البوليساريو” إبراهيم غالي في قمة **”تيكاد 8″** عام 2022. واعتبر المغرب هذا الفعل “استفزازًا” يمس سيادته على الصحراء، ما دفعه لسحب سفيره وقطع المشاركة في القمة، مع امتناعه لاحقًا عن إرسال تهنئة بذكرى استقلال تونس كإشارة رمزية على عمق الخلاف.
كما كشف التقرير عن تحليل خبراء، أبرزهم **هشام معتضد** و**خالد شيات**، أن الجمود الدبلوماسي يعكس انحياز تونس الواضح للجزائر الداعمة للبوليساريو، في ظل أزمتها الاقتصادية وحاجتها للدعم الجزائري. كما أشار إلى أن المغرب يتبنى سياسة “الانتظار الاستراتيجي”، رافضًا تعيين سفير جديد حتى تُراجع تونس مواقفها، خاصة مع فقدان الأخيرة استقلالية قرارها السياسي. وفي المقابل، طالب الخبراء تونس بخطوات عملية لاستعادة التوازن في تحالفاتها الإقليمية، كشرطٍ لإنهاء الأزمة.
**المصدر:** [هسبريس – 25 مارس 2025](https://www.hespress.com/)
1التعليق :
السبب الظاهر: قضية الصحراء والتحالف مع الجزائر
اندلعت الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وتونس بعد استقبال الأخيرة زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، في قمة “تيكاد 8″ عام 2022، وهو ما اعتبرته الرباط انتهاكاً لسيادتها على الصحراء المغربية، و”عملاً خطيراً يجرح مشاعر الشعب المغربي” . وفسر المغرب هذا الموقف كدليل على انحياز تونس للجزائر، الداعم الرئيسي للبوليساريو، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها تونس وحاجتها للدعم الجزائري في الطاقة والتمويل . لم تكتفِ تونس بالحياد التقليدي، بل بدت وكأنها تدخل في محور معادٍ للمغرب، مما دفع الأخيرة إلى سحب سفيرها وقطع المشاركة في القمة، ثم تعميق القطيعة عبر مقاطعة الفعاليات الرياضية والاقتصادية .
السبب الجذري: إرث التقسيم الاستعماري وتفكيك الوحدة الإسلامية
وراء هذه الأزمة الظرفية، تكمن إشكالية بنيوية تتمثل في الأنظمة السياسية التي ورثتها دول المغرب العربي عن الاستعمار، والتي صُممت لضمان تفتيت الوحدة الجغرافية والهوية المشتركة. فالتقسيمات الحدودية، م مخلفات سايكس بيكو، رسخت كيانات هشة تكرس التبعية للخارج وتُضعف التكامل الإقليمي .بلاد المغارب الإسلاميي، الذي تجمعه روابط اللغة والدين والتاريخ، يُحكم بأنظمة تفضل التحالفات مع القوى الدولية أو الإقليمية على تعزيز الوحدة الإسلامية، التي كانت مصدر العزّة والسيادة أمس القريب في عهد حكم الإسلام والخلافة. اليوم، يبدو أن النخب الحاكمة تتبنى “دبلوماسية المصالح الضيقة”، متجاهلة إرادة الأمة في الوحدة والمنعة، وهو ما يفسر استمرار تجميد جميع سبل الوحدة المغاربية رغم التحديات الأمنية والاقتصادية المشتركة .
ختاماً، الأزمة ليست مجرد خلاف دبلوماسي، بل صراع بين إرث استعماري يُجزّئ الشعب الواحد، وإرادة أمّة تبحث عن هوية جامعة. فالعودة إلى “رابطة الإسلام” كأساس للوحدة والسيادة هي المخرج الوحيد لمواجهة التحديات الدولية التي تهدد وجود المنطقة وهويتها، بل تٌهدّد كامل بلاد العالم الإسلامي.